موقع المجلس:
شهدت مدن إيران، يوم الإثنين 3 نوفمبر 2025، موجة احتجاجات واسعة وغير مسبوقة ضد الفساد وسوء الإدارة، شملت قطاعات مختلفة من المجتمع.
وكانت أبرز التحركات تلك التي قادها متقاعدو شركة الاتصالات في أكثر من 18 مدينة، تزامنًا مع احتجاجات الممرضين في كرمانشاه، والمزارعين في رامهرمز، وسائقي الأجرة في سنندج، إلى جانب ضحايا الاحتيال العقاري في مناطق أخرى.
هذا التنوع في المطالب والمواقع يكشف أن الغضب الشعبي لم يعد فئويًا أو محدودًا، بل تحوّل إلى حركة وطنية جامعة ضد بنية الفساد داخل النظام.
انتفاضة متقاعدي الاتصالات: صرخة في وجه النهب المنظّم
في طهران، خرج المئات من متقاعدي شركة الاتصالات في مسيرة حاشدة بمنطقة سردار جنكل، مردّدين شعارات لاذعة ضد السلطة، أبرزها:
«شعارهم واحسيناه… وعملهم السرقة والنهب!»
وفي أصفهان، تجمع المحتجون في شارع جهارباغ بالا مطالبين باستعادة حقوقهم المالية المسلوبة منذ سنوات، بينما شهدت تبريز (في أذربيجان الشرقية) مظاهرات مشابهة نددت بسبعة عشر عامًا من الظلم من قبل كبار المساهمين المسيطرين على الشركة.
وامتدت موجة الغضب إلى غرب البلاد؛ ففي كرمانشاه وكردستان وهمدان، احتشد المتقاعدون أمام مقار الاتصالات رافعين لافتات تندد بالفساد وسرقة أموالهم التقاعدية. أما في زنجان وخوي، فتعالت الهتافات:
«لقد نهبوا الأرباح والثروات… وسلبوا حقوقنا!»
وفي جيلان وخوزستان (الأهواز)، انضمت حشود جديدة إلى الاحتجاجات، مؤكدين أن تحركهم موجّه ضد الفساد الممنهج داخل مؤسسات النظام، وأنهم لن يتراجعوا حتى استعادة حقوقهم المسروقة.
خيوط الفساد تمتد إلى مكتب الولي الفقيه
تكشف خلفية الأزمة أن جذور النهب تعود إلى المؤسسات التابعة مباشرة لمكتب علي خامنئي. إذ تسيطر جهتان رئيسيتان على شركة الاتصالات: مؤسسة تعاون حرس النظام الإيراني وهيئة التنفيذ بأمر خميني، وهما ذراعان اقتصاديتان لمكتب المرشد. هذه الهيمنة حولت الشركة إلى مصدر ربح للقيادات المقربة من السلطة، فيما جرى إفقار صناديق المتقاعدين وتحميلها الديون.
الممرضون وسائقو الأجرة والمزارعون ينضمون إلى الحراك
في الوقت نفسه، خرج الممرضون وكوادر الرعاية الصحية في كرمانشاه إلى الشوارع، محتجين أمام جامعة العلوم الطبية على تأخر رواتبهم لأكثر من عام. هتفوا ضد رئيس الجامعة علي سروش، مردّدين:
«أيها الممرض، اصرخ من أجل حقك! لن نغفر للفساد والظلم!»
وفي سنندج، شلّ سائقو سيارات الأجرة الحركة بإضراب شامل احتجاجًا على انهيار دخلهم وارتفاع تكاليف الوقود والصيانة، متهمين السلطات المحلية بتجاهل معاناتهم.
أما في رامهرمز، فقد عبّر المزارعون عن غضبهم من حرمانهم من المياه وتحويلها لصالح مشاريع أخرى، بينما عجزت شركات التأمين عن دفع تعويضاتهم.
وفي كرمانشاه، تظاهر مئات من ضحايا الاحتيال العقاري بعد أن باعت شركات تابعة لمسؤولين أراضيهم لأكثر من ألف شخص، فيما لا يزال المتورطون أحرارًا دون محاسبة.
الفساد البنيوي وتمويل الإرهاب على حساب المواطن
تؤكد هذه التحركات المتزامنة أن الفساد في إيران لم يعد استثناءً، بل أصبح قاعدة تحكم الاقتصاد والإدارة. فبينما يعاني المواطنون من البطالة وتدهور المعيشة، تُنفق مليارات الدولارات من أموال الشعب على تمويل الميليشيات والحروب الخارجية، في حين تُترك القطاعات الحيوية كالصحة والزراعة والتعليم في حالة انهيار.

إن ما يجري اليوم في الشارع الإيراني هو تعبير صريح عن وعي شعبي متزايد بأن معركته لم تعد مع الوزراء أو الإداريين الفاسدين فحسب، بل مع نظام بأكمله يقوم على النهب المنظم ويستنزف ثروات البلاد لإدامة سلطته.








