موقع المجلس:
في واحدة من أوسع موجات الاحتجاجات خلال الفترة الأخيرة، شهدتها إيران يوم الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025، حيث توزعت المظاهرات بين قطاعات مختلفة، عكست حجم الغليان الشعبي في البلاد. من المعلمين الذين ارتدوا الأكفان في طهران تعبيرًا عن موت الأمل في نظام التعليم، إلى تحركات الخبازين في عدد من المدن، ومن التجمع الكبير للمتقاعدين في كرمانشاه، وصولًا إلى إضرابات العمال في قطاع الطاقة، بدا المشهد أقرب إلى محاكمة شعبية شاملة لنظام متآكل، متهم بالفشل الإداري والفساد المالي والعجز عن تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين.
الخبز والتعليم والتقاعد: أعمدة المجتمع تنتفض
تزامنت تحركات ثلاثة قطاعات محورية. فقد نظّم الخبازون في مشهد ويزد وخرم آباد احتجاجات ضد تأخر صرف الدعم الحكومي، معتبرين ذلك تهديدًا مباشرًا للمعيشة اليومية للناس.


أما المعلمون، فارتدوا الأكفان في العاصمة طهران كرسالة رمزية تعكس “موت الأمل في التعليم”، احتجاجًا على التمييز في التوظيف. في الوقت نفسه، خرج المتقاعدون من مختلف الصناديق (الخدمة المدنية، الجيش، الضمان الاجتماعي، الصحة، الاتصالات) في تجمع موحّد بكرمانشاه، ليعلنوا رفضهم لسياسات التهميش التي تطالهم رغم سنوات خدمتهم الطويلة.


احتجاجات في قلب الاقتصاد والقطاع الصحي
لم تتوقف الاحتجاجات عند هذه القطاعات، بل شملت أيضًا مواقع استراتيجية. ففي عسلوية، نظّم عمال العقود في شركة بارس للنفط والغاز وقفة احتجاجية ثانية خلال شهر واحد للمطالبة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم، بينما شهدت الأهواز تجمعًا مشتركًا للعمال والمتقاعدين في صناعة النفط. في المقابل، عبّر الكادر الطبي في تبريز عن استيائه من تدني الرواتب والحوافز، في مؤشر على حالة الإنهاك والغضب التي يعيشها العاملون في القطاع الصحي.

المزارعون وضحايا الفساد في المشهد
كما انضم المزارعون في أردكان إلى موجة الغضب عبر احتجاجات ضد تقليص حصص الوقود التي تهدد الزراعة بالتوقف. وفي رشت، عاد ضحايا مشروع “آدينة” التجاري إلى الساحة مطالبين بإنصافهم بعد أكثر من عقد من وعود رسمية لم تُنفذ. وهو ما يعكس أن جذور السخط الشعبي لا تتعلق فقط بالأزمات الراهنة، بل تمتد إلى ملفات الفساد والظلم المزمن.
رسائل قوية لنظام مأزوم
ما يميز هذه التحركات هو اتساع رقعتها وتنوعها وتزامنها، ما جعلها أشبه بصورة مصغرة لمجتمع كامل في مواجهة نظام لم يعد قادرًا على الاستجابة لمطالبه الأساسية. ارتداء المعلمين للأكفان بدا بمثابة إعلان صريح لموت الأمل في الإصلاح من الداخل. ومع وصول الناس إلى هذا المستوى من اليأس المصحوب بالشجاعة، فإن الوعود الرسمية لم تعد قادرة على إخماد غضبهم.














لقد تحولت هذه الموجة من الاحتجاجات إلى إشارة واضحة على أن إيران تقف أمام منعطف تاريخي؛ شرارات متفرقة قد تتحول في أي لحظة إلى نار شاملة، لا تهدد بقاء النظام فحسب، بل قد تعيد رسم ملامح الاستقرار في المنطقة بأسرها.








