موقع المجلس:
في مطلع أكتوبر، تجاوز سعر الدولار حاجز 114,200 تومان، لتتعمق بذلك أزمة العملة الإيرانية وسط تضخم متفاقم وسياسات اقتصادية مرتبكة وعقوبات خانقة دفعت الأسر إلى حافة الانهيار.
شهد الاقتصاد الإيراني في 1 أكتوبر تدهوراً جديداً، إذ ارتفع سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية بلغت 114,200 تومان، بينما تجاوز اليورو 134,160 توماناً، وسجّل الدولار الكندي 83,820 توم
اناً، والدرهم الإماراتي 31,350 توماناً. هذا التراجع المتسارع لقيمة الريال فاقم أزمة المعيشة وأضعف القدرة الشرائية للأسر بشكل غير مسبوق.
ويرى مراقبون أن هذا الانهيار ليس طارئاً، بل نتيجة حتمية لسياسات اقتصادية فاشلة تفاقمت بفعل العقوبات الدولية وتراجع عائدات النفط وسوء الإدارة الحكومية. ويؤكد محللون أن غياب رؤية اقتصادية واضحة وتوزيع العملة الأجنبية بطريقة غير مدروسة، جعلا الريال عرضة لهزات متكررة تهدد استقرار السوق.
من أزمة الاقتصاد إلى مأساة المواطن
تزايد الإقبال الشعبي على العملات الأجنبية لحماية المدخرات من التضخم الجامح، فدخل الاقتصاد في حلقة مفرغة: كلما ارتفع الطلب على الدولار واليورو، انخفضت قيمة الريال أكثر، لترتفع معها أسعار السلع المستوردة، ما يعزز مجدداً الطلب على العملة الصعبة.
في المقابل، ما زالت الأجور شبه مجمدة. إذ يبلغ الحد الأدنى الرسمي لأجور العمال نحو 20 مليون تومان شهرياً، أي ما يعادل أقل من 200 دولار بسعر الصرف الحالي، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية حاجات أسرة ليوم واحد في كثير من البلدان.
ووفقاً لتقرير موقع اقتصاد نيوز، فإن “الأجور البالغة 180 دولاراً أو أقل لم تشهد أي تعديل حكومي رغم ارتفاع تكاليف المعيشة بأكثر من 200% منذ مطلع العام”.
اتساع الفجوة بين الدخل وتكاليف المعيشة
يشير الخبير الاقتصادي توفيقي إلى أن “سلة المعيشة الأساسية” للأسرة العاملة ارتفعت من 24 مليون تومان في فبراير إلى نحو 50 مليون تومان حالياً، موضحاً أن الأسرة التي يقل دخلها عن 10 ملايين تومان تُعدّ فقيرة وتستحق الدعم.
ولكي تبقى الأسرة المؤلفة من 3 إلى 4 أفراد فوق خط الفقر، تحتاج إلى ما لا يقل عن 33 مليون تومان شهرياً، ومع احتساب نفقات السكن التي تمثل نحو 35% من الدخل، يرتفع الحد الأدنى المطلوب إلى 50 مليون تومان تقريباً.
الغالبية تحت خط الفقر… والاحتجاجات تلوح بالأفق
تكشف هذه الأرقام عن واقع قاتم: في حين لا يتجاوز متوسط الأجور 15 مليون تومان، يتطلب الحد الأدنى للعيش الكريم أكثر من ثلاثة أضعاف ذلك. ويرى محللون أن تجميد الأجور ليس صدفة، بل سياسة متعمدة تهدف إلى إحكام السيطرة الاجتماعية وتحويل الموارد المحدودة إلى مؤسسات الأمن والقمع.
وبينما تتآكل الأجور والمدخرات وتتضاعف أسعار المواد الأساسية، يجد ملايين الإيرانيين أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الجوع والعوز. ويحذّر خبراء من أن استمرار تجاهل الأزمة قد يدفع الطبقة العاملة – التي تُعدّ عماد المجتمع الإيراني – إلى تصعيد الاحتجاجات والمقاومة المنظمة في وجه السياسات القائمة.








