وكالة اخبار العرب- بقلم: د راهب صالح:
تواصل إيران تمددها في الشرق الأوسط عبر أذرعها المسلحة وميليشياتها الطائفية التي أصبحت أداة مركزية في تنفيذ أجنداتها التخريبية في دول عربية عدة وفي مواجهة هذا الواقع جاءت الخطوة الأميركية الأخيرة التي تمثلت في تقديم مشروع قانون جديد إلى الكونغرس تحت عنوان قانون منع الإرهاب الإيراني H R 2581 ليعكس اتجاها أكثر صرامة تجاه ما يعرف بالإرهاب العابر للحدود الذي تقوده طهران
اقرأ أيضا
عقدان من الحكم الطائفي في العراق
إيران والمفاوضات النووية: السير نحو النفق المظلم
التفكيك الناعم لتنظيم الإخوان المسلمين في الأردن: ضرورة سياسية لحماية الاستقرار الوطني
المشروع الذي قدمه النائب الأميركي غريغ ستيوب يهدف إلى تصنيف تسع وعشرين جماعة تابعة للحرس الثوري الإيراني كمنظمات إرهابية أجنبية وهذه الخطوة تمثل تصعيدًا واضحًا في استراتيجية واشنطن لكبح تمدد إيران العسكري وتفكيك بنيتها الميليشياوية التي باتت تهدد الأمن القومي لدول المنطقة والمجتمع الدولي على حد سواء
من أبرز الجماعات المشمولة في هذا المشروع منظمة بدر ولواء فاطميون ولواء زينبيون وحركة حزب الله النجباء وأنصار الله الحوثيون وكتائب الإمام علي بالإضافة إلى عدد كبير من ميليشيات الحشد الشعبي وهذه التنظيمات المنتشرة في العراق وسوريا واليمن ولبنان ليست سوى أدوات عسكرية تعمل تحت مظلة الحرس الثوري الإيراني وتنفذ أوامره مباشرة
المشروع يفرض على وزارة الخارجية الأميركية إلزامية تصنيف هذه الجماعات خلال تسعين يومًا من صدور القانون وفق المادة مئتين وتسعة عشر ألف من قانون الهجرة والجنسية الأميركي مما يمنح الحكومة الأميركية آليات قانونية ومالية واسعة لتجميد أصول هذه الكيانات وقطع قنوات دعمها
كما يمنح القانون الرئيس الأميركي صلاحيات أوسع من بينها فرض عقوبات فورية بموجب الأمر التنفيذي رقم ثلاثة عشر ألفًا ومئتين وأربعة وعشرين على كل كيان مدرج ما لم يقدم تقريرًا للكونغرس يوضح أسباب الاستثناء كذلك يلزم المشروع الإدارة الأميركية بتقديم تقارير دورية كل مئة وثمانين يومًا عن أي جماعات يحتمل ارتباطها بالحرس الثوري لاحقًا
ما يجب إدراكه أن هذه الخطوة لا تنفصل عن الصورة الكاملة لمشروع إيران الإقليمي الذي يرتكز على إشعال الفوضى واستنساخ نماذج سلطوية تخدم مصالحها التوسعية من دعم الحوثيين في اليمن إلى تمويل وتدريب مليشيات في العراق وسوريا ولبنان تعمل طهران على تقويض استقرار المنطقة من الداخل عبر جماعات عقائدية مسلحة تأتمر بأوامرها
ولم يتوقف خطر إيران عند حدود التمدد العسكري بل تجاوز ذلك إلى تهديدات نووية وصاروخية باتت تمثل تحديًا مباشرًا للأمن الدولي توزيع إيران للصواريخ الباليستية عبر وكلائها كما يحدث في اليمن وغزة ولبنان هو بمثابة إعلان غير مباشر لحرب مفتوحة ضد الاستقرار العربي والدولي
هذا المشروع القانوني يمثل تطورًا مهمًا في توظيف الأدوات القانونية لمكافحة الإرهاب الدولي ويؤكد حق الدول في الدفاع عن أمنها القومي ضد جهات تدعم أو تنفذ عمليات إرهابية عابرة للحدود كما يشكل رسالة واضحة مفادها أن مرحلة الصمت أمام الإرهاب الإيراني قد انتهت وأن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ خطوات مماثلة لتجفيف منابع تمويل هذه الجماعات ومحاسبة من يقف خلفها
إن الميليشيات التي تديرها طهران لا تهدد فقط الأنظمة السياسية بل تهدد المجتمعات والشعوب وتغذي النزاعات المذهبية وتحرم الملايين من الاستقرار والتنمية لذلك فإن تصنيفها كمنظمات إرهابية هو خطوة أولى على الطريق الصحيح في معركة طويلة يجب أن تخاض بحزم وبمشاركة إقليمية ودولية واسعة