موقع المجلس:
خلال فبراير 2025 شهدت المدن الایرانیة تصعيدًا ملحوظًا في الاحتجاجات بمختلف أنحاء إيران، مما يعكس تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد. ومع مرور أكثر من ستة أشهر على تولي مسعود بزشکيان الرئاسة، أصبح من الواضح أن النظام لا يزال في حالة شلل، غير قادر على مواجهة التحديات المتزايدة. ونتيجة لذلك، توسعت الاحتجاجات التي تقودها شرائح مختلفة من المجتمع في عدة مدن.
ووفقًا للتقارير، فقد شهدت إيران خلال فبراير ما لا يقل عن 216 حركة احتجاجية، توزعت على النحو التالي:
المتقاعدون: 72 احتجاجًا
العمال: 43 احتجاجًا
الممرضون والعاملون في القطاع الصحي: 12 احتجاجًا
الطلاب: 9 احتجاجات
التجار وأصحاب المحال التجارية: 6 احتجاجات
الأطباء والصيادلة: 4 احتجاجات
سائقو الشاحنات: احتجاجان
المعلمون والتربويون: احتجاجان
المزارعون: احتجاج واحد
سائقو سيارات الأجرة: احتجاج واحد
مربو الدواجن: احتجاج واحد
المهندسون: احتجاج واحد
قطاعات أخرى: 62 احتجاجًا
ملامح الاحتجاجات الرئيسية
شهد المتقاعدون احتجاجات واسعة للمطالبة بتعديل المعاشات، وتحسين الرواتب، ورفع مستوى المعيشة، حيث تركزت العديد من هذه المظاهرات أمام المؤسسات الحكومية، واتهم المتظاهرون المسؤولين بالفساد وسوء الإدارة المالية.
أما العمال، فقد نظموا احتجاجات في قطاعات متعددة، من بينها النفط، والبتروكيماويات، والتعدين، والاتصالات، احتجاجًا على تدني الأجور، وانعدام الأمن الوظيفي، وسوء ظروف العمل، والممارسات العمالية غير العادلة. ومن أبرز الاحتجاجات:
قطاع النفط والبتروكيماويات: شهدت حقول أبوزر النفطية، وشركة النفط البحرية الإيرانية في جزيرة لاوان، ومصفاة فجر جم للغاز،
وعدة مصانع للبتروكيماويات في ماهشهر وبندر إمام، إضرابات وتظاهرات واسعة.
قطاع التعدين: نفذ عمال مناجم الفحم في منطقة “ألبرز الشرقية” احتجاجات بسبب تأخر دفع الأجور وسوء ظروف السلامة.
قطاع الصلب والصناعة: شهد مصنع “خزر ستيل” في رشت، وموظفو شركة الاتصالات الإيرانية، وعمال مصانع النسيج في بروجرد، احتجاجات ضد تأخير الرواتب وسوء ظروف العمل.
كما نفذ الممرضون والعاملون في القطاع الصحي احتجاجات في مستشفيات عدة، منها مستشفى ما یسمی شهيد بهشتي في كاشان، ومستشفى الزهراء في أصفهان، ومستشفى آريا في الأهواز، اعتراضًا على زيادة ساعات العمل، وانخفاض الأجور، وتأخر المدفوعات. وأكدوا أن نقص الموارد في القطاع الصحي أصبح أزمة حادة تهدد حياة المرضى والعاملين على حد سواء.
وفي الأوساط الطلابية، خرجت احتجاجات في جامعة طهران، وجامعة إيران للعلوم الطبية، والجامعة الحرة في طهران ضد الزيادة الثلاثية في الرسوم الدراسية، وتجاهل الحكومة لمطالب تعديل جداول الامتحانات لطلاب الدراسات العليا.
تصاعد التوترات عقب مقتل الطالب أمير محمد خالقي
شهد منتصف فبراير تصعيدًا خطيرًا بعد مقتل الطالب أمير محمد خالقي، الذي قُتل بالقرب من سكنه الجامعي في طهران إثر مشاجرة مع عناصر إجرامية. وردًا على ذلك، نظم الطلاب احتجاجات أمام سكن جامعة طهران، ما أدى إلى مواجهات مع قوات الأمن بملابس مدنية، وأسفرت عن اعتقال عدد من الطلاب.
أما التجار وأصحاب المحال التجارية، فقد خرجوا في شارع مولوي جنوب طهران، ومنطقة خيام، وأسواق الذهب في إيرانشهر وأردبيل، احتجاجًا على الضرائب الباهظة، والارتفاع الجنوني للأسعار، وعدم استقرار الوضع الاقتصادي.
في حين نظم الأطباء والصيادلة في ياسوج، وأصفهان، والأهواز مظاهرات للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة منذ 18 شهرًا، وتسوية مشاكل التأمين، وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وفي قطاع النقل، أضرب سائقو الشاحنات في سمنان بسبب تدني الأجور والمشاكل اللوجستية، فيما تظاهر سائقو سيارات الأجرة في مشهد ضد اللوائح الجديدة التي فرضتها إدارة النقل في المدينة.
تصاعد الحركات البيئية والاحتجاجات الاجتماعية
شهدت مدينة أصفهان احتجاجات بيئية، حيث شكل الناشطون سلاسل بشرية رفضًا لمشاريع التعدين التي تهدد البيئة. وفي أراك، خرجت تظاهرات على مدار أيام عدة ضد استخدام وقود “مازوت” شديد التلوث في محطات الطاقة، والذي أدى إلى تدهور جودة الهواء بشكل خطير.
أما على الصعيد الحقوقي، فقد تجمع أهالي السجناء السياسيين المحكوم عليهم بالإعدام أمام سجن إيفين في طهران، مطالبين بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، غير أن هذه المظاهرات واجهت قمعًا أمنيًا شديدًا.
نظام مأزوم وتصاعد الغضب الشعبي
إن تزايد وتيرة واتساع رقعة الاحتجاجات في إيران يعكس تعمق أزمة النظام. ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتصاعد الغضب الشعبي، بات واضحًا أن حكومة مسعود بزشکيان عاجزة عن تقديم أي حلول حقيقية، وتواصل بدلاً من ذلك قمع المعارضين واعتقال المحتجين ونشر مناخ الترهيب.
في ظل الارتفاع الحاد في معدلات التضخم، وجمود الأجور، وتزايد التوترات السياسية، تقترب إيران من موجة احتجاجات أكبر وأكثر تنظيمًا. وتشكل احتجاجات فبراير مؤشرًا على دخول البلاد مرحلة من الاضطرابات المتصاعدة، دون بوادر لحل يلوح في الأفق.