موقع المجلس:
لاتهامه بالتورط في أنشطة إرهابية دولية وتدبير مؤامرات دموية، أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) إشعاراً يطلب فيه معلومات عن سيد يحيى حسيني پنحکي ، المعروف أيضاً باسم “سيد يحيى حميدي”، وهو مسؤول رفيع المستوى في وزارة المخابرات والأمن الوطني للنظام الایراني (MOIS).
هذه الخطوة تسلط الضوء مجدداً على نهج نظام الملالي القائم على دمج الإرهاب والجريمة في سياسته الخارجية والداخلية، بما في ذلك ما قد يبدو كـ”مفاوضات” ظاهرية.
ووفقاً للمعلومات التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن يحيى حسيني پنحکي يشغل منصب رئيس قسم إدارة الأمن الداخلي بوزارة الاستخبارات ونائب وزير الاستخبارات. وأعلن الـFBI أن پنحکي مطلوب فيما يتعلق بـ”مؤامرات عالمية قاتلة وأعمال إرهابية تعتمد على شبكات استخباراتية وعملياتية وسبرانية”، مشيراً إلى أن هذه العمليات تشمل تعاوناً بين وزارة الاستخبارات الإيرانية وحرس النظام الإيراني.
شبكة زيندشتي الإجرامية وعمليات استهداف المعارضين
جاء في إشعار الـFBI أن الوحدة التي يرأسها يحيى حسيني پنحکي ، أي قسم الأمن الداخلي، كانت مسؤولة عن “استخدام وتوجيه الشبكة الإجرامية التابعة لناجي شريفي زيندشتي وشركائه”. وقد نشطت هذه الشبكة الإجرامية في الفترة ما بين ديسمبر/كانون الأول 2020 ومارس/آذار 2021 لاستهداف معارضي النظام الإيراني في الولايات المتحدة الأمريكية. وبحسب الإشعار ذاته، فإن پنحکي هو الرئيس المباشر لـ”رضا حميدي رواري”، وهو ضابط استخبارات آخر في النظام الإيراني مطلوب أيضاً من قبل الـFBI.
لطالما اتُهم النظام الإيراني وأجهزته القمعية والأمنية بالتعاون مع عصابات إجرامية لقمع الاحتجاجات في الداخل وتصفية المعارضين في الخارج. وقد أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي في إشعاره: “إذا كانت لديكم معلومات حول يحيى حسيني پنحکي ، يرجى الاتصال بأقرب مكتب للـFBI أو سفارة أو قنصلية أمريكية، أو إرسال معلوماتكم عبر الموقع الإلكتروني tips.fbi.gov“.
وكانت بعض وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية قد كشفت في وقت سابق عن الهوية الحقيقية لهذا المسؤول الأمني ودوره الرئيسي في تصميم عمليات اغتيال معارضي النظام الإيراني في الخارج.
استغلال الغطاء الدبلوماسي للإرهاب
يُعد استخدام النظام الإيراني للغطاء الدبلوماسي لإرسال عملاء استخبارات وإرهابيين وقتلة لتحديد وتصفية معارضيه في الخارج، ممارسة دأب عليها لسنوات. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قضية الدبلوماسي الإرهابي للنظام، أسد الله أسدي، الذي خطط لتفجير قنبلة في التجمع السنوي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في باريس، وهي العملية التي تم إحباطها من قبل الشرطة الأوروبية. وتشمل الأمثلة الأخرى مخططات مماثلة في هولندا والدنمارك وتركيا، حاول خلالها عملاء استخبارات النظام اغتيال شخصيات معارضة. هذه الأدلة هي إثبات آخر على استخدام النظام الإيراني المنظم لجهازه الدبلوماسي لأغراض إرهابية.
وبدلاً من اختيار مسار الحوار والتعايش والتفاعل مع المجتمع الدولي، يواصل نظام الملالي استخدام الإرهاب واحتجاز الرهائن، وهو نهج تحول على مدى سنوات إلى أحد أعمدة سياسته الخارجية. فبينما تسعى العديد من الدول لحل الخلافات عبر الطرق الدبلوماسية، يستخدم النظام الإيراني التفجيرات والاختطاف والتصفية الجسدية للمعارضين كأدوات للقمع.
التقاعس الدولي يشجع إرهاب الملالي
إن يحيى حسيني پنحکي ليس الأول ولن يكون الأخير في قائمة إرهابيي النظام. فالنظام الإيراني، بدلاً من قبول أصوات المنتقدين والمعارضين، يقوم بتهديدهم وملاحقتهم واعتقالهم أو اغتيالهم. هذا الأسلوب هو دليل على افتقاره للشرعية الداخلية وضعف سلطته. القمع الداخلي بالأدوات الأمنية، والقمع الخارجي بالعمليات الإرهابية، هما وجهان لسياسة قمع مستمرة.
لعقود من الزمن، استخدم النظام الإيراني احتجاز المواطنين مزدوجي الجنسية والرعايا الأجانب للمساومة السياسية والحصول على تنازلات من الغرب. وتقوم أجهزة أمن النظام بتصميم شبكات إجرامية والتعاون مع مجموعات تعمل بالوكالة لاستهداف المعارضين السياسيين في مختلف أنحاء العالم.
ورغم الوثائق والشهادات والعمليات التي تم إحباطها في أوروبا وأمريكا، لم تُظهر الحكومات الغربية حتى الآن رد فعل حاسم تجاه هذه الأعمال. هذا التهاون المستمر مع نظام الملالي قد شجعه على مواصلة سياسة التصفية الجسدية. فعندما لا يتم دفع أي ثمن للإرهاب، يصبح الإرهاب أداة عادية للسلطة.
إن سياسة الإرهاب واحتجاز الرهائن ستستمر طالما أن تكلفتها الدولية أقل من فائدتها السياسية للنظام الإيراني. وقد وضع التقاعس الغربي أرواح المعارضين في جميع أنحاء العالم تحت تهديد خطير. الحل، كما يؤكد مراقبون، يكمن في اعتماد سياسة الحزم الأقصى تجاه هذا النظام وداعمي إرهابه.