موقع المجلس:
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأحد 5 يناير تقريرًا تناول وضع النظام الإيراني عقب انتخاب دونالد ترامب رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة. ووفقًا للتقرير، يستعد النظام الإيراني، الذي أصبح في وضع ضعيف، لعام مليء بالتحديات، حيث يواجه تصاعدًا في الاضطرابات الاجتماعية وتراجعًا في نفوذ حلفائه الإقليميين.
وأشار التقرير إلى العقبات الكبيرة التي يتوقع أن يواجهها النظام الإيراني في عام 2025، مع تفاقم أزمته الاقتصادية الحادة التي شهدها في عام 2024 وخسائره الإقليمية في الشرق الأوسط. وذكرت الصحيفة أن إدارة ترامب تسعى لفرض عقوبات أشد على النظام الإيراني للحد من دعمه للجماعات المسلحة في المنطقة، وهو ما يهدف إلى تقليص نفوذه. ومع ذلك، لا تزال استراتيجيات النظام الإيراني، رغم ضعفها، تمثل تهديدًا لحلفاء وشركاء الولايات المتحدة.
على الصعيد الداخلي، تبدو الأوضاع في النظام الإيراني أكثر هشاشة. فمنذ انتخاب الرئيس مسعود پزشکیان في يوليو 2024 بوعده بإصلاحات اجتماعية وإنعاش اقتصادي وانفتاح سياسي على الغرب، تلاشت الآمال الشعبية سريعًا. وبعد مرور ستة أشهر فقط، تصاعدت المصاعب الاقتصادية، مما أدى إلى تفاقم حالة السخط وزيادة خطر الاضطرابات الاجتماعية، وهو ما أثار قلق السلطات الإيرانية.
الأزمة الاقتصادية أدت إلى موجة من الاحتجاجات في قطاعات متعددة. فقد خرج التجار إلى الشوارع احتجاجًا على ارتفاع معدلات التضخم، كما نظم المتقاعدون وعمال النفط مظاهرات بسبب تأخر أو تقليص الرواتب. وفي الأسابيع الأخيرة، تجمع معلمون متقاعدون أمام البرلمان مطالبين بصرف مستحقاتهم المتأخرة، بحسب تقارير من نقابة المعلمين.
وامتدت حالة السخط إلى قطاع النفط، الذي يُعد أهم صناعة استراتيجية في البلاد وأكبر مصدر للعملة الأجنبية. ووفقًا للإعلام الرسمي والنقابات التجارية الإيرانية، نظم عمال مصنع البتروكيماويات في آبادان، أحد أكبر المصانع في البلاد، احتجاجات على عدم تلقي رواتبهم لمدة ثلاثة أشهر. وقد اكتسبت هذه الاحتجاجات طابعًا سياسيًا متزايدًا، حيث انتقد بعض المحتجين النظام لتركيزه المفرط على الأجندة الأيديولوجية مع تجاهله للاقتصاد.
في ظل القيود الداخلية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والضغوط الاجتماعية، يجد النظام الإيراني نفسه على أعتاب مواجهة حاسمة مع إدارة ترامب. وأثارت الإخفاقات التي شهدتها البلاد العام الماضي مخاوف من احتمال تسريع النظام الإيراني لبرنامجه النووي لاستعادة قوة الردع ضد أي هجمات خارجية محتملة.
وفقًا للتقارير، تدرس إدارة ترامب خيارات متعددة، بما في ذلك توجيه ضربات استباقية لمنع النظام الإيراني من تطوير قدراته النووية. وتمثل هذه الاستراتيجية تغييرًا عن النهج التقليدي للولايات المتحدة، الذي اعتمد طويلًا على الدبلوماسية والعقوبات لاحتواء طهران.
وقال محلل بارز في مؤسسة تشاتام هاوس: «هناك نافذة زمنية قصيرة قد تكون خلالها القيادة الإيرانية مستعدة للتفاوض، مما قد يسمح لترامب بتحقيق اتفاق يقدمه كإنجاز. ولكن الوقت ليس في صالحه. فالآيديولوجيون في فريق ترامب سيطالبون بتنازلات من النظام الإيراني قد لا يكون مستعدًا لقبولها، مما يعني المزيد من المعاناة للنظام».
في ظل قدرة اقتصادية متراجعة وضغوط داخلية متزايدة، أصبحت خيارات النظام الإيراني محدودة وهو يستعد لمواجهة محتملة ومصيرية مع الولايات المتحدة. ويعكس شبح الاضطرابات الاجتماعية المتجددة، إلى جانب التهديدات الخارجية، خطورة التحديات التي يواجهها النظام الإيراني في عام 2025.
باختصار، رسمت صحيفة وول ستريت جورنال صورة قاتمة لمستقبل النظام الإيراني القريب. فالتقاطع بين الأزمات الداخلية والخارجية يضع النظام عند مفترق طرق حاسم، حيث يواجه قيادته خيارات محدودة ومخاطر متزايدة على جميع الأصعدة.