موقع المجلس:
الخميس الأحمر؛ فیهي یتجدد العهد مع شهداء درب الحرية في إيران. في الخميس الأخير من العام، تسود بين الإيرانيين تقليد قديم؛ يوم يتوافد فيه الناس لإحياء ذكرى أحبائهم الذين رحلوا، ويستعيدون ذكرياتهم في القلوب. لكن في هذا الخميس، هناك قبور ليست مجرد ذكرى، بل هي رموز للصمود والتضحية والدماء التي أريقت على هذه الأرض من أجل بناء مستقبل حر وخالٍ من الاستبداد.
في هذا اليوم، تجمعت عوائل شهداء الانتفاضة الشعبية في إيران لإحياء ذكرى أحبائهم الذين ضحوا بأرواحهم من أجل إيران. لم تكن هذه المقابر مجرد أماكن لدفن أجسادهم، بل كانت محطات عهدٍ متجددة مع القيم التي استشهدوا من أجلها.
نشيد الدم والحرية
الأسماء المنقوشة على شواهد القبور تشهد على التزام هؤلاء الأبطال وتصديهم للطغيان والاستبداد:
رامين فاتحي، الذي دفع ثمن الحرية بدمه الطاهر.
مهران أكرمي، الذي كان صوتًا للعدالة ولم يحتمل الصمت.
محمد رضا إسكندري، الذي كان يحمل حلم إيران الحرة واستشهد في سبيل تحقيقه.
مريم آروين، التي غنّت نشيد المقاومة في مسامع التاريخ.
رحيم كليج، شاهو بهمني، جواد بابايي زاده، عليرضا أستوان، مهرشاد شهيدي، وصالح ميرهاشمي، كلٌّ منهم كان شعلة في طريق الحرية، طريقٌ لا مفرّ من انتصاره.
إنهم الذين قدموا أرواحهم، لكنهم باتوا خالدين في ذاكرة إيران.
قسَمٌ يتردد في صمت المقابر
بينما كانت الدموع تلمع في عيون العائلات، أعلنت بصوت يملؤه الفخر والإصرار أن درب الشهداء لن يتوقف، وأن تضحياتهم لن تذهب سدى. كانت الأمهات تضع أيديهن على قبور أبنائهن، يهمسن بحرقة: “سنكمل طريقكم، لن ندع دماءكم تذهب سدى!”
ولم تكن تلك الكلمات مجرد وداع، بل ميثاق جديد، ميثاقٌ تُدفع فيه ضريبة الحرية بالدماء والتضحيات، لكن النصر سيكون حتمياً. لقد زرع هؤلاء الشهداء بذور الأمل في قلوب الأحرار، وستواصل العائلات وشباب إيران والأجيال القادمة سقاية هذه البذور حتى تتحول إلى أشجار شامخة للحرية.
المقابر ليست حجارة، بل وثائق بطولة
لكن هذا اليوم لم يكن فقط لعوائل شهداء الانتفاضة. عوائل شهداء مجزرة صيف عام 1988، الذين تم إعدامهم بأمر من خميني الملعون، حاولوا أيضًا زيارة قبور أحبائهم، لكن أجهزة القمع التابعة للنظام الإيراني منعتهم من الدخول إلى مقبرة خاوران. هذا المشهد كان دليلاً واضحًا على أن النظام لا يزال يعيش في رعب دائم من ذكرى هؤلاء الشهداء، رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على جريمتهم.
إنهم ليسوا مجرد أسماء على الحجارة، بل هم كوابيس تلاحق النظام حتى يوم سقوطه المحتوم. هؤلاء الشهداء لم يُدفنوا في الماضي، بل لا يزالون أحياءً في ضمير الأمة الإيرانية، رموزًا للنضال ضد الاستبداد الديني وحكم القمع.
إيران حية بشهدائها، والطريق إلى الحرية لن يتوقف
في الخميس الأخير من العام، توافد الآلاف من الإيرانيين إلى المقابر لزيارة أحبائهم. لكن هناك قبور لم تكن مجرد أماكن للرثاء، بل معالم للشجاعة، والمقاومة، والروح الثورية.
على شواهد قبورهم، لم تُكتب كلمات العزاء، بل ارتبطت أسماؤهم بمعنى الحرية. لقد رحلوا، لكن دماءهم ما زالت تجري في عروق المقاومين. لقد صمتت أصواتهم، لكن رسالتهم تتردد في صرخات الأجيال القادمة.
واليوم، إيران حيةٌ بشهدائها. ليس بسبب أولئك الذين استسلموا للظلم، بل بفضل أولئك الذين روَوا شجرة الحرية بدمائهم الطاهرة. إيران باقية، لأن شهداءها خالدون، ولأن طريقهم لم ولن ينقطع.