الإثنين, 12 مايو 2025

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

أحدث الاخبارفي ظلّ النظام الإيراني، الحصول علی السكن وسيلة رفاه للنخبة وكابوس للفقراء

في ظلّ النظام الإيراني، الحصول علی السكن وسيلة رفاه للنخبة وكابوس للفقراء

مواطنون یستأجرون سطوح المنازل للسکن

موقع المجلس:
في ظلّ النظام الإيراني، حتى المفهوم الأساسي لـ«السكن» قد خضع لتحوّل جوهري. فما كان يُعتبر يومًا حاجة إنسانية أساسية – سقف يؤوي الإنسان – بات اليوم أداة مالية، وامتيازًا للنخبة، وحلمًا بعيد المنال لغالبية الشعب.

طوال سنوات، أدّى السكن في إيران دورًا مزدوجًا: ليس فقط كملاذ للعيش، بل أيضًا كملجأ آمن لرأس المال. ففي بلدٍ يعاني من اضطرابات اقتصادية مزمنة، أصبح العقار – إلى جانب الذهب والعملات الأجنبية – أحد الوسائل القليلة المتاحة للأثرياء للحفاظ على قيمة أموالهم. وبالنسبة للنخبة الحاكمة والمقربين منها، لم يعد العقار استثمارًا فحسب، بل وسيلة للتحوّط من الأزمات الناتجة عن فشل النظام الإيراني في إدارة الاقتصاد.

في ظلّ النظام الإيراني، الحصول علی السكن وسيلة رفاه للنخبة وكابوس للفقراء

النوم في الشوارع في ایران

وفي المقابل، يختلف هدف الطبقات الفقيرة بشكل جذري: البقاء على قيد الحياة. لقد أصبح الحصول على مأوى بسيط – ولو كان صغيرًا أو بعيدًا عن مراكز المدن – غاية بحد ذاتها في سوقٍ عقارية تزداد استبعادًا للفقراء عامًا بعد عام. والنتيجة: تعريف «المنزل» في إيران يبتعد تدريجيًا عن واقع المواطن العادي.

وبحسب مجيد كودرزي، أحد الخبراء المرتبطين بالحكومة في مجال الإسكان، فإنّ الوضع بلغ مستوى من العبثية. يقول: «مدة انتظار العامل لامتلاك منزل من خلال المساعدات السكنية الحكومية تبلغ حاليًا 580 سنة». وخلال السنوات الثماني من حكم حسن روحاني، ارتفعت أسعار المساكن بنسبة تقارب 725%، في حين بلغ معدل التضخم العام 248%. وهذا يعني أن التضخم العقاري تجاوز التضخم العام بنسبة مذهلة بلغت 477%، علمًا بأنّ جزءًا كبيرًا من التضخم العام نفسه ناجم عن ارتفاع أسعار السكن.

ويضيف كودرزي أنّه لا توجد أي بوادر تحسّن حتى في عام 2025، قائلًا: «القروض السكنية التي تقدمها البنوك لا تكفي حاليًا لشراء سوى ستة إلى سبعة أمتار مربعة فقط من الأرض. لم يتبقَّ لدى الناس أي قدرة شرائية تُذكر».

مع انتخاب الرئيس بزشكيان، علّق البعض آمالًا على حدوث تغيير في سياسة الإسكان. لكن تَبيّن أن لا مبالاة الحكومة تزداد وضوحًا. فلم يصدر أي رد فعل رسمي تجاه الارتفاع الحاد بنسبة 41.5% في أسعار الإيجارات، كما لم يتم التعامل مع حقيقة أن نحو 30% من السكان يعيشون تحت ما يُسمّى بـ«فقر السكن».

يرى الخبراء أن أحد الحلول القليلة الممكنة يتمثّل في تخصيص الأراضي مباشرةً للمواطنين، نظرًا لأن الأرض تشكّل نحو 70% من التكلفة الإجمالية للسكن. غير أن مثل هذا التغيير الهيكلي لا يبدو واردًا في الأفق.

ليست أزمة السكن في إيران وليدة اللحظة. فمنذ أوائل العقد الماضي، اتّسم السوق العقاري بالتقلّبات والمضاربات وارتفاع الأسعار المستمر. ومع كل موجة ارتفاع جديدة، يُقصى مزيد من المشترين المحتملين من السوق بشكل نهائي.

غير أنّ جذور الأزمة أعمق من مجرّد نقص في البناء. إذ إنّ سوء الإدارة الاقتصادية على المستوى الكلي – لاسيما محاولات تثبيت سعر صرف العملة بشكل مصطنع في ظلّ تفشّي التضخم – دفع العديد من الإيرانيين إلى التوجّه نحو العقارات كوسيلة وحيدة لحماية رؤوس أموالهم. والنتيجة: تضخّم في الطلب، ونقص في العرض، وأسعار متصاعدة.

وليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها السوق هذا النمط. ففي عام 2007، على سبيل المثال، تضاعفت أسعار المساكن خلال سنة واحدة فقط، بسبب مزيج من المضاربات، وشح المعروض، والغموض الاقتصادي. الفارق اليوم هو في حجم الأزمة وعمق اليأس.

وتفاقم الوضع أيضًا بسبب القيود المفروضة على القروض المصرفية، وارتفاع معدلات الفائدة، وغياب برامج إسكان ميسّر. ورغم أن بعض النماذج العالمية، كالإسكان المدعوم أو الاجتماعي، قد تقدّم حلولًا، إلا أن العديد من الخبراء يرون أنّها غير قابلة للتطبيق في ظلّ بنية النظام الإيراني الحالية وقيوده المالية.

قفزت أسعار الإيجارات بنسبة 41.5% خلال عامٍ واحد، حتى ديسمبر 2024. ووفقًا لمركز الإحصاء الإيراني، ارتفعت نسبة الفقر العام في البلاد بنسبة 30% خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتؤثر على أكثر من 25 مليون شخص. واليوم، نحو 80% من العائلات لا تمتلك القدرة على شراء أو حتى استئجار منزل.

ورغم خطورة الوضع، توقّف البنك المركزي الإيراني عن نشر متوسط أسعار المساكن في طهران. ولم يبقَ سوى مركز الإحصاء الذي كشف مؤخرًا أنّ متوسط سعر المتر المربع في العاصمة بلغ 102 مليون تومان. في الوقت نفسه، ارتفع مؤشّر تضخم السكن إلى 287.2 نقطة.

تأثير هذه الأزمة على الحياة اليومية مدمر. فمع استنزاف تكاليف السكن لجزء كبير من دخل العائلات، تُضطر الكثير من الأسر إلى تقليص الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم والترفيه الأساسي. وأصبح حلم التملّك السكني بالنسبة للملايين مجرد وهم بعيد المنال. وفي بلد يضمّ أكثر من 24 مليون أسرة، لا تزال نسبة كبيرة تفتقر إلى السكن اللائق والآمن.

وبحسب أمين نقابة شركات البناء في إيران، فإنّ تكلفة بناء المتر المربع الواحد (من دون الأرض) تتراوح بين 22 إلى 25 مليون تومان. وبمقارنة هذه الأرقام مع أسعار البيع الفعلية في طهران، يتّضح أنّ المضاربات العقارية بالأراضي هي المحرّك الرئيسي لارتفاع الأسعار.

ما تبقّى اليوم هو منظومة سكنية مختلّة بشكل جذري. فالمحظوظون الذين يملكون رؤوس الأموال – وغالبًا من المقرّبين من النظام – يحتكرون العقارات كأصول مالية، بينما تنحدر غالبية الشعب أكثر فأكثر نحو الهشاشة السكنية. ورغم كل الحديث عن الإصلاحات، فإنّ صمت أصحاب القرار يزداد عمقًا.

أزمة السكن في إيران لم تعد مسألة اقتصادية فحسب. إنها قضية سياسية واجتماعية وإنسانية، ولن تُحلّ من دون تغيير جذري في بنية النظام وسياساته.

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.