تکالب ذئاب نظام الملالي في البرلمان-آرشیف
موقع المجلس:
وسط حالة من الارتباك والاضطراب تعكس أزمات أعمق تتعلق بشرعية النظام ومستقبله، يتواصل التکالب والتناحر بين أجنحة النظام الإيراني بشأن مسألة التفاوض مع الولايات المتحدة،.
کما لا یقتصر هذا الصراع على تباين في الرؤى السياسية، بل يكشف عن تصدع داخلي يعصف ببنية الحكم ويهدد تماسكه في وجه التحديات الداخلية والدولية.
جدل حول شكل التفاوض يخفي الخلاف الجوهري
لطالما اعتبر النظام الإيراني التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة من المحرمات الأيديولوجية. تجربة الاتفاق النووي لعام 2015 لا تزال حاضرة في ذاكرة النظام كجرح لم يندمل، يتأرجح توصيفه بين “الخطأ الاستراتيجي” و”الضرورة الدبلوماسية”. وها هو الخلاف حول العودة إلى طاولة المفاوضات يعود مجددًا، مشعلًا نيران الجدل بين الأجنحة المختلفة، التي لجأت إلى التركيز على الشكل – مباشر أو غير مباشر – في محاولة لتجاوز جوهر القضية وتخفيف ردود الفعل داخل صفوف النظام.
تصريحات متشنجة من الملالي
في هذا السياق، أطلق الملا أحمد علمالهدى، ممثل خامنئي في مشهد، تصريحات نارية، اعتبر فيها التفاوض مع الولايات المتحدة “تفريطًا بالتكليف الشرعي” و”فخًا استراتيجيًا”. ووصف تجربة الاتفاق النووي بـ”اللعنة”، مضيفًا:
“من يملك ذرة من الغيرة الوطنية لا يمكن أن يرضى بتسليم مكاسبنا وأن يجلس متسولًا. الأميركيون يريدون نزع كل أنواع الأسلحة، حتى المسدسات التابعة لشرطة النظام!”
هذه التصريحات تعبّر عن تيار داخل النظام يرى في أي انفتاح على واشنطن تهديدًا جوهريًا لهيكل السلطة القائم على الشعارات والخطاب العدائي تجاه الغرب.
برلمان النظام بين الطاعة والخطوط الحمراء
في مجلس النظام، تتنوع التصريحات لكنها تصب جميعها في إطار واحد: الخضوع لتوجيهات خامنئي. فقد أشار النائب أكبر بولادي إلى قبوله بالمفاوضات غير المباشرة بشرط الالتزام بخطوط خامنئي. وفي المقابل، صرّح النائب مجيد دوستعلي بأن “العدو المستكبر يسعى لفرض مطامعه المذبوحة على الأمة”، مؤكدًا أن “كلمة خامنئي هي الفصل”.
هذا التكرار الدائم لمقولة “فصل الخطاب” يعبّر عن غياب كامل للاستقلالية الفكرية، وتبعية مطلقة لبنية الحكم المركزية المرتبطة بمكتب الولي الفقيه.
وسائل الإعلام ودورها في تهدئة الرأي العام
تسعى وسائل الإعلام التابعة للنظام إلى تطويق التداعيات المحتملة للمفاوضات على المستوى الشعبي. فقد أكّد مذيع قناة النظام، مهدي خانعليزاده، على ضرورة “الحذر” في التعامل مع الأمريكيين، واصفًا الحوار معهم بأنه “تفاوض مع العدو”. كما حذّرت صحيفة “خراسان” من “خلق توقعات كاذبة”، مشيرة إلى تداعيات الاتصال الهاتفي بين حسن روحاني وباراك أوباما عام 2013، وما خلفه من جدل داخلي.
وتقول الصحيفة:”المفاوضات ليست حلًا لمشكلات البلاد. يجب تجنب التفاوض المباشر أو التطرق لمواضيع غير نووية حتى لا نغضب الحلفاء ولا نشجع العدو على التمادي”.
أزمة هوية وتآكل داخلي
ما تشهده أروقة الحكم في طهران يتعدى الخلاف حول آلية التفاوض. إنه مؤشر واضح على أزمة عميقة تضرب قلب النظام. الصراع المحتدم بين أجنحة السلطة يعكس هشاشة النظام الإيراني في مواجهة الاستحقاقات الكبرى، ويفضح تناقضاته الداخلية، بل وارتباكه المزمن أمام التغيرات الإقليمية والدولية.
فالمواجهة حول “التفاوض مع الشيطان الأكبر”، لم تعد مسألة دبلوماسية، بل صارت ساحة للصراع الوجودي داخل نظام قائم على القمع والعداء المزمن للعالم.