اشتباکات بالایدي داخل البرلمان الایرانی-
موقع المجلس:
عقب تشديد العقوبات الدولية على طهران، تفجّرت أزمة جديدة داخل أروقة النظام الإيراني، حيث تصاعد الصراع بين أجنحته حول الموقف من المفاوضات النووية، لا سيّما بعد تفعيل آلية “الزناد” الخاصة بإعادة فرض العقوبات.
في هذا السياق، صرّح قاسم روانبخش، عضو برلمان الملالي، يوم الأربعاء 8 أكتوبر، منتقدًا تناقض مواقف النظام بشأن الحوار مع واشنطن، إذ أشار إلى أن الولايات المتحدة تجاهلت طلبات طهران لإجراء “مفاوضات مباشرة”، رغم أن بعض المفاوضين الإيرانيين اعترفوا مسبقًا بمثل هذه المحاولات. وسعى روانبخش إلى الدفاع عن الولي الفقيه، مذكّرًا بتصريحاته الأخيرة التي شدد فيها على أن التفاوض مع أمريكا “لا يجلب أي فائدة، بل يسبب أضرارًا كثيرة للبلاد”، ليتساءل: “لماذا تتصرف الحكومة بما يخالف رأي الولي الفقيه والدستور؟”.
وفي اليوم نفسه، سارع عباس عراقجي إلى نفي وجود أي تواصل مع الجانب الأمريكي، بعد أن تعرض لهجوم من التيار المتشدد. ونقلت وكالة “تسنيم” التابعة لقوة القدس عن وزير الخارجية قوله: “لم يجر أي اتصال بيني وبين ويتكوف، الممثل الأمريكي في المفاوضات”. غير أن هذا النفي بدا متناقضًا مع تصريحاته السابقة قبل ثلاثة أيام فقط، حين أكد وجود “محادثات غير مباشرة مع الأمريكيين خلال الأشهر الأخيرة حول الملف النووي، عبر وسطاء وبشكل مباشر أحيانًا”.
وفي 7 أكتوبر، تناولت صحيفة “فرهيختكان” المقرّبة من مستشار الولي الفقيه علي أكبر ولايتي، الموضوع ذاته، مشيرة إلى أن “الجانب الغربي تجاهل مساعي إيران لخفض التوتر”، مضيفة أن المبعوث الأمريكي “ويتكوف” هو من امتنع عن حضور اجتماع نيويورك المخصص للبحث في الملف النووي، مما ساهم في استمرار مسار تفعيل آلية “سناب باك” (الزناد).
أما في خطبة الجمعة بتاريخ 3 أكتوبر بمدينة كرج، فقد حاول الملا حسيني همداني بدوره تبرئة الولي الفقيه من الاتهامات، قائلاً: “الولي الفقيه أوضح أنه لا ينبغي التفاوض مع هذه الجرثومة الفاسدة”، ثم دعا الحكومة إلى توضيح حقيقة ما تردد عن محاولتها عقد مفاوضات مباشرة مع الأمريكيين.
وجاءت هذه الإشارات بعد تصريحات المتحدثة باسم حكومة بزشكيان التي أقرت بأن طهران عرضت عقد اجتماع بمشاركة الدول الأوروبية الثلاث، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمبعوث الأمريكي ويتكوف، إلا أن الأخير “لم يحضر اللقاء”، حسب ما نقلته وسائل إعلام النظام في 1 أكتوبر.
ومن الواضح أن مثل هذه التصريحات حول المفاوضات لا تأتي ضمن صلاحيات عراقجي أو بزشكيان، وإنما تُطرح للاستهلاك الداخلي أكثر من كونها مواقف سياسية فعلية. وقد أكدت مهاجراني، المتحدثة باسم حكومة بزشكيان، في 17 سبتمبر، هذا التبعية المطلقة للولي الفقيه، قائلة: “نحن جميعًا مكلفون بالوقوف خلف الولي الفقيه، وهذا الموضوع من استراتيجيات النظام، ولا كلمة تعلو على كلمته”.
وهكذا، تكشف هذه التصريحات المتضاربة حالة التخبط والارتباك داخل النظام الإيراني، وتعكس مأزق الولي الفقيه العاجز في إدارة ملفه النووي وسط تصاعد الضغوط الدولية والانقسامات الداخلية.








