وكالة حمورابي الاخبارية الدولية-د. سامي خاطر-أكاديمي وأستاذ جامعي:
تحذير إيراني صريح-
في مقابلة مع قناة الجزيرة وجه وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي تحذيرات قوية لدول الخليج والدول الكبرى حول احتمال اندلاع حرب شاملة إذا ما وُجه اعتداء جديد إلى إيران، وقال عرقجي بوضوح كنا ولازلنا على استعداد للحرب بالقدر الذي كان وأكثر… وفي المرة السابقة حاولنا تجنيب منطقة الخليج دفع تبعات الحرب وقد لا نتمكن من ذلك هذه المرةهذا التحذير ليس مجرد بلاغة دبلوماسية بل هو رهان استراتيجي يوضح ما تعتبره طهران خطوطها الحمراء، ويضع دول الخليج أمام إملاءات إيرانية وتنبيه لها لتتحمل تبعات أي تصعيد محتمل.. بمعنى أنه لن يكون هناك إخطار بالضربات الموجهة كما حدث مع قطر.
الرسالة الإيرانية : تهديد مبطن وإملاءات لفرض سياسة أمر الواقع على المنطقة.. تصريحات عراقجي تمثل مزيجًا من التهديد والرسائل الاستراتيجية المبطنة ..
– تهديد بالرد العسكري : تأكيد عراقجي أن طهران مستعدة للرد على أي اعتداء مع احتمال أن يشمل الرد أبعادًا إقليمية.
– دعوة إلى الحذر والدبلوماسية: أشار إلى أن أي حرب على إيران ستجعل دول الخليج تتحمل عواقب اقتصادية وأمنية كبيرة مما يضغط على المنطقة لتجنب التصعيد والاستسلام لنظام الملالي.
– تهديد المصالح الاقتصادية الغربية وخاصة الأمريكية والدفع نحو فرض سياسة جديدة بالمنطقة ;إما القبول ببقاء نظام ولاية الفقيه أو الموت والخراب والدمار.
هذه الرسائل تمثل استراتيجية الردع التي يتبعها خامنئي ونظامه خشية السقوط والزوال.. وتجمع هذه الرسائل بين عنصر الاستعراض لإظهار القوة الداخلية.. والتأثير على صانعي القرار في الخليج والدول الكبرى. لماذا تتحمل منطقة الخليج تبعات الحرب؟
التحذير الإيراني يركز على منطقة الخليج لأسباب استراتيجية :
1. الموقع الجغرافي الحساس: الخليج هو محور حركة الطاقة العالمية، وأي صراع قد يهدد الممرات النفطية والغازية.
2. الاعتماد المشترك على الموارد: بعض الحقول النفطية والغازية مشتركة بين إيران ودول الخليج ما يجعل طابع أي نزاع اقتصاديًا واستراتيجيًا مباشرًا.
3. التورط الدولي: وجود قواعد أمريكية وتحالفات أمنية يجعل أي مواجهة مع إيران عرضة لتورط قوى دولية في النزاع.
4. انتقال الصراع إلى حرب إقليمية: أي تصعيد قد يتحول إلى مواجهة شاملة تشمل دول الخليج كافة مع تداعيات أمنية واقتصادية خطيرة. التداعيات المحتملة على دول الخليج إذا تحولت التهديدات الإيرانية إلى واقع فإن التداعيات ستكون على النحو التالي:
– اقتصادياً: استهداف لمواقع إنتاج النفط واضطرابات في شحنات النفط والغاز، وارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة الإنفاق الدفاعي.
– أمنياً: استهداف البنية التحتية، وسباق تسلح جديد، واستنفار عسكري متكرر.
– دبلوماسياً: تصعيد العلاقات مع القوى الكبرى، وانقسامات داخل مجلس التعاون الخليجي حول كيفية التعامل مع التهديد الإيراني.
– إنسانياً: احتمال نزوح جماعي، وتأثير على المدنيين والأسواق العالمية.
التحليل الاستراتيجي: رهانات إيران ودبلوماسيتها القتالية تصريحات عرقجي ليست تهديدًا عابرًا بل تكتيك طويل الأمد:
– ردع خارجي: ردع خارجي يرفع كلفة أي هجوم محتمل على منشآت إيران.
– إظهار القوة الداخلية: من جانبه يرى نظام الملالي أن إظهار القوة داخليا سيعزز من موقع طهران التفاوضي ويظهر قدرتها على الصمود.
– ضغط سياسي: يخلق سيناريو خطر إقليمي كبير يدفع الأطراف للتفكير مرتين قبل أي تحرك عسكري. لكن هذه الرهانات تحمل مخاطر عالية فأي تصعيد يمكن أن يتحول إلى مواجهة واسعة قد تكون الكلفة فيها مرتفعة للطرفين بما في ذلك إيران نفسها.
الخليج بين تحذير إيران واستراتيجية التهدئة
ختاما.. كانت تصريحات عباس عرقجي الموجهة عبر قناة الجزيرة تشكل رسالة استراتيجية واضحة مفادها أن طهران مستعدة لكل الاحتمالات، وأن دول الخليج قد تتحمل التبعات المباشرة لأي حرب محتملة. من منظور استراتيجي هذا الموقف يضع المنطقة أمام تحدٍ مزدوج : كيف توازن بين الضغط الدبلوماسي لتفادي الحرب، والاستعداد لمواجهة أي تصعيد محتمل؟ إن إدارة هذه المرحلة تتطلب قراءة دقيقة واستعدادًا واقعيًا.. إذ أن مراهنة إيران على قدرات الردع والتحذيرات المتكررة قد تحدد مستقبل الاستقرار الأمني والاقتصادي للمنطقة لعقود قادمة. أليس دعم نضال الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة من أجل إسقاط هذا النظام أقصر الطرق وأسهلها وأقلها تكلفة وأفضلها نتائج خاصة إذا كان البديل ديمقراطياً ومشروعه إقامة جمهورية ديمقراطية غير نووية تحترم مبادئ حسن الجوار والمواثيق والأعراف الدولية..








