موقع المجلس:
أعرب المتقاعدون عن استيائهم الكبير من خطة مساواة المعاشات التي طبقتها الحكومة مؤخرًا، مشيرين إلى أن الزيادات الطفيفة لم تحدث تأثيرًا يذكر في تحسين وضعهم المالي. و یأتي هذا الاستیاء بمثابة تطور جديد داخل إيران.
لفقد أعلنت وزارة التخطيط والميزانية أن التعديلات الجديدة ستمنح المتقاعدين زيادة متوسطة تتراوح بين 15 إلى 20 مليون ريال، أي ما يعادل حوالي 21.6 إلى 29 دولارًا. ومع ذلك، أفاد بعض المتقاعدين بزيادات تقل كثيراً عن هذا المعدل، مما أثار موجة من الانتقادات والاحتجاجات والمطالب بزيادة الدعم المالي.
وعلى سبيل المثال، كشف متقاعد من شركة البريد الإيرانية، يتقاضى حوالي 80 مليون ريال (حوالي 116 دولارًا)، عن أن زيادة راتبه لم تتجاوز 430 ألف ريال، أي ما يعادل حوالي 0.62 دولار – وهو مبلغ يكاد يعادل تكلفة أربعة أرغفة من الخبز في إيران. وأكد هذا المتقاعد الفجوة بين الوعود الحكومية والواقع المعاش، مشيرًا إلى أن الخطة لم تسهم فعليًا في تحسين مستوى معيشة المتقاعدين.
ووفقًا للتقارير، نادراً ما تتجاوز الزيادات الممنوحة للمتقاعدين ذوي الدخل الأدنى حاجز المليون ريال (1.5 دولار)، مما دفع المتقاعدين ونقاباتهم إلى تنظيم احتجاجات واسعة، منتقدين الشفافية والمصداقية في صيغة حساب التعديلات. ويعتقد العديد من المتقاعدين أن تطبيق هذه الصيغة إما أغفل عوامل مهمة أو نُفذ بشكل غير صحيح، مما فاقم معاناتهم الاقتصادية وزاد من تعقيدات الوضع المعيشي في ظل التضخم المرتفع.
وأصدر المجلس التنسيقي الاستراتيجي لمتقاعدي الجهاد الزراعي بياناً أعلن فيه دعمه للاحتجاجات الجارية التي تنظمها مجموعات مناصرة المتقاعدين، مطالبًا صندوق التقاعد الوطني بعقد اجتماع مباشر مع ممثلي المتقاعدين ومسؤولي هيئة التخطيط والميزانية، كما فعل في سنوات سابقة. وطالب المجلس الصندوق بعقد الاجتماع قبل 24 ساعة من موعد الاحتجاج، محذرًا أنه في حال عدم تلبية هذا الطلب، فإن متقاعدي الجهاد الزراعي سينضمون إلى التجمعات الاحتجاجية لتكثيف الضغط على السلطات.
وبعد صدور القرارات الجديدة بشأن التعديلات في أكتوبر 2024، أشارت التقارير إلى حصول بعض المتقاعدين على زيادات طفيفة، في حين انخفضت معاشات آخرين، مما زاد من حدة الغضب. وأكد الكثير من المتقاعدين أن التعديلات الجديدة غير كافية لتواكب التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
وفي الوقت ذاته، اتخذ بزشكيان خطوة ملفتة للانتباه، إذ دعا إلى زيادة بنسبة “200%” في ميزانية البلاد العسكرية ضمن مقترح الموازنة الأول الذي قدمه منذ توليه المنصب. وذكرت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، أن هذه الزيادة تهدف إلى “تعزيز قدرات الدفاع الوطني”، دون الكشف عن الأرقام الدقيقة للميزانية العسكرية.
وتتضمن ميزانية إيران العسكرية السنوية، المقدمة إلى البرلمان، فقط النفقات الرسمية المعلنة للقوات المسلحة، بما في ذلك الحرس الإيراني ووزارة الدفاع والإمداد اللوجستي للقوات المسلحة. ويشكل الجزء الأكبر من هذه الميزانية بنودًا سرية، مما يحجب الحجم الحقيقي للإنفاق على الدفاع العسكري. بلغت الميزانية العسكرية لعام 2024 حوالي 4.7 كوادريليون ريال (16.49 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي و6.8 مليار دولار بسعر السوق الحرة). ولاحقاً، وافق البرلمان على تخصيص إضافي يبلغ 1.32 كوادريليون ريال (4.63 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي و1.92 مليار دولار بسعر السوق الحرة) من مبيعات النفط الخام.
وتعتبر إيران فريدة في منح قواتها المسلحة الحق في بيع الموارد الطبيعية للبلاد والحصول على نسبة من الأرباح، مما يسهم بشكل كبير في تمويل حرس النظام. ويبرز هذا الترتيب التفاوت بين سعر الصرف الرسمي الذي يتمتع به القطاع العسكري وسعر السوق الحرة الذي يؤثر على المواطنين العاديين، مما يزيد من حدة الفجوة الاقتصادية.
وعلى الرغم من جهود الهيئات المالية الدولية، بما في ذلك معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) وصندوق النقد الدولي (IMF)، في تقييم النفقات العسكرية الإيرانية، لا تزال الأرقام الدقيقة غامضة بسبب غياب الشفافية ووجود عدة مؤسسات دفاعية في البلاد. وقد قدر معهد SIPRI ميزانية إيران العسكرية بـ 10.3 مليار دولار لعام 2023، في حين شهدت ميزانية 2024 زيادة تقدر بنحو 21%. وتشير التقارير الحالية إلى أن مقترح بزشكيان للميزانية يتضمن تخصيص حوالي 47% من عائدات النفط للقطاع العسكري، بما يعادل 5.61 كوادريليون ريال (حوالي 19.68 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي و8.18 مليار دولار بسعر السوق الحرة).
مع تولي بزشكيان رئاسة البلاد، اعتمدت حكومته على صندوق التنمية الوطني الإيراني، الذي يخضع لإشراف خامنئي، لتمويل الإنفاق العسكري والمبادرات الاقتصادية. وعلى الرغم من زعمها بوراثة “خزانة فارغة” والتزامات مستمرة تجاه مزارعي القمح ومقدمي الرعاية الصحية، أشاد بزشكيان بقرار خامنئي بإتاحة الوصول إلى موارد الصندوق كعامل أساسي في الحفاظ على استقرار البلاد.
وقد أثارت قرارات الإنفاق العسكري الأخيرة انتقادات واسعة داخل إيران، حيث يعتبر العديد من المواطنين أن الحكومة تولي الأولوية للإنفاق العسكري على حساب رفاهية المواطنين. وفي ظل استمرار التضخم وهروب رأس المال وتراجع سوق الأسهم، يشعر الإيرانيون، بمن فيهم المتقاعدون والعاملون، بأن تخصيص الموارد يسهم في توسيع الفجوة بين المواطنين العاديين والمؤسسة العسكرية.