موقع المجلس:
تحليل مفصل للوضع الاقتصادي في إيران، يكشف الخبير محمود جامساز كيف تحول التضخم إلى آلية سرقة منظمة بأيدي النخبة الحاكمة، مما يقود الدولة نحو تفكك كامل.
يواجه الاقتصاد الإيراني الآن مزيجًا مميتًا من الركود التضخمي والفوضى في اتخاذ القرارات. لم تعد المشكلة ناتجة عن إدارة سيئة فحسب، بل أصبحت نظامًا مدروسًا لاستنزاف الشعب، حيث يُستغل التضخم كأداة في يد طبقة حاكمة لا تعاني من الأزمة بل تربح منها. يصف الخبير الاقتصادي محمود جامساز، في مقابلة مع صحيفة “جهان صنعت”، الوضع بأنه “اقتصاد أسير للسياسة”، مما يسرع من اقتراب البلاد من الهاوية.

الفساد كأسلوب حكم: تحليل لاعترافات وسائل الإعلام في طهران
في إيران حاليًا، لم تعد عناوين الصحف مجرد تقارير، بل وثائق رسمية تُعلن عن سقوط نظام كامل. إنها شهادات داخلية تثبت أن الفساد لم يعد خللاً عرضيًا يُصلح، بل أصبح الطريقة الرئيسية للحكم والاستمرار. كل عنوان يُظهر مرضًا مستعصيًا، وكل مقال يُضيف فصلًا إلى سيرة انهيار لا مفر منه.
تفكك المؤشرات الاقتصادية: تشريح أزمة العجز المالي
تكشف الأرقام الكلية عن لوحة مظلمة. يوضح جامساز أن “النمو السلبي يعني تقلص الاقتصاد، وعمل المصانع بجزء من طاقتها، وارتفاع البطالة”. بالتوازي، بلغ التضخم مستويات غير مسبوقة، محطمًا قدرة الناس على الشراء.
تزداد الأزمة سوءًا بسبب عدم الشفافية في الميزانية العامة. تدعي الحكومة أن عجز 2025 حوالي 800 ألف مليار تومان، لكن مراكز بحث مستقلة تقدره بـ1800 ألف مليار. يفسر جامساز في “جهان صنعت” أن تغطية هذا العجز الضخم مستحيلة بالطرق العادية، مما يجبر الحكومة على “الاقتراض المباشر من البنك المركزي”، أي طبع النقود بلا غطاء.
وحش السيولة: التضخم كضريبة خفية على المواطنين
يؤدي الاقتراض من البنك المركزي إلى إنتاج أموال وهمية، تغذي حجم السيولة الذي قد يصل إلى 14 تريليون تومان بنهاية العام. يصف جامساز هذه الأرقام في “جهان صنعت” بـ”المخيفة”، مشيرًا إلى أن “هذا الكم الهائل من الأموال غير المدعومة يفرض تضخمًا بنسبة 80-90% مباشرة على كاهل الشعب”.
هذه السياسة ليست خطأ تقنيًا، بل سرقة صامتة للثروة الوطنية. في اقتصاد غير منتج، تؤدي زيادة السيولة فقط إلى تضخم أكبر، مما يسبب “فقرًا واسعًا، غضبًا اجتماعيًا، وكوارث إنسانية مثل الطلاق والإدمان والجريمة”. وسط هذا الدمار، تكشف قرارات الحكومة أولوياتها، حيث تُحذف مليارات الدولارات من دعم الشعب لاستيراد سيارات فاخرة.
النظام محاصر في مثلث الانهيار
في خريف 2025، يواجه نظام الملالي مأزقًا سياسيًا وإداريًا كاملاً، ناتجًا عن تداخل ثلاث أزمات خانقة.
اقتصاد أسير للسياسة: نخبة تستفيد من الكارثة
الأكثر إثارة في التحليل هو الإجابة على: لماذا تسمح السلطة بهذا؟ يرى جامساز، كما في “جهان صنعت”، أن صانعي القرار لا يتأثرون بالتضخم لأن “موائدهم ممتلئة، وحساباتهم منتفخة، ويملكون عقاراتًا وذهبًا وعملات أجنبية”. مع ارتفاع أسعار هذه الأصول، “تزداد ثرواتهم، فهم لا يخسرون بل يربحون من التضخم”.
يختم جامساز بتشخيص حاسم: “في إيران، الاقتصاد رهينة للسياسة [القمع والعسكرة وإشعال الحروب وتصدير الإرهاب]، وطالما بقي هذا، لن يُكبح التضخم ولن يتحقق رفاه الشعب”.
الخاتمة: سقوط محتوم لنظام يعيش على الفساد
ما يحدث في إيران ليس أزمة اقتصادية عابرة، بل تفكك بنيوي لنظام جعل الفساد أداة حكمه. يحذر جامساز في نهاية حديثه مع “جهان صنعت”: “إن لم يُصلح هذا الطريق، فستقترب البلاد أكثر من حافة الانهيار الاقتصادي”. إنه سقوط لا مفر منه لنظام يتغذى على معاناة شعبه.








