صور للفقر المدقع في ایران
موقع المجلس:
عندما يصبح الرخاء الاقتصادي تهديدًا للديكتاتورية، يتحول الفقر إلى أداة للقمع. كشفٌ أخير أدلى به مسعود روغني زنجاني، الرئيس السابق لمنظمة التخطيط والميزانية في النظام الإيراني، عن استراتيجية مروعة يعتمدها نظام الملالي الحاكم في إيران. ففي مقابلة مع «عبدي ميديا» بتاريخ 9 مارس 2025، صرّح روغني زنجاني بأن الولي الفقيه للنظام علي خامنئي قال ذات مرة للرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني: «إذا أصبح الناس ميسوري الحال، فإنهم سيتركون الدين».
صورة للفقر المدقع في ایران
هذا التصريح ليس مجرد زلة لسان عابرة، بل يكشف بوضوح عن استراتيجية ممنهجة يستخدمها النظام الإيراني، تستند إلى تعميق المعاناة الاقتصادية كأداة للسيطرة. ويفسر هذا النهج السبب وراء بقاء الاقتصاد الإيراني في أزمة مستمرة رغم امتلاك البلاد موارد طبيعية هائلة. فالفقر في عهد خامنئي ليس نتيجةً لسوء الإدارة فحسب، بل هو سياسة مقصودة.
الفقر كسلاحٍ للقمع فیما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الـ25 على حق كل إنسان في مستوى معيشي لائق يشمل الغذاء والصحة والمسكن، لكن سياسات النظام الإيراني تتعارض مع هذه المبادئ الإنسانية، وتبقي الملايين في دائرة الحرمان.
رغم احتياطي إيران الكبير من النفط والغاز، أدت عقود من سوء الإدارة والفساد والقمع إلى دفع قطاعات واسعة من السكان تحت خط الفقر. وبينما تلقي السلطات الإيرانية باللوم على العقوبات الدولية، تكمن الحقيقة في أن النظام يتعمد إبقاء الشعب في حالة من الحرمان لمنع أي معارضة محتملة. فالشعب الذي يكافح باستمرار لتأمين لقمة عيشه لن يجد الطاقة الكافية لمواجهة النظام.
التضخم وتدهور العملة وتدمير سبل العيش يساهم النظام الإيراني بشكل مباشر في تفشي التضخم وتدهور قيمة العملة الوطنية والركود الاقتصادي، ما يجعل أساسيات الحياة صعبة المنال ويخلق شعبًا معتمدًا ويائسًا.
خسرت العملة الإيرانية أكثر من 90% من قيمتها خلال العقد الأخير.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تفوق 300% منذ عام 2022.
تبقى معدلات البطالة مرتفعة جدًا، مع تأثر الشباب والنساء بشكل خاص.
ليست هذه الظروف وليدة الصدفة، بل هي جزء من آلية السيطرة المتعمّدة.
البنياد وسيطرتها الاقتصادية يسيطر الاقتصاد الإيراني بشكل كبير من خلال مؤسسات تُعرف بالبنياد، التي تتمتع بإعفاءات ضريبية وغياب للمساءلة وتعمل مباشرة تحت إشراف خامنئي. مؤسسات مثل مؤسسة المستضعفين وآستان قدس رضوي تتحكم في قطاعات اقتصادية كبيرة من البناء إلى البنوك، وتعمّق الفجوة بين الأثرياء والفقراء بدلًا من تخفيف الفقر.
یتجلى نفاق النظام الإيراني بشكل صارخ في التناقض بين نمط حياة المسؤولين الباذخ ومعاناة المواطنين العاديين:
تموت النساء في سيستان وبلوشستان أثناء الولادة بسبب غياب الخدمات الطبية، بينما يسافر أقارب خامنئي إلى الخارج للولادة في مستشفيات خاصة فاخرة بلندن وكندا.
يسكن قادة النظام في فيلات فاخرة بملايين الدولارات في شمال طهران، بينما يعيش الملايين في أحياء فقيرة دون مياه نظيفة أو صرف صحي.
هذا التناقض ليس عرضيًا، بل سياسة مدروسة للسيطرة والهيمنة.
القمع عبر الفقر: يستخدم النظام الفقر بشكل منهجي لمنع المعارضة السياسية المنظمة. فالمنطق بسيط: حين يكافح المواطنون للحصول على أساسيات الحياة، لن يكون لديهم الطاقة لتنظيم احتجاجات ضد النظام. هذا ما ظهر بوضوح في احتجاجات عامي 2017-2018 و2019-2021، والتي اندلعت بسبب الظروف الاقتصادية وتم قمعها بشدة.
القمع الوحشي للاحتجاجات يؤكد أن الفقر ليس مشكلةً بنظر النظام الإيراني، بل أداة لإسكات المعارضة. فالسكّان الميسورون اقتصاديًا قادرون على تحدي الفساد الحكومي، وهو ما لا يسمح به نظام خامنئي.
تطرح هذه السياسات سؤالًا جوهريًا: أليس تعمد فرض المعاناة الاقتصادية على الشعوب جريمة ضد الإنسانية؟ وفق القانون الدولي، يعدّ الاضطهاد الاقتصادي الممنهج شكلاً من أشكال الجرائم التي يمكن ملاحقتها قانونيًا أمام المحكمة الجنائية الدولية.
على المجتمع الدولي إدراك حقيقة سياسات إيران: ليست مجرد سوء إدارة اقتصادية، بل هي جريمة متعمدة ضد الشعب.
المعركة المستمرة من أجل العدالة الاقتصادية: يستحق الشعب الإيراني أفضل من نظام يرى في معاناته أداة سياسية. إن كشف حقيقة موقف خامنئي من الفقر يؤكد أن القمع الاقتصادي سلاح في يد الديكتاتورية. لكن التاريخ يؤكد أيضًا أن الأنظمة المبنية على القمع لا تدوم إلى الأبد. عندما يصبح الفقر لا يطاق والظلم في ذروته، تصبح الثورات حتمية.
تقف إيران اليوم عند نقطة تحول، ويجب على العالم الاستماع إلى صرخات الشعب الإيراني وكشف حقيقة نظام يتغذى على المعاناة. إن نضال الإيرانيين من أجل الكرامة والعدالة والحرية الاقتصادية ما زال مستمرًا، وهو نضال سينتصرون فيه في نهاية المطاف.