صورة لاحتجاجات متقاعدون في ایران-آرشیف
موقع المجلس:
یواجه کبار السن في ایران تحت حکم نظام الملالي الفاسد، یواجه ألم صامت. حیث تتكشف في إيران أزمة مؤلمة ومخفية إلى حد كبير، تتجلى في ارتفاع مقلق في معدلات الانتحار بين كبار السن. تعود جذور هذه الظاهرة المتنامية إلى قضايا منهجية مثل الفقر المتفشي، والعزلة الاجتماعية العميقة، ونقص الدعم الكافي للصحة النفسية. إن معاناة كبار السن الإيرانيين – التي غالباً ما يتم التغاضي عنها وتجاهلها – تمثل مصدر قلق خطيراً وملحاً في مجال حقوق الإنسان.
يتعرض كبار السن في إيران بشكل متزايد لضغوط اقتصادية شديدة. وتتفاقم محنتهم بسبب انهيار هياكل الدعم الأسري التقليدية والانتشار الواسع لحالات الصحة النفسية غير المعالجة، ولا سيما الاكتئاب. تخلق هذه العوامل المتشابكة بيئة خطرة تزيد بشكل كبير من الأفكار والأفعال الانتحارية بين هذه الفئة السكانية. إن كارثة صامتة تحدث في جميع أنحاء إيران.
أولئك الذين كانوا ذات يوم العمود الفقري لهذا البلد، يقضون الآن السنوات الأخيرة من حياتهم في صمت – معزولين، فقراء، ومهجورين. لقد غرقت أصواتهم في ضجيج القمع، لكن كل انتحار هو صرخة لا يسمعها أحد. لم يعد انتحار كبار السن في إيران ظاهرة إحصائية؛ بل هو كارثة إنسانية واجتماعية وحقوقية تتطلب أن تُسمى باسمها.
انهيار السياسات الاجتماعية والفشل الحكومي المنهجي
على الرغم من أن الدستور الإيراني يعلن الضمان الاجتماعي حقاً عالمياً، فإن سلوك النظام الحاكم في إيران يعكس تجاهلاً وحشياً للحقوق الاجتماعية لمواطنيه – وخاصة كبار السن.
إن غياب التأمين الصحي لثلث السكان المسنين، وفشل خطط التأمين القائمة في تغطية تكاليف الرعاية، وعدم وجود تخطيط حكومي منسق، يسلط الضوء على فجوة عميقة بين الخطاب الرسمي والواقع المعاش.
إن عجز النظام الواضح عن الالتزام بالحقوق الأساسية للمواطنين المسنين – لا سيما في مجال الرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، ومستوى معيشي لائق – ينتهك القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان. يتطلب هذا الفشل تدقيقاً وتدخلاً دولياً عاجلاً. علاوة على ذلك، فإن النقص الحاد في البيانات الدقيقة والشفافة حول الانتحار – خاصة بين كبار السن – يزيد من تفاقم هذه الأزمة من خلال منع المراقبة الفعالة والمساءلة وتطوير التدخلات المستهدفة.
إن الحق في الحياة، والكرامة، والرعاية الصحية، والأمن المالي والاجتماعي – تظل هذه شعارات جوفاء لكبار السن في إيران. صمت النظام وتقاعسه في مواجهة هذه المعاناة يعني إنكاراً صارخاً للمسؤولية وانتهاكاً جسيماً لالتزاماته في مجال حقوق الإنسان.
إحصائيات قاتمة، حقائق مؤلمة
تظهر البيانات الرسمية أن معدلات الانتحار بين كبار السن (المعرفين على أنهم أفراد تبلغ أعمارهم 65 عاماً فما فوق) في إيران ترتفع بوتيرة مقلقة – أعلى من المعدلات الملاحظة في العديد من دول الشرق الأوسط الأخرى.
تكشف الأبحاث من جنوب إيران أن معدل الوفيات بسبب الانتحار بين كبار السن يبلغ 21.07%. هذا الرقم أعلى بكثير مقارنة بالفئات العمرية الأخرى. يميل الأفراد الأكبر سناً إلى اختيار طرق أكثر فتكاً مثل الشنق أو إحراق الذات.
شبكة اليأس – جذور الانهيار
الفقر وانعدام الأمن المالي: كرامة مهدورة
في بلد يعاني من تضخم مزمن و معاشات تقاعدية ضئيلة، حيث يعيش العديد من كبار السن تحت خط الفقر المدقع، فإن ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية، ونقص التغطية التأمينية الفعالة، واعتماد الأسرة على دخل كبار السن يفرض ضغطاً ساحقاً.
وفقاً للبنك الدولي، يساهم الضائقة الاقتصادية بشكل مباشر في خطر الانتحار في إيران، خاصة بين كبار السن، حيث يمثل 66.4% من حالات الانتحار.
ويواجه جزء كبير من المتقاعدين انعداماً عميقاً في الأمن المالي، نابعاً من نظام تقاعدي غير متطور، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، والتضخم المستمر. أقل من نصف السكان المسنين لديهم إمكانية الحصول على مزايا المعاشات التقاعدية، وثلثهم فقط يتلقون حتى معاشات تقاعدية ضئيلة. ثلث كبار السن في إيران ليس لديهم تأمين صحي، وغالباً ما تفشل خطط التأمين الأساسية القائمة في تغطية نفقات الرعاية الأساسية. تدفع هذه الظروف اليائسة كبار السن الإيرانيين نحو الانتحار كفعل أخير للهروب من حلقة الضغط اللانهائية.
العزلة الاجتماعية: بيوت باردة، قلوب صامتة
تتفكك الثقافة الإيرانية الجماعية التي كانت تحمي كبار السن في السابق. يعاني الأفراد الأكبر سناً الذين يعيشون بمفردهم، أو فقدوا أزواجهم، أو الذين هاجر أبناؤهم أو تخلوا عنهم، من عزلة عميقة ومؤلمة. يعاني أكثر من 57% من كبار السن في إيران من مستوى معين من العزلة الاجتماعية، والذي يرتبط مباشرة بارتفاع الاكتئاب، وانخفاض متوسط العمر المتوقع، وزيادة الميول الانتحارية. أحياناً، تكون الوحدة أشد فتكاً من أي مرض.
الاكتئاب والصحة النفسية: معاناة غير مرئية وغير معالجة
مع تأثر أكثر من 70% من كبار السن بالاكتئاب، كان يجب أن تدق أجراس الإنذار منذ فترة طويلة. ومع ذلك، لم يتدخل نظام الرعاية الصحية، ولم تسمح الأعراف المجتمعية بصرخات طلب المساعدة.
لا يستطيع كبار السن الإيرانيون الوصول إلى الأطباء النفسيين، ولا يصدقهم أحد عندما يتحدثون. تظل الصحة النفسية من المحرمات في الثقافة الإيرانية. غالباً ما يتم تجاهل أو السخرية من الشخص المسن الذي يعاني من الاكتئاب بدلاً من علاجه.
التستر المنهجي وفجوات البيانات
أحد العقبات الرئيسية في معالجة محنة كبار السن في إيران هو غياب البيانات الدقيقة والمفصلة. طرق جمع البيانات في البلاد مليئة بالتناقضات، والقيود الدينية، والتناقضات.
في الإسلام، يعتبر الانتحار خطيئة كبيرة، ويثبط الوصم الاجتماعي الناتج عن ذلك الإبلاغ الصادق. تخفي العديد من العائلات السبب الحقيقي للوفاة لتجنب العار العام. يمنع هذا التستر المنهجي تحديد النطاق الكامل للأزمة ويعيق التدخلات الفعالة.
نساء ورجال – وجهان للمعاناة، نتيجة مأساوية واحدة
على الرغم من أن الرجال المسنين أكثر عرضة للانتحار بثلاث مرات من النساء، فإن النساء يواجهن اكتئاباً أشد ونقصاً في الدعم. عندما يقرر الرجال إنهاء حياتهم، غالباً ما يستخدمون طرقاً شديدة الفتك. على النقيض من ذلك، تظل النساء يعانين بصمت من الاكتئاب، ويتلاشين تدريجياً أو يلجأن إلى إحراق الذات.
الرغبة في الموت هي فقدان المعنى
في العديد من المقابلات، تحدث الأفراد المسنون عن “فقدان معنى الحياة”، وعن “كونهم بلا فائدة” أو “عبئاً”. تنبع هذه المشاعر من العزلة الاجتماعية، والإهمال، والفساد المنهجي، وانهيار أنظمة الدعم التقليدية.
نداء إلى الضمير العالمي
إن ارتفاع معدلات الانتحار بين كبار السن – لا سيما بين الرجال وفي مناطق محددة – هو تحذير حاسم يتطلب اهتماماً دولياً عاجلاً ومركزاً. لم يعد بإمكاننا البقاء غير مبالين بمعاناة كبار السن الإيرانيين.
هؤلاء هم الأمهات والآباء الذين ربوا أجيالاً. اليوم، هم منسيون، مهانون، ومتروكون بمفردهم.
ندعو الهيئات الدولية إلى:
حث إيران على نشر بيانات شفافة حول الانتحار بين كبار السن.
المطالبة بتطوير برامج وقائية مستهدفة لهذه الفئة الضعيفة.
مراقبة التزام إيران بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية.
تقديم الدعم المالي والإعلامي للمدافعين الداخليين عن حقوق كبار السن والمهنيين المستقلين في مجال الصحة النفسية.