موقع المجلس:
تم تسليط الضوء على تعمّق الأزمة الاقتصادية في إيران، في ظل عجز الرئيس المعيَّن من قبل خامنئي، بزشکیان، خلال تقرير حديث لوكالة بلومبرغ. و لقد تطرق التقریر عن عدم الوفاء بوعوده الانتخابية، رغم استمرار العقوبات الدولية. فقد شهدت العملة الوطنية خلال الأشهر الـ12 الماضية تراجعًا حادًا تجاوز 60% مقابل الدولار الأمريكي في السوق الحرة، بينما يعاني المواطنون من انقطاعات متكررة في الكهرباء وشحٍّ متزايد في المياه، في وقت تتصاعد فيه حالة الغليان الشعبي وسط تساؤلات متزايدة حول الجهة المسؤولة عن هذا الانهيار.
وعود لم تُنفّذ وأزمات تتفاقم
أجمعت تحليلات خبراء الاقتصاد على أن سوء الإدارة وغياب السياسات الاقتصادية الفعالة أدّيا إلى تفاقم الضغوط المعيشية على المواطنين. فالوعود الحكومية بكبح التضخّم، خلق فرص عمل، وتحسين البنى التحتية لا تزال حبراً على ورق، فيما يحذر المحللون من أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى أزمة شرعية سياسية تُضاف إلى الأزمة الاقتصادية الراهنة.
الغذاء يلتهم أكثر من نصف الدخل
بحسب تقرير لموقع بهار نيوز، بلغت كلفة الغذاء الشهري لعائلة مكوّنة من أربعة أفراد في كانون الثاني/يناير 2025 ما يعادل 58% من الحد الأدنى للأجور. وهذا يعني أن العامل ذي الدخل الأدنى يضطر إلى تخصيص ما تبقّى من دخله – أي 42% فقط – لتغطية النفقات الأخرى مثل الإيجار، والعلاج، والمواصلات. هذا الواقع دفع العديد من الأسر إلى اللجوء لنظام الشراء بالتقسيط من أجل الحصول على حاجاتهم الأساسية من الغذاء، ما يسلّط الضوء على تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
ولا تقتصر تداعيات هذا الوضع على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل آثارًا اجتماعية ونفسية طويلة المدى، خصوصاً على الأطفال، في ظل غياب أي برامج فعالة للدعم أو الحماية الاجتماعية.
الدولار والذهب: مؤشرات الفوضى المقبلة
من جهته، أشار موقع تجارت نيوز الحكومي إلى أن خبراء السوق يتوقّعون استمرار صعود سعر الدولار طالما لم تتضح نتائج المفاوضات غير المباشرة بين النظام الإيراني والولايات المتحدة. وفي حال بقيت الأوضاع الاقتصادية على حالها، فقد يصل سعر الدولار إلى 140 ألف تومان، مما قد يدفع بسعر غرام الذهب إلى حدود 10 ملايين تومان.
هذا الارتفاع الحاد في أسعار العملات والذهب لا يؤثر فقط على القدرة الشرائية للمواطنين، بل يُنذر بارتفاع تكلفة الإنتاج وأسعار السلع الاستهلاكية، ما يؤدي إلى تراجع في الطلب ويزيد من حالة الركود في الأسواق، وسط غياب تدابير اقتصادية جدية لكبح الانهيار.
احتجاجات الجياع: الشارع على حافة الانفجار
في ظل هذا الانهيار الاقتصادي، تتزايد بوادر الاحتجاجات الشعبية في مختلف المدن الإيرانية، مدفوعة بالجوع واليأس. الهتافات التي تُسمع في الشوارع لم تعد تقتصر على مطالب اقتصادية، بل تعبّر عن غضب اجتماعي عميق، وتطالب برحيل النظام.
تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة التجمعات العفوية في الأسواق والمناطق الفقيرة، حيث يطالب المواطنون بالخبز والعمل والكرامة. وتُعدّ هذه التحركات إنذارًا واضحًا لما وصفه مراقبون بـ”انتفاضة الجياع”، التي قد تتحوّل إلى انفجار شعبي واسع إذا استمرت السياسات الحالية على حالها، دون حلول جذرية للأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة.