باخرات بترول ایرانیة عالقة في المیاه الدولي-آرشیف
موقع المجلس:
كشفت بيانات جديدة لموقع “كبلر” المتخصص في تتبّع حركة الطاقة عالميًا، أن الصين، ومع تصاعد الضغط الأميركي، توقّفت عن تقديم طلبات جديدة لشراء النفط الخام الإيراني، بما في ذلك المصافي الخاصة الصغيرة المعروفة باسم “تيبات” أو “الإبريقات”، التي لطالما شكّلت الزبون الرئيسي للنفط الإيراني الرخيص.
ووفق تقرير نشره “كبلر” في مطلع أبريل 2025، فإن المصافي المستقلة في مقاطعة شاندونغ، التي استهدفتها العقوبات الأميركية مؤخرًا، امتنعت عن عقد أي صفقات جديدة لشراء النفط الإيراني، وهو ما يُعدّ مؤشرًا واضحًا على تصعيد سياسة “الضغط الأقصى” التي تعتمدها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
انخفاض كبير في أسعار النفط الإيراني
من جهة أخرى، انخفضت أسعار عروض شراء النفط الإيراني الخفيف بشكل حاد. ففي حين كانت هذه العروض تُقدَّم سابقًا بسعر يقلّ عن 0.8 دولار من سعر خام برنت، تراجع الفارق بعد العقوبات إلى أكثر من 1.5 دولار أقل من السعر العالمي، ما يعكس تدهورًا في مكانة النفط الإيراني في السوق الصينية.
ورغم استمرار بعض عمليات التقييم من قبل المصافي الصينية بشأن جدوى الاستمرار في استيراد الخام الإيراني، فإن الأنظار تتجه حاليًا إلى مصير مصفاة “شوغوانغ لوکينغ بتروشيمي” التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 60 ألف برميل يوميًا، والتي تم فرض عقوبات عليها مؤخرًا.
تأثير العقوبات على مسار شحنات النفط
بحسب كبلر، فإن المصافي الصغيرة شمال شرق الصين تعتمد بشكل رئيسي على الخام الإيراني الرخيص، وتبيع منتجاتها داخل البلاد بالعملة المحلية، ما يجعلها في منأى عن بعض جوانب العقوبات الثانوية. لكنّ استمراريتها تبقى مرهونة بوصول الشحنات عبر ناقلات نفط قادرة على الرسو في الموانئ الصينية دون تعرّض للعقوبات الأميركية.
في هذا السياق، أفاد تقرير لمجلة “الإيكونوميست” بتاريخ 16 يناير 2025، أن واضعي العقوبات في واشنطن بدأوا في استهداف ناقلات النفط التي تتولّى الجزء الأخير من رحلة الخام الإيراني، عادة من ماليزيا إلى الصين. ونتيجة لذلك، باشرت بعض الموانئ الصينية برفض استقبال هذه الناقلات خوفًا من التعرّض للعقوبات.
مقاومة محدودة داخل النظام المالي الصيني
رغم ذلك، لم تظهر حتى الآن مؤشرات على قطع الدعم المالي عن مصفاة “لوكينغ” التي طالتها العقوبات، ما يفتح المجال أمام استمرار نشاطها. وفي حال تمكّنت من الصمود، فقد يشجّع ذلك مصافي أخرى تعتمد على النفط الإيراني على مواصلة الاستيراد.
وأشار تقرير كبلر إلى أن بعض شحنات النفط الإيراني التي وصلت حتى 26 مارس 2025 عبر ناقلات غير مدرجة في قائمة العقوبات الأميركية (OFAC)، تمكّنت من تفريغ حمولتها بنجاح، ما يدلّ على أن بعض الموانئ الصينية لا تزال تتعامل مع هذه الشحنات رغم الضغوط المتزايدة.
منع ناقلات وتخبط في الموانئ الصينية
تحوّل في الموقف بدا واضحًا عندما أعلنت إدارة موانئ شاندونغ، في 7 يناير 2025، قبل أسبوعين من تسلّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامه رسميًا، عن حظر دخول الناقلات الخاضعة للعقوبات الأميركية إلى الموانئ الواقعة تحت إشرافها، وهو ما يمثّل ضربة مباشرة لواردات النفط الإيراني.
ومع ذلك، تظهر بيانات كبلر أن ناقلتين من نوع “أفراماكس” – هما “توراکو” و”نريوس سوفیا” – المدرجتان حديثًا على لائحة العقوبات، تمكّنتا من تفريغ شحنات النفط الإيراني هذا الأسبوع في موانئ “يانغشان” و”دونغیينغ”.
هذا التخبط في موقف الموانئ والمصافي الصينية يعكس حالة من القلق المتزايد إزاء الانكشاف أمام العقوبات الأميركية، ويضع مستقبل النفط الإيراني في آسيا أمام تحديات غير مسبوقة. وفي حال واصلت واشنطن هذا التصعيد، فإن الحصة المتبقية من النفط الإيراني في السوق العالمية مرشحة للانكماش بشكل أكبر، ما قد يفاقم من أزمة الإيرادات للنظام الإيراني الذي يراهن على الالتفاف على العقوبات من خلال الشراكات “الرمادية”.