الملا احمد خاتمي
الکاتب -حسين داعي الإسلام:
في خضم تصاعد النقاشات السياسية والدينية في إيران حول مسألة التفاوض مع الولايات المتحدة، تبرز ظاهرة مثيرة للانتباه تعكس طبيعة النظام القائم، وهي ظاهرة «الخداع الديني» التي يتوسّل بها الملالي التابعون للسلطة، في محاولة مستمرة لتبرير مواقف متناقضة وتحقيق مكاسب سلطوية واقتصادية تحت عباءة الدين.
المواقف الأخيرة لعدد من خطباء الجمعة والمسؤولين الدينيين، تُظهِر بوضوح كيف يتم الاستناد إلى النصوص الدينية بصورة انتقائية ومتناقضة في آن، تارة لرفض التفاوض مع أمريكا وتارة لتأييده، وفقاً لمتطلبات اللحظة السياسية وليس لمبدأ ديني ثابت. فبينما صرّح علم الهدى، ممثل خامنئي في مشهد، بأن “القيادة لا ترى شرعية في التفاوض استناداً إلى القرآن”، أشار أحمد خاتمي في خطبة الجمعة إلى أن “المفاوضات من أوامر القرآن”. أما خطيب جمعة تبريز، فقد أضاف بدوره أن “عدم التفاوض هو أمر قرآني”! هذه التناقضات لا تعكس اجتهاداً دينياً، بل تُظهر بشكل صارخ استخدام الدين كأداة سياسية دعائية لا أكثر.
الدين: تجارة وسلاح للهيمنة
الدجل الديني في السياق الإيراني ليس مجرد انحراف في الخطاب، بل هو استراتيجية ممنهجة يستخدمها الملالي في النظام لتشويه الحقائق وتسويغ القمع واستغلال الشعب. هؤلاء يقدمون أنفسهم كناطقين باسم السماء، لكنهم في الحقيقة أدوات لضمان استمرارية نظام قائم على استغلال الإنسان وتضليل الوعي.
ومن أبرز مظاهر هذا الدجل، الخطاب المعادي للمرأة الذي ينتقص من كرامتها ووجودها المستقل، تحت غطاء من الفتاوى والمرجعيات الزائفة. كذلك، يتم تبرير سياسات القمع بوصف الولي الفقیة بـ “نائب الإمام”، في محاولة لتأليه الحكم وربطه بالقداسة.
وتبلغ الممارسة الدجلية ذروتها عندما يُطلق النظام وأذرعه الدينية صفة “الكفر” أو “النفاق” على كل من يعارضه، كما هو الحال في وصف المعارضين وخصوم النظام وعلى رأسهم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بأنهم “أعداء الدين والشعب”. الهدف من هذه التوصيفات هو إسكات الأصوات الحرة وتشويه صورة أي مقاومة أو فضح للفساد القائم.
نظام قضائي في خدمة القمع الديني
النظام القضائي في إيران ليس سوى أداة دينية بيد الولي الفقيه، لا يستند إلى أي أسس قانونية، بل يُستخدم لإصدار أحكام بالإعدام ومصادرة الحقوق تحت شعارات دينية، وكل ذلك لحماية مصالح النظام وقمع المعارضين. ما يسمّى بالقضاء هو في الواقع جهاز عقائدي يستخدم الفتوى بدلاً من القانون، ويخدم برامج القمع وليس العدالة.
الاستثمار السياسي في الخطاب الديني
تحليل السياسات الرسمية للنظام الإيراني، خاصة تلك المتعلقة بالعلاقة مع الغرب، يكشف عن تقاطع خطير بين المصالح الاقتصادية والاستبداد السياسي والخطاب الديني. كل هذه العناصر تعمل بتكامل تام لتثبيت النظام، وإيهام الشعب بأن ما يجري هو “قضاء وقدر” إلهي، فيما الحقيقة هي مشروع ممنهج لنهب الثروات وتكريس القهر.
الوعي الشعبي… نهاية دجل الملالي
رغم التعتيم والتضليل، يدرك الشعب الإيراني، الذي رآكم تجربة طويلة من القمع والكذب، حقيقة ما يجري. الغالبية العظمى من الإيرانيين تجاوزت هذا الخطاب الديني الزائف، ولم تعد ترى في ملالي الحاكمين سوى أدوات للنهب والاستبداد. الحراك الشعبي ومقاومة هذا النظام يُعدّان تعبيراً مباشراً عن إرادة التغيير ورفض دجل الملالي.