موقع المجلس:
في إطار مؤتمر بلدية باريس الخامسة بمشاركة أكثر من ألف رئيس بلدية فرنسي للتنديد بالإعدامات في إيران، ألقت إينغريد بيتانكور، المرشّحة السابقة لرئاسة كولومبيا وأحد أبرز الأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان، كلمة مؤثرة عبّرت فيها عن إدراكها العميق لطبيعة النظام الإيراني القائم على الرعب والابتزاز والقتل المنهجي. واعتبرت أن الحل الوحيد لوقف هذه الكارثة هو إسقاط النظام، مؤكدةً أن المقاومة الإيرانية بقيادة السیدة مريم رجوي تمثّل البديل الديمقراطي الوحيد القائم اليوم. بيتانكور، التي اختُطفت سابقاً وعاشت تجربة الأسر، حذّرت من سياسة “الدبلوماسية عبر الرهائن” التي ينتهجها النظام الإيراني، وناشدت الحكومات الغربية بالكف عن مدّ أنفاس هذا النظام القاتل والتوقف عن مقايضة حرية شعوبهم بدعم الإرهاب.
كلمة إينغريد بيتانكور
أود أولاً أن أشكر السيدة “فلورانس برتو” على استضافتها لنا مجدداً. لقد اجتمعنا هنا مراراً وتكراراً. تحية لكم جميعاً، أصدقائي الأعزاء، رؤيتكم دائماً مصدر سعادة لي، في كل فرصة نتمكن فيها من الحديث عن إيران.
تحية حارة إلى مريم رجوي. إنها مناسبة هامة أتاحتها لنا حملة رؤساء البلديات الفرنسيين ضد الإعدامات في إيران، لنفكر ونتأمل معاً.
نحن معتادون على قراءة الأرقام والإحصاءات، لكن من الضروري أن نتذكر أن خلف كل رقم، هناك حياة، هناك أسرة، هناك ألم. هؤلاء بشر مثلنا، يعانون من مآسٍ حقيقية. علينا أن نتعامل مع الأمر من منظور إنساني، لأننا نحن في أوروبا أيضاً، ضحايا لهذا النظام.
أود الإشارة إلى ما قالته فلورانس: هذا النظام يسعى لإخضاع الناس بالابتزاز والرعب لتحقيق أهدافه. هذه القدرة على ترويع الشعوب لا يطبقها فقط في إيران، بل هنا أيضاً، بيننا.
لقد سمعنا مؤخراً خبراً مفرحاً: إطلاق سراح “أوليفييه غرانجون”، المواطن الفرنسي الذي كان محتجزاً كرهينة لدى النظام. كم كان رائعاً أن نراه يعود إلى عائلته وإلى أحضاننا. لكن هذه الفرحة لا يجب أن تُنسينا من لا يزالون محتجزين: مثل “سيسيل كولير” و”جاك باريس”، وغيرهم من الأوروبيين القابعين في سجون النظام الإيراني.
وهذا يعيدنا إلى إحدى الرسائل المحورية لـ مريم رجوي: طالما أن حكوماتنا تلعب على ملعب النظام الإيراني، فإننا جميعاً عرضة للخطر. أسرنا، أولادنا، أصدقاؤنا قد يقعوا في براثن هذا الجنون ويصبحوا رهائن.
تحدث “جان فرانسوا لو گاره” و”جيلبر ميتران” عن دبلوماسية الرهائن… وأنا أقول: لماذا نحن هنا؟ لأننا نعرف الحل. لا توجد عشرون طريقة، بل هناك طريقة واحدة فقط لوقف هذه الكارثة: إسقاط النظام الإيراني. لا يمكننا التفكير في أي حل آخر.
طالما أن هؤلاء المتطرفين في السلطة، فالإعدام والتعذيب وانتهاك الحقوق والجرائم لن تتوقف. نحن نعلم أن الحل هو إسقاط هذا النظام، ونعلم أنه ضعيف اليوم بفعل ما يحدث في المنطقة.
لكننا نعلم أيضاً أن مجرد سقوط النظام لا يكفي. يجب أن نعرف من هو البديل. ولحسن الحظ، نحن نعرف المقاومة الإيرانية منذ سنوات، نعرف من هم. هم ديمقراطيون يقودهم امرأة استثنائية، شجاعة، سخية، كرّست حياتها لهذا النضال، مريم رجوي.
امرأة شهدت مقتل إخوتها وأخواتها، لكنها صمدت، وظلت صوت هذه المقاومة. لولا صمودها وصوتها، لما اجتمعنا اليوم هنا لنتكلم.
ولكن… ماذا تفعل حكوماتنا؟ ما هذه الدبلوماسية بالرهائن؟ بدل أن تدعم هذه المقاومة، وهي أفضل فرصة أمامنا للخلاص من الابتزاز والإرهاب، اختارت، للأسف، طريقاً معيباً: دفع الفدية سراً مقابل إطلاق سراح رهائننا، مقابل ملاحقة المقاومة.
غداة الإفراج عن أوليفييه – وأنا سعيدة جداً أنه بيننا – أقول: صدقوني، أنا أعرف معنى أن تكون رهينة. ولكنني أعلم أيضاً أن على حكوماتنا أن تتوقف عن إعطاء التنفس الاصطناعي لهذا النظام. وإلا، فسنواجه أوليفييه آخر، وسيسيل كولير أخرى، وأناساً آخرين من بيننا سيقعون في فخ هذا النظام، ليُستخدموا أدوات تفاوض على أمور لا يُفترض التفاوض عليها.
نحن هنا اليوم من أجل العدالة، من أجل قيمنا، من أجل مبادئنا الديمقراطية. نحن هنا لنتأمل: كيف يمكننا أن نساعد هذه المقاومة في أن تكون البديل؟ هذا هو أملنا الحقيقي لإنهاء هذا الكابوس.
شكراً لكم.