واقع حزب الله عام 2024 غير صورته التي روج لها النظام الإيراني عام 2006.
الشيخ نعيم قاسم الأمين العام الجديد لحزب اللهبقايا حزب الله
میدل ایست اونلاین- منی سالم الجبوري:
على مر أكثر من أربعة عقود، عمل النظام الايراني وبصورة ملفتة للنظر على إنه المدافع الحقيقي الوحيد عن القضايا التي تشغل العالمين العربي والاسلامي وبالأخص القضية الفلسطينية. ومن المناسب هنا أن ننوه بأن الاحداث والتطورات التي مرت بالمنطقة قد أحدثت إنقساما في الشارعين العربي والاسلامي فيما يتعلق بالمزاعم التي دأب النظام الايراني على تكرارها وهو في حد ذاته كان عاملا سلبيا آخرا لهذا النظام من حيث كونه مصدر شقاق وتفرقة وإنقسام وليس الوحدة ورص الصفوف كما يدعي.
أخطر ما صدر عن هذا النظام وجعله منه تهديدا جديا محدقا بدول المنطقة، إنه سعى لطرح وكلائه في المنطقة بمثابة بديل للنظام الرسمي العربي، وبشكل خاص بعد حرب تموز 2006، والتي سعى النظام الايراني من خلالها تصوير حزب الله اللبناني، بأنه قد تمكن من خوض حرب في مواجهة إسرائيل في وقت تخشى البلدان العربية من خوضها، في وقت يعلم فيه الجميع بأن تلك الحرب كانت كارثية من كل الجوانب وكلفت لبنان والشعب اللبناني فوق طاقته. والى أعوام عديدة ظلت الماكنة الاعلامية للنظام وكذلك أقلام تابعة له تحمد وتثني على هذه الحرب وكأنها حققت ما قد عجز عنه العرب والمسلون لحد الان!
الحال الذي نتحدث عنه ظل مستمرا حتى هجمة السابع من أكتوبر 2023، والذي حاول النظام الايراني من خلاله أن يتقدم خطوة نوعية للأمام على صعيد المنطقة وعلى صعيد أوضاعه الداخلية قبل ذلك. ولم يكن هناك من بحاجة الى هكذا تطور غير عادي كما كان الحال مع هذا النظام، إذ أن المساعي الاقليمية والدولية التي كانت جارية قبل هذه الهجمة من أجل تهيئة الاجواء لحل الدولتين كانت تعني ضربة سياسية له، كما إن أوضاعه الداخلية كانت من السلبية بحيث إن مسؤولين وخبراء من داخل النظام كانوا يحذرون من إنفجار الاوضاع وإندلاع إحتجاجات أقوى بكثير من تلك التي جرت في أعقاب مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد ما يسمى بوحدات الارشاد في طهران، ويكفي هنا أن نذكر بأن النظام قد رحب بهجمة السابع من أكتوبر كما لم يرحب به أحد آخر والمثير والملفت للنظر إنه قد تماهى كثيرا في ترحيبه حتى وصل به الامر الى إعتباره بمثابة “مدد غيبي” له في مواجهة التهديدات الداخلية المحدقة به!
التطورات المتسارعة للأحداث لهجمة السابع من أكتوبر، وفشل التكتيك الذي بنى النظام إستراتيجته عليها، ذلك أن النظام الايراني وخامنئي تحديدا قد شن حربا في المنطقة لمواجهة ومنع إحتجاجات أخرى بوجهه، وبغض النظر عن الآليات المتعلقة بأبعاد تدخل النظام، فلا شك أن هجمة 7 أكتوبر لم تكن لتنفذ لولا إرادة النظام ورغبته، وإن تقييم النظام خلال العام السابق يظهر أن النظام أخطأ في حساباته بشكل خطير، مما دفعه إلى اتخاذ قرارات خاطئة خلال هذه الفترة.
تاريخيا، عندما تصل الانظمة الدكتاتورية إلى مراحلها النهائية، فإنها ترتكب أخطاء غير مفهومة للمراقبين الخارجيين في البداية. ولا يملكون القدرة على فهم الوضع ورؤية تحركات الدكتاتور من موقع السلطة، في حين أن هذا غير صحيح. وكان التقييم الأولي للنظام هو أنه سيوجه ضربة قوية لإسرائيل بهذا الهجوم، وتوقع رد فعل من إسرائيل، لكن تقديره أنهم سيتوصلون إلى اتفاق بعد شهر أو شهرين، وبسبب الضربة القوية لإسرائيل، سيكون النظام في توازن أعلى في المنطقة بأكملها وسيكون قادرا على الحصول على نقاط أكبر، وتحديدا من الغرب، والضربة القوية التي ستلحق به لتعويض ما فقده في إحتجاجات 2022 والحيلولة دون إندلاع إحتجاجات أخرى، ولكي يتمكن من حل بعض قضاياه الداخلية في التوازن الجديد باستخدام سياسة الاستملاك والغزو، لكن الذي صدم النظام وخامنئي إن أي شيء من ذلك لم يتحقق بل إن الذي تحقق كان في إنفجار البالون الذي ينفخ فيه النظام الكذب والخداع طوال الـ45 عاما الماضية ولأول مرة تخلخل التوازن في الموقف السائد من هذا النظام في الشارعين العربي والاسلامي ولم يعد كالسابق إذ فقد هذا النظام الكثير من الرصيد الذي كان يمتلكه وهذا لو قمنا بتفسيره على أرض الواقع فإنه يعني الكثير في داخل إيران وعلى صعيد المنطقة والعالم أيضا.