موقع المجلس:
شهد حي “الزراع” (شیرآباد) في مدينة زاهدان في فجر الخميس 10 نيسان/أبريل 2025، واحدة من أبشع مشاهد القمع الطبقي والعنصري، حيث أقدمت بلدية زاهدان، مدعومةً بقوات عسكرية وعناصر بلباس مدني، على هدم ما لا يقل عن ثمانية منازل سكنية تعود لأسر بلوشية محرومة، دون أي إشعار مسبق أو إذن قضائي.
المنازل التي كانت مأوى لعائلات كبيرة وأطفال ونساء، تم تسويتها بالأرض بحجّة أنها مبنية على “أراضٍ وطنية”، رغم أن ملكيتها موروثة منذ أجيال، ومعترف بها عرفيًا ومجتمعيًا. هذا الانتهاك الجديد يُضاف إلى سلسلة طويلة من الاعتداءات الممنهجة التي تهدف إلى تغيير الهوية السكانية في محافظة سيستان وبلوشستان.
في المقابل، يرفل قادة حرس النظام الإيراني ومسؤولو النظام في ثروات طائلة داخل فيلاتهم الفاخرة شمال طهران، وفي لواسان ونياوران وسواحل بحر قزوين. فيلات تُقدَّر بملايين الدولارات، بُنيت بأموال منهوبة من ميزانيات الدولة والشعب، في ظل فساد مالي مستشري يتصدره “مقرخاتم الأنبياء” ومؤسسات الولي الفقيه. في الوقت الذي يُهدَّم فيه سقف الفقراء، تزداد أرصدة الناهبين في الداخل والخارج.
أبناء بلوشستان، الذين يعانون الفقر المدقع والتهميش المتعمّد، يُحرمون من المياه الصالحة، والخدمات الصحية، والبنية التحتية الأساسية، ويتعرضون لملاحقة دائمة من أجهزة الأمن، وكأنهم غرباء في وطنهم. هذه ليست حوادث فردية بل سياسة رسمية ممنهجة تقوم على الإفقار والإذلال.
في بلدٍ تُغلق فيه أبواب الرزق، ويُلاحَق فيه الفقرُ الناسَ من المهد إلى اللحد، لا يملك البلوش شيئًا سوى كدّ أيديهم ودموع أمهاتهم. يبنون من الطين والقرميد، بحجارةٍ حملوها على ظهورهم، سقفًا متواضعًا ليأوي أبناءهم من حرّ الصيف وبرد الشتاء. في غياب فرص العمل والدخل، يغامر الكثير من شبابهم بأرواحهم عبر حمل الوقود على الحدود، مقابل بضعة ريالات بالكاد تسد رمق الجوع، ومع ذلك تُطلق عليهم الرصاصات وكأنهم مجرمون، لا ضحايا الإهمال والفقر المتعمّد.
لكن هذا الظلم لن يستمر إلى الأبد. القهر الممنهج يولّد الانفجار. وتخريب البيوت اليوم هو شرارة أخرى في نار الغضب المتراكم، الذي سيتحوّل إلى زلزال سياسي وشعبي يقتلع جذور الملالي والحرس، ويقذفهم إلى مزبلة التاريخ، حيث لا مكان للطغاة ولا لناهبي الشعوب.