الملا علی خامنئي و النووي الایراني-
میدل ایست اونلاین- منی سالم الجبوري:
في حال حدوث مواجهةٍ إسرائيلية–إيرانية جديدة في ضوء استمرار التعنّت النووي الإيراني، لن تكون مواجهة كالتي جرت سابقًا، بل إن إيران سترى
سلطة تصنع مآسي الشعب الايرانيسلطة تصنع مآسي الشعب الايراني
ليس العُبرة في أن تهدّد وتتوعد أعداءك، بل إنها تكمن في تنفيذ التهديد والوعيد؛ وإلا فإنه مجرد كلامٍ لا صدى له على أرض الواقع.
منذ أن سمحت نتائج وتداعيات احتلال العراق عام 2003 باستفحال نفوذ وهيمنة النظام الديني القائم في إيران في بلاد الرافدين، بدأت صورة المنطقة تتغير وتَأخذ شكلًا غير مسبوق، لا سيما بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وخضوع بلاده للنفوذ الإيراني.
وصار الحديث يتزايد عن هلالٍ شيعي في المنطقة، وكأنّه خنجر ذو حدّين؛ بمعنى أنّ النظام العقائدي في طهران لم يشرع في توسيع دائرة نفوذه عبثًا ومن دون طائل، بل حتى إنه أكّد بصورة مباشرة أنّ ما جرى في لبنان وسوريا والعراق واليمن هو أمر واقع، ويجب أن يُؤخذ كل حديثٍ بهذا الشأن في ضوء تلك الحقيقة.
وقد أثبتت الأحداث والتطورات التي جرت في المنطقة، لا سيما بعد الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011 والاتفاق النووي عام 2014، أنّ طهران بدأت تتصرّف وكأنّ ما يمسّ البلدان الأربعة الخاضعة لنفوذها لا يعنيها فقط، بل يمسّ أمنها أيضًا. والحقيقة أنّ طهران في ذلك الوقت قد تمكنت، إلى حين، من فرض نفسها في المنطقة بشكلٍ أو بآخر كبعبع أو حتى كتنينٍ ذي رؤوسٍ متعددة، خصوصًا وأنها حرصت بين الفترة والأخرى، ولاسيما مع حدوث تغييرات أو متغيرات على الساحة السياسية الدولية أو الإقليمية، على إطلاق تصريحات تتضمن درجةً عاليةً من التهديد إلى حدّ التلويح بفتح أبواب الجحيم على المنطقة إن جُرِئ أي مسّ بمكونات المعادلة التي حبكتها إيران في المنطقة.
لم يطرأ على بال المرشد الأعلى الإيراني، ولا على بال قادته في الحرس الثوري والجيش، أن يأتي يومٌ وينفرط عقد “جبهة المقاومة” وتخرج سوريا منها بإرادتها، ويصبح دور لبنان شكليًا وهامشيًا بعد أن كان أقوى طرفٍ فيها، لكن ذلك حدث، ورأت إيران ما قد ساء أن تراه؛ وبالأخص بعد أن لم تُؤتِ هجمة 7 أكتوبر 2023 الثمار التي كانت السلة الإيرانية في انتظارها. وفوق ذلك جاءت حرب الأيام الاثني عشر التي رأى العالم كله كيف أنّ سماء إيران أصبحت ساحة مفتوحة لسلاح الجو الإسرائيلي وصواريخه. لكن الأسوأ من ذلك كلّه بالنسبة للنظام الذي جعل من القضية الفلسطينية منطلقًا لتحركاته الاستراتيجية في المنطقة، هو نهاية الحرب في غزة وخروجها من ميدانها بلا حماس!
صعبٌ وحرجٌ موقف النظام الإيراني أمام من بقي من وكلائه في المنطقة، وحتى إن الأصعب والأكثر إحراجًا من ذلك هو موقفه أمام مؤيديه في الداخل الذين صار عددهم في تراجعٍ مستمرّ، لا سيما وأن التهديد بشنّ هجومٍ إسرائيلي قد جرى التلويح به أكثر من مرة. كما ازداد الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية الدولية بشأن ضعف النظام، وكذلك عدم جدية أهم حلفائه الدوليين (روسيا) في دعمه ومساندته، كما شدّد على ذلك وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف. ولذلك فإن مخاوف طهران قد تجاوزت الحدود المألوفة، مما دفعها، ولا سيما خلال الفترات الأخيرة، إلى تكرار تصريحاتٍ بفتح “أبواب الجحيم” في حال شنت إسرائيل أي هجوم جديد على أراضيها. لكن لا يمكن أن تُصدق هذه التصريحات عند عرضها على الواقع العملي في إيران ومقارنة ذلك بقدراتها وإمكاناتها.
مع ملاحظة أنّه في حال حدوث مواجهةٍ إسرائيلية–إيرانية جديدة في ضوء استمرار التعنّت النووي الإيراني، لن تكون مواجهة كالتي جرت سابقًا، بل إن إيران سترى حقًا أبواب الجحيم التي هددت بفتحها على أعدائها!








