مؤتمر في البرلمان الاوروبي فی العاشر من كانون الأول/ديسمبر -2025،
موقع المجلس:
في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 2025، وبالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، استضاف البرلمان الأوروبي مؤتمرًا ذا أبعاد سياسية وإنسانية لافتة تحت عنوان: «جنبًا إلى جنب مع شعب إيران من أجل السلام والأمن العالمي». ولم يكن هذا الحدث مجرد لقاء رمزي، بل شكّل منبرًا عكس بوضوح ملامح مرحلة مفصلية تدخلها إيران، حيث تتقاطع أزمة الحكم مع تنامي إرادة المجتمع.
المداخلات التي قدّمتها السیدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إلى جانب كلمات عدد من النواب الأوروبيين، رسمت صورة شاملة للوضع الإيراني، مؤكدة أن البلاد تقف أمام منعطف تاريخي بالغ الحساسية، قد يكون الأشد خطورة وتأثيرًا منذ عقود.

صور للاحتجاجات الشعبیة في ایران-
فما يواجهه النظام الإيراني اليوم لم يعد سلسلة أزمات متفرقة أو ضغوطًا عابرة، بل مأزقًا شاملًا يمسّ أسس بنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية في آن واحد. وبعد أكثر من أربعين عامًا من القمع والفساد وسوء الإدارة، تتسع الهوة بين السلطة والمجتمع بوتيرة متسارعة، في ظل غياب أي أفق للإصلاح أو إمكانية للمعالجة من داخل النظام نفسه.
لقد دخلت إيران مرحلة يمكن توصيفها بالاستثنائية؛ مرحلة يتآكل فيها النظام من الداخل، فيما يستعيد المجتمع ثقته بقدرته على إحداث التغيير.
على الصعيد الخارجي، يواجه النظام تراجعًا حادًا في أحد أعمدة بقائه الأساسية، والمتمثل بما عُرف بـ«محور المقاومة». فهذا المشروع، الذي استنزف موارد البلاد في صراعات إقليمية، لم يعد يوفر للنظام نفوذًا أو حماية، بل تحوّل إلى عبء سياسي وأمني يفاقم عزلته.
ومع فقدان القدرة على تصدير الأزمات إلى الخارج، خسر النظام أحد أهم أدوات الاستمرار، ليغدو التخبط في السياسة الخارجية انعكاسًا مباشرًا لفشله الداخلي.
داخليًا، تآكلت الشرعية الشعبية إلى حدّها الأدنى. فضعف المشاركة في الانتخابات، إلى جانب اعترافات شخصيات من داخل السلطة برفض غالبية الشعب لسياسات الحكم، تؤكد أن النظام بات يستند حصريًا إلى القمع والأجهزة الأمنية.
ويتزامن ذلك مع تدهور اقتصادي متسارع، يتمثل في تضخم مرتفع، وانخفاض قيمة العملة، وعجز مالي خانق، إضافة إلى أزمات معيشية حادة تطال المياه والكهرباء والهواء وفرص العمل. وقد دفعت هذه العوامل مجتمعة المجتمع الإيراني إلى حافة انفجار اجتماعي لم تعد المسكنات المؤقتة قادرة على احتوائه.
في مقابل هذا الانسداد، يبرز عامل حاسم يتمثل في حيوية المجتمع الإيراني، ولا سيما فئة الشباب. فاتساع شبكات المقاومة، وتصاعد مستويات التنظيم في المدن والمحافظات، يكشفان أن التهديد الحقيقي للنظام لم يعد خارجيًا، بل داخليًا، يتمثل في اقتراب انتفاضة منظمة تمتلك الوعي والخبرة والدافع.
لقد تهاوت رهانات الحلول الوسط، وسقطت أوهام التعايش مع النظام أو التعويل على أجنحته الداخلية. وما يفرض نفسه اليوم هو ما يُعرف بـ«الحل الثالث»، القائم على أن التغيير الحقيقي لا يُفرض من الخارج، ولا يولد من رحم الاستبداد، بل تصنعه إرادة الشعب والمقاومة المنظمة.
وأمام هذا الواقع، لم يعد الصمت الدولي خيارًا مقبولًا أخلاقيًا أو سياسيًا. فالاعتراف بحق الشعب الإيراني في التغيير، ووضع حد لسياسات المهادنة، واتخاذ خطوات عملية، من بينها إدراج حرس النظام على لوائح الإرهاب، باتت استحقاقات ضرورية لأمن المنطقة والعالم.
إيران اليوم تقف عند مفترق طرق تاريخي: إما استمرار نظام أثبت عجزه وخطورته، أو انبثاق مرحلة جديدة تصنعها وحدة الشعب وإرادته الحرة. وحده هذا المسار يفتح الأفق أمام الحرية والديمقراطية، ومستقبل يليق بتاريخ وتضحيات الشعب الإيراني.








