الرهینة القرنسی في سجون نظام المالی
موقع المجلس:
في دراسة صادرة عن “شبكة علماء إيران الحرة”، يستعرض البروفيسور ماثيو تسوجي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة ولاية كاليفورنيا سان ماركوس، تاريخ ما يُعرف بـ”دبلوماسية الرهائن” التي ينتهجها النظام الإيراني. وتوضح الورقة البحثية أن هذه الممارسة، التي بدأت منذ عام 1979، تحولت إلى سياسة ثابتة تقوم على اعتقال المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية بهدف استخدامهم كورقة مساومة لتحقيق مكاسب مالية وسياسية، مشيرة إلى أن حادثة احتجاز أربعة أمريكيين في يوليو 2025 تمثل استمرارًا واضحًا لهذا النهج.
وتبين الدراسة أن طهران نقلت هذه الممارسة من كونها عملاً إرهابيًا غير رسمي إلى سياسة مؤسسية تتبناها الدولة. فمنذ أزمة السفارة الأمريكية عام 1979، اعتاد النظام على اعتقال صحفيين وأكاديميين وعمال إغاثة أجانب بتهم ملفقة وغامضة، ليستخدمهم لاحقًا في صفقات تبادل أو للحصول على تنازلات. وتعرض الورقة سجلًا طويلًا لهذه العمليات، بدءًا من إطلاق سراح 52 دبلوماسيًا أمريكيًا مقابل 7.9 مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمدة عام 1981، مرورًا بصفقة عام 2023 التي أُفرج فيها عن خمسة أمريكيين مقابل 6 مليارات دولار، ووصولًا إلى تبادل الدبلوماسي الإيراني المدان بالإرهاب أسد الله أسدي بالعامل الإنساني البلجيكي.
كما تشير الورقة إلى أن وزارة المخابرات واستخبارات الحرس الثوري هما الجهتان الرئيسيتان المسؤلتان عن إدارة هذه السياسة. وغالبًا ما يستهدف النظام مزدوجي الجنسية خلال زياراتهم لإيران، ويمنعهم من الوصول القنصلي عبر معاملتهم كمواطنين إيرانيين فقط. ويخضع المعتقلون لأساليب قمعية، منها الحبس الانفرادي، والمحاكمات الصورية، وانتزاع اعترافات متلفزة بهدف زيادة الضغط النفسي على الضحايا وحكوماتهم.
وتؤكد الدراسة أن الأمر لم يعد مجرد أسلوب غير معلن، بل تحول إلى سياسة رسمية يتبناها كبار المسؤولين علنًا. وتستشهد بتصريح مثير للجدل أدلى به محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، عام 2021، قال فيه: “يمكننا احتجاز ألف أمريكي والمطالبة بمليارات الدولارات مقابل الإفراج عنهم؛ بهذه الطريقة نوازن الميزانية”، وهو ما يكشف بوضوح الطابع الاقتصادي والدبلوماسي لهذه الممارسة.
وفي ختامها، تحذر الورقة من أن السياسات الغربية القائمة على التهدئة وتقديم التنازلات ساهمت في ترسيخ هذه الاستراتيجية. وتدعو إلى تبني نهج ردع صارم يشمل فرض عقوبات على المسؤولين عن عمليات الاحتجاز، وتصنيف هذه الممارسات كأعمال إرهابية ترعاها دولة، واعتماد بروتوكولات دولية تمنع دفع الفدية أو إجراء صفقات تخدم النظام. وتشدد على أن الضغط الدولي المنظم هو السبيل الأمثل لوضع حد لهذه الانتهاكات.