نشاط وحدات الانتفاضة داخل ایران
بقلم موسی افشار:
في كل نظام ديكتاتوري، تكون المقاومة الشعبية الداخلية العامل الأبرز في إضعاف ذلك النظام، وهزّ أركانه، ودفعه نحو الانقسام والانهيار. ورغم أنّ العلاقات الدولية والدعم الخارجي قد تؤثر على مصير أي ديكتاتورية، فإن العنصر الحاسم في قلب موازين القوة هو دائمًا حركة مقاومة داخلية منظمة وشجاعة.
في إيران، حيث يحكم منذ عام 1979 نظامٌ ديني شمولي يُعرف بـ نظام ولاية الفقيه، تستند السلطة العليا فيه إلى رجل دين يُدعى «الولي الفقيه»، وقد كانت جذور المقاومة ضده حاضرة منذ الأيام الأولى لتأسيسه.
لقد شهد هذا النظام انقسامات داخلية متكررة، لم تكن عشوائية، بل جاءت غالبًا نتيجة مقاومة خارج دائرة السلطة. بداية من اعتراضات المفكرين على الاستبداد الديني لخميني، مؤسس النظام، وصولاً إلى مقاومة السجناء السياسيين في الثمانينات، ورفض النساء للقوانين الذكورية الصارمة، واحتجاجات الطلبة ضد قمع الحريات الجامعية، ثم رفض الشعب للتدخلات العسكرية الخارجية وفرض الحجاب القسري.
اليوم، تحوّلت السياسات المعادية للمرأة، التي تُعتبر جوهر هذا النظام، إلى عنصر تهديد داخلي له. النساء في إيران، ومنذ عقود، يطالبن بحقوق متساوية، وحرية في اختيار نمط حياتهن، ومكانتهن كمواطنات كاملات الحقوق. وقد تجسّدت هذه المطالبات في موجات احتجاجية مستمرة، من السجون إلى الشوارع، وجعلت من قضية المرأة واحدة من أخطر أزمات النظام وأكثرها تفجّرًا.
بفضل هذه المقاومة، تفككت الحلقات التي كانت تشكل قلب النظام، وأصبح الإعلام التابع له يُضطر للاعتراف بالواقع. صحيفة اعتماد الإيرانية نشرت بتاريخ 14 أبريل 2025 تقريرًا بعنوان: «النواة الصلبة للنظام ضد النظام»، سلطت فيه الضوء على انقسامات داخلية بسبب وقف مشروع قانون «العفاف والحجاب»، وهو القانون الذي يعزز فرض الحجاب الإجباري على النساء.
ونقلت الصحيفة تصريحات «سيد منان رئيسي»، نائب مدينة قم في البرلمان الإيراني، الذي قال في تسجيل مصوّر:
«الأنصار الأكثر تشددًا للنظام مستعدون لتحمل التضخم والفقر، فقط لأنهم يعتقدون أن هذا النظام يُطبق أحكام الإسلام. لكن إذا توقف عن ذلك، فليس هناك سبب يدفعهم للتضحية أو تحمل الأزمات».
وفي موقف مشابه، صرّح «وحيد يامينپور»، أحد مسؤولي النظام، قائلاً:
«الجمهورية الإسلامية كقطار، والمحرك الأساسي لهذا القطار هم الموالون العقائديون، لكن إذا تخلى النظام عن مبادئه، فهؤلاء سيكونون أول من يغادر القطار».
هذه المواقف تعبّر عن اهتزاز شديد في ولاء النواة المتشددة داخل النظام، وتكشف كيف أن المقاومة الشعبية أثرت في عمق الهيكل العقائدي للسلطة.
وفي مقارنة واضحة مع الأنظمة المنهارة في المنطقة، قال فؤاد إيزدي، أحد الأكاديميين التابعين للنظام، في مقابلة عام 2024:
«إذا لم يشعر الشباب أن النظام إسلامي كما يدعي، فلن يدافعوا عنه، وسيتحول الوضع في إيران إلى ما يشبه سوريا».
كل هذه الشواهد تؤكد أن الرابح الحقيقي في معركة الإرادات هو الشعب والمقاومة.
النساء الإيرانيات – من المعتقلات إلى المتظاهرات في الشوارع، ومن ناشطات وحدات الانتفاضة إلى قائدات جيش التحرير الوطني الإيراني – هنّ من سيُوجّهن الضربة القاضية لنظام الملالي.