بحزاني – منى سالم الجبوري:
عندما قام النظام الايراني بتنفيذ حکمي الاعدام بحق الشابين الثائرين محمد مهدي كرمي وسيد محمد حسيني، فإنه لم يقم بذلك لشجاعته وجرأته کما قد يتصور البعض، بل إن لجوئه الى ذلك دليل على عدم إمتلاکه لوسائل أخرى من أجل إخماد إنتفاضة الشعب الايراني المستمرة منذ 16 سبتمبر2022، لکن الذي يلفت النظر إن الشعب الايراني لم يتفاجأ بذلك إطلاقا ولاسيما وإنه ومنذ قيام هذا النظام فإن الممارسات القمعية والاعدامات هي طريقته واسلوبه الوحيد للتعامل مع کل نشاط وتحرك من أجل الحرية والحقوق المشروعة.
أکثر مايصيب النظام الايراني بالذعر ويسلب من عينيه الراحة إنه وعلى عكس انتفاضة نوفمبر 2019، عندما قتل النظام أكثر من 1500 متظاهر وأخمد التمرد الشعبي مؤقتا في أقل من أسبوع، لم تقترب الانتفاضة الحالية من الهدوء، بل إن الذي جرى ويجري هو بخلاف مايطمح النظام إليه ويرتأيه، إذ هناك إنتفاضة منظمة حددت هدفا واضحا وجليا لها يتلخص في إسقاط النظام، وهو يجد أن کل جنازة تتحول الى إحتجاج وكل صدمة اقتصادية يمكن أن تؤجج الغضب على مستوى البلاد. وفي كل ليلة، يهاجم المتظاهرون مراكز قوات الأمن بزجاجات المولوتوف ويشعلون النار بدعايات وملصقات لـ “الشخصيات المقدسة” التابعة للنظام، وکل هذا يعني بأن الانتفاضة الحالية هي حالة خاصة لاتشبه إلا ماقد حدث للنظام الملکي السابق وأودى به.
أن يلوذ النظام الايراني بالاعدامات من أجل إرعاب الشعب الايراني وفي سبيل ثنيه عن الاستمرار في الانتفاضة التي توشك أن تدخل شهرها الخامس، ، فإن ذلك يدل بأن النظام لايجد أمامه من طريق أو وسيلة أخرى في سبيل التعامل مع هذه الانتفاضة، لکن المشکلة التي لاينتبه لها هذا النظام هو إن المقاومة الايرانية تقف بالمرصاد للنظام وتقوم برصد وکشف کافة جرائمه وإنتهاکاته بواسطة شبکاتها الداخلية العاملة في سائر أرجاء إيران وتجعل العالم کله على إطلاع وتواصل مع مايجري في إيران من جرائم وإنتهاکات فظيعة في ظل هذا النظام، کما إن بلدان العالم وخصوصا البلدان الغربية والمنظمات المعنية بحقوق الانسان والمرأة، لم تعد تحبذ إلتزام الصمت والسکوت والتجاهل حيال مايقوم به هذا النظام تجاه الانتفاضة الشعبية المندلعة بوجهه، والاهم من ذلك إن الشعب الايراني مصمم على الاستمرار في إنتفاضته وعدم التخلي عنها مهما کلف الامر حتى تحقيق هدفه الامثل بإسقاط النظام، بل وإن لجوء النظام للإعدامات وإصراره على عليها کأسلوب لمواجهة الانتفاضة إنما تزيد من مستوى غضب الشعب وتجعل أکثر تصميما على التعجيل بإسقاطه.