الکاتب – موقع المجلس :
يوم 3 يونيو 1989، مات خميني المعادي للبشر،
نلقي نظرة سريعة على سجل هذا الجلاد:
ولد خميني في مدينة خمين في 1320 هجري قمري (1900 م). وكانت والدته، هاجر، ابنة ميرزا أحمد، وهي من سكان هذه المدينة. والده، مصطفى، كان ابن أحمد هندي، الذي كان سابقا مقيما في كشمير في الهند. عندما كان الخميني يبلغ من العمر عامين، تعرض والده لهجوم من قبل أحد أصحابه في طريقه إلى سلطان أباد التابعة لأراك وقتل بالرصاص.
قضى خميني سنوات المراهقة في مدينة خمين. درس الصرف والنحو والمنطق عند شقيقه الأكبر، مرتضى بسنديده. من عام 1919 م درس في الحوزات العلمية في كل من أصفهان، وأراك، وقم، على التوالي. وفي عام 1926 م، في الحوزة العلمية في قم، أكمل مستويات عالية من التعليم ، وفي 1936 كان من بين الملالي الذين ادعوا الاجتهاد.
أهم استاذ لخميني هو الشيخ عبد الكريم حائري، مؤسس حوزة قم العلمية، الذي، وفقا لأخوند رضا إستادي، كان نفسه طالبا للشيخ فضل الله نوري. والشيخ فضل الله نوري، هو رجل الدين الرجعي والمناهض للشعب الذي وقف أمام الثورة الدستورية الإيرانية خلال تلك الثورة، وتعاون مع بلاط القاجار في قمع الثوار الدستوريين، وكان خميني دائما فخورا باتباع هذا الرجل الرجعي.
مواقف و خلفيات
لا بد من الإشارة إلي سجل أفكار ومواقف وخلفيات خميني، كما يأتي: – سياسيًا كان خميني وعلى طول عمره مقلدًا مؤمنًا مخلصًا للشيخ فضل الله نوري المعادي لثورة الدستور والذي وقف بوجه مجاهدي الثورة المذكورة التحرريين وعلماء الدين الداعين إلى إقامة النظام الدستوري الذين كانوا يقيمون في كل من مدن النجف (في العراق ) وقم وطهران، وكان يشهر السيف بوجه الثوار مؤيدًا ومساندًا للملك القاجاري محمد علي شاه وحرس نظامه (الذي يسمى آنذاك بـ «قزاق)
وفي ذلك العهد أيضًا كان الشاه والملا والحرس (القزاق) متعاضدين ويدًا بيد لقمع المجاهدين والتحرريين تحت يافطة «المشروعة» لتكبيلهم وشنقهم في «باغشاه» وقصف برلمان التحرريين.
كتب خميني نفسه في عام 1944 أي في عمر بالغ 43 عامًا آنذاك في كتاب له بعنوان «كشف الأسرار» قائلاً: «لم يعارض رجال الدين في إيران نظام الدولة إطلاقًا، ولا يعارضون نظام الحكم حتى إذا اعتبروه نظامًا جائرًا».
ومضى يقول: «لذلك إن حدود الولاية والحكومة لا تتجاوز أكثر من بضعة أمور.
ومن هذه الناحية فإن الفتوى والقضاء والتدخل في حماية أموال الصغار والقاصرين يدور الحديث عنها ولكن من دون حديث عن الحكومة أو السلطنة إطلاقًا ولم يقل أي فقيه حتى الآن ولم يكتب في أي كتاب بأننا شاه (ملوك) أو أن الملك (السلطنة) من حقنا…
ولم يعبر قط عن معارضتهم ولم يرغب في تقويض أساس الحكم… ولم تظهر حتى الآن أية عارضة لمبدأ الملكية وأساس السلطنة حتى الآن من قبل رجال الدين».
خلال قضية الانقلاب ضد الدكتور محمد مصدّق في 19 آب (أغسطس) عام 1953 اصطف خميني بجانب كاشاني وبلاط الشاه في جبهة واحدة ضد الدكتور مصدّق زعيم الحركة الوطنية الإيرانية. حتى بعد الثورة المناهضة للملكية أيضًا كان يعبر عن فرحه وارتياحه لكون مصدّق «قد تلقى الصفعة» – حسب تعبيره حرفيًا – من الاستعمار والرجعية.
كاشاني و خميني
ولإدراك ما كان خميني يضمره من الحقد والعداء ضد حركة الشعب الإيراني الوطنية المناهضة للاستعمار بقيادة الدكتور مصدّق وضد حركة تأميم النفط يكفي ملاحظة قوله في حزيران (يونيو) عام 1979:
«ليست مسيرتنا مسيرة النفط، ليس واردًا لدينا تأميم النفط، من الخطأ أن نهتم بموضوع النفط، بل إننا نهتم بالإسلام ونريد الإسلام وإن مقصدنا هو الإسلام ولا النفط. إذا كان هناك من قام بتأميم النفط فيأتون ويلقون الإسلام بجانب ويشقون الجيوب من أجله ولصالحه… لا يمكن تحمل إقامة تجمع من أجل من بلت عظامه وبالتالي معارضة الإسلام».
أي إن خميني لم يكن يتحمل حتى تجمعًا من أجل الدكتور مصدّق وتخليدًا لذكراه بعد انتصار الثورة المناهضة للملكية. وحتى في عام 1998 كتبت صحف النظام تقول:
«تفضل الإمام بالقول إنه لا تجعلوني أن أضطر إلى الكشف عن طبيعة الصفعة التي تلقاها الإسلام في عهد حكم ذلك الرجل القزم» (صحيفة «كيهان» – 9 كانون الأول 1998).
هذا هو الاستهتار بمصدّق الكبير الذي قدم نفسه أمام محكمة الشاه العسكرية بقوله: «إني إيراني مسلم وأعادي كل ما يهدد الإيرانية والإسلامية»، والذي قال أمام محكمة الشاه: «نهجي هو نهج سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) أي أعارض بكل قوة لمن يعادي الحق. أضحي بكل ما أمتلك وأبذل النفس والنفيس. لم تعد لي زوجة ولا ابن ولا بنت، لا أمتلك أي شيء إلا وطني أمام أعيني».
استخدام الاسلام والتشيع كغطاء لحكومته الاستبدادية
يبين خميني المجرم من خلال رسالته التي كتبها وارسلها الى خامنئي الولي الفقيه الحالي في 6 يناير 1988 بانه يستخدم الاسلام والتشيع كغطاء لحكومته الاستبدادية فقط ويقول في هذه الرسالة :
إن الحكومة التي تعتبر فرع من الولاية المطلقة لرسول الله (ص) هي إحدى الأحكام الاولية للاسلام، ومقدمة على كافة الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج.
وهذا جانب من الرسالة:
صحيفة الإمام
المجلد 20
التاريخ: 16 دي 1366 هـ.ش/15 جمادي الأولى 1408 هـ.ق
الموضوع: حدود صلاحيات الحكومة الاسلامية
رسالة الخميني الى الخامنئي 6 يناير 1988
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة حجة الاسلام السيد الخامنئي رئيس الجمهورية الاسلامية – دامت افاضاته
بعد إهداء التحية والسلام، لم أكن أرغب بالدخول في سجالات ومناقشات في هذه البرهة الخطيرة، وأعتقد أن الصمت في هذه الظروف أفضل حل..، لكني أرى عدم الجواب على رسالتك الشريفة وما طلب فيها غير صحيح لذا أقول ما لدي بصورة مختصرة. .
ينبغي أن أقول: إن الحكومة التي تعتبر فرع من الولاية المطلقة لرسول الله (ص) هي إحدى الأحكام الاولية للاسلام، ومقدمة على كافة الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج.
إن بامكان الحاكم .، وبوسعه إغلاق أبواب المساجد وإقفالها عن الضرورة، ويستطيع تهديم المسجد الذي يستخدم للإضرار بالاسلام إن تطلب الأمر ذلك.
وتستطيع الحكومة إلغاء العقود الشرعية التي أبرمتها مع الناس فيما لوخالفت تلك العقود مصالح الدولة والإسلام، وبمقدورها الحد من أي أمر عبادي أو غير عبادي عند معارضته لمصالح الإسلام، وتتمكن الحكومة من منع إقامة الحج مؤقتا حينما تعتبره مخالفا لصلاح الدولة الإسلامية برغم أنه من أهم الفرائض الالهية.
إن ما قيل أو يقال ناشئ من عدم معرفة الولاية الالهية المطلقة وأقول بصراحة حول ما قيل وشاع من أن المزارعة والمضاربة وأمثالها سوف تفسد وتفتقد الى معناها مع هذه الصلاحيات، أقول: فرضا وجدلا حصل ذلك فهذا من صلاحيات الحكومة وهناك أمور أبعد من ذلك لكنني لا أرغب بإزعاجكم.
أسأل الله تعالى أن يحافظ أمثالك الذين لايرومون سوى خدمة الإسلام.
15 جمادي الأول 1408 هـ.ق
روح الله الموسوي الخميني
فتاوى الخميني الدجال لارتكاب إبادة جماعية بحق السجناء السياسيين في عام1988
بيدوا أعداء الإسلام فورا…!
جوانب من حقيقة أحد أروع إبادات جماعية ارتكبت في القرن الـ20
عقب صدور كتاب ذكريات «منتظري» في كانون الأول/ديسمبر 2000 على الإينترنت، أصبح نص الأوامر القاسية الشنيعة بإبادة جماعية بحق 30ألف سجين سياسي في صيف عام 1988 في متناول أيدي الرأي العام لكنه بعد تأخير استغرق 12عاما.
وعلى الرغم من أن نشر ذكريات «منتظري» يميط اللثام عن حقائق دفينة لهذه الجريمة المخيفة لكنه لا شك أن هذا الكتاب يعكس جزءا ضئيلا من هذه المجزرة. ومن بين الوثائق المنشورة من قبل منتظري هناك وثيقة لفتوى صادرة عن الخميني الذي يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم
بما أن المنافقين الخونة لا يؤمنون بالإسلام أبدًا وكل ما يطرحونه نابع من المكر والنفاق وباقرار قادتهم يعتبرون مرتدين عن الإسلام.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار حروبهم النظامية في شمال وغرب وجنوب البلاد وتعاونهم مع حزب البعث العراقي وقيامهم بالتجسس لصالح صدام ضد شعبنا المسلم وارتباطاتهم بالاستكبار العالمي وضرباتهم الغادرة التي وجهوها منذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية وحتى الآن فان الموجودين منهم حاليا في السجون ومازالوا متمسكين بنفاقهم يعتبرون محاربين ويحكم عليهم بالإعدام.
ويتم إقرار ذلك في طهران بأكثرية آراء السادة حجة الإسلام نيري دامت افاضاته «قاضي الشرع» والسيد اشراقي «مدعي عام طهران» وممثل وزارة المخابرات وهكذا الامر بالنسبة لسجون المحافظات يؤخذ رأي أكثرية الأصوات من السادة قاضي الشرع ومدعي عام الثورة وممثل وزارة المخابرات.
ان الحزم الإسلامي حيال أعداء الله من الاحكام التي لا مجال للتردد فيها في النظام الإسلامي متمنيا أن تكسبوا رضا الله بحقدكم وغضبكم الثوري ضد أعداء الإسلام.
على السادة الذين يتولون المسؤولية أن لا يترددوا في ذلك أبدًا وأن يسعوا ليكونوا «أشداء على الكفار» فان التردد في مسائل القضاء الإسلامي الثوري إهمال لدماء الشهداء الزكية . والسلام
روح الله الموسوي الخميني
فتاوى الخميني الدجال لارتكاب إبادة جماعية بحق السجناء السياسيين في عام1988
وهناك وثيقة مروعة أخرى أشارت إليها ذكريات «منتظري» وهو رد الخميني الدجال المصاص بالدماء على سؤال وإبهام! طرحه «موسوي اردبيلي» قاضي قضاة النظام الإيراني في حينه والذي كان يعتبر من كبار الملالي الجلادين المجرمين.
ونقل أحمد (نجل الخميني) السؤال الذي طرحه موسوي اردبيلي وكتبه ظهر ورقة نص الفتوى التي صدرت عن الخميني. نلفت انتباهكم إلى هذا النص:
«بسمه تعالى
الأب الكريم سماحة الإمام. تحية طيبة ، بشأن الفتوى الأخيرة لسماحتك بشأن المنافقين، كان لدى آية الله موسوي اردبيلي غموضا بشأن المنافقين أوجزه من خلال مكالمة هاتفية معي في 3 أسئلة:
١ – هل هذا الحكم يشمل الذين كانوا في السجون وسبق أن تمت محاكمتهم وحكم عليهم بالإعدام دون أن تتغير مواقفهم ولم يتم تنفيذ الحكم بحقهم بعد؟ أم حتى الذين لم يحاكموا ولم يحكم عليهم بالإعدام؟
2- هل يشمل المنافقين المحكوم عليهم بالسجن وقضوا فترة من محكوميتهم إلا أنهم مازالوا متمسكين بنفاقهم؟
3- بالنسبة للمنافقين في المحافظات المستقلة قضائيا وغير تابعة لمركز المحافظة هل يجب إرسال ملفاتهم إلى مركز المحافظة أم بإمكانهم العمل بشكل مستقل؟
ولدكم – أحمد
وقد كتب الخميني المجرم ردا على أسئلة موسوي اردبيلي بكل وضوح وايجاز في ذيل ھذه الرسالة:
بسمه تعالى
في جميع الحالات المذكورة أعلاه أي شخص كان وفي أية مرحلة، إن كان متمسكا بالنفاق ليحكم عليه بالإعدام . أبيدوا أعداء الإسلام بسرعة وبخصوص مثل هذه الملفات المطلوب هو تنفيذ الحكم في أسرع وقت.
روح الله الموسوي الخميني».
وتابع«منتظري» أثناء ذكرياته حالات تظهر جزءا من قساوة الخميني وعناصره المجرمة. ونقل «منتظري» عن ممثله في السجون «حسينعلي انصاري» قائلا:
«… كان هناك 6 أو 8 إخوان يصلون ويصومون لكنهم رفضوا أن يجروا مقابلات متلفزة. لذلك تم إعدام 5 أو 6 منهم وتركوا واحدا منهم بسبب أنه كان معاقا بذريعة أنهم مصرون على مواقفهم. »…
وأشار منتظري في ذكرياته إلى نموذج آخر وكتب يقول:
«…وجاءني السيد اسلامي المدعي العام لمحكمة الثورة في محافظة فارس بملف كان يتعلق بفتاة عمدوا إلى إعدامها. وكان يقول لي إنه قد عارض إعدامها لكنه تم إعدامها في نهاية المطاف بآراء الأكثرية»…
وكانت رسالة بعثها الملا «محمد حسين احمدي» حاكم شرع محافظة خوزستان إلى الخميني الجلاد في 14آب/أغسطس 1988 لافتة جدا حيث كتب قائلا:
«… فيما يخص الفتوى الأخيرة لسماحتك بشأن المنافقين… أصبحت الآراء والمزاجات بين إفراط وتفريط. وإني شرحت ذلك للحاج أحمد بتفصيل ليمتنع عن تكراره.
وعلى سبيل المثال، كان عدد من السجناء في سجن دزفول يستنكرون المنافقين وهم ”طاهر رنجبر“ و”مصطفى بهزادي“ و”أحمد آسخ“ و”محمدرضا آشوغ“. وسألهم ممثل وزارة المخابرات قائلا: ”أنتم تعتبرون الجمهورية الإسلامية على حق وترفضون المنافقين لكنكم هل ترغبون في القتال والخوض في جبهات الحرب والمنعطفات لصالح الجمهورية الإسلامية؟“ وكان أجوبة السجناء بين التردد والرفض.
ثم أكد ممثل وزراة المخابرات قائلا: ”هؤلاء مصرون على مواقفهم لأنهم لا يرغبون في القتال لصالح النظام الحق“.
وقلت له: ”وهل يعتبر السواد الأعظم للشعب الإيراني الذين لا يرغبون في القتال، هم منافقون؟
فأجابني قائلا: ”قضية هؤلاء الأفراد تختلف عن المواطنين العاديين“. وعلى أية حال، حكم عليهم بالإعدام من خلال رأي الأكثرية لكن الشخص الأخير قد تمكن من الهروب أثناء تنفيذ حكمه بالإعدام. لذلك أرجو أن تحدد جنابك معيارا ومؤشرا لهذه المسألة حتى لا يقع المسؤولون في أخطاء ولا يتعاملوا بالتفريط والإفراط»…
وفي جانب آخر من ذكرياته كتب «منتظري» حول عدد الذين قتلتهم أجهزة النظام القاتلة في بضعة أيام فقط قائلا:
«… في نهاية المطاف، أعدموا 2800 أو 3800 سجين سياسي –الشك من جانبي- رجالا ونساءا في البلاد. وحتى أعدموا الذين كانوا يصلون ويصومون. وإنهم قالوا للسجناء: ”قل: إني غلطان“. وكان ذلك الشخص يصبح مجروحا من هذا الكلام لذلك كان يرفض ذلك.
وثم كانوا يعدمونه بتهمة أنه يصر على موقفه. وفي مدينة قم هذه، جاءني أحد مسؤولي القضاء متذمرا من مسؤولي وزارة مخابرات المدينة لأنهم يقولون: يجب قتل هؤلاء الأفراد بسرعة حتى نتخلص منهم.
وقال هذا الشخص: إني أقول لهم يجب دراسة ملفات هؤلاء الأفراد حتى نعيد النظر في أحكامهم. لكنهم يقولون: ”لقد أصدر الإمام أحكامهم فعلينا أن نحدد بأنه هل يصرون على مواقفهم أم لا؟“.
ويقولون لبعض الأفراد: إنك تصر على الموقف. وهو يقول ”نعم“ دون أن يعلم الموضوع. إذن يعدمونه فورا. وأخيرا شعرت بأن هذا الأسلوب ليس أسلوبا صحيحا لذا قررت أن أبعث برسالة إلى الإمام»…
وثم أشار منتظري في ذكرياته إلى رسالة بعثها إلى الخميني في 31تموز/يوليو 1988. وجدير بالذكر أن هذه الرسالة تعتبر رسالة أولى أرسلها منتظري إلى الخميني بشأن الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين. وكتب منتظري في الفقرة الـ8 والأخيرة لهذه الرسالة قائلا: «… إعدام بضعة آلاف خلال أيام لن تكون نتائجها حميدة ولن نكون بمنأى عن الخطأ »…
وبذلك صرح منتظري في بادئ الأمر أي بعد مرور بضعة أيام من بداية الإعدامات في 31تموز/يوليو 1988 بأن عدد المعدومين قد بلغ 3800شخص بحيث أنه يتكلم في رسالته الموجهة إلى الخميني عن «إعدام الآلاف في غضون بضعة أيام».
وتجدر الإشارة إلى أن منتظري لم يكن يتمكن في 31تموز/يوليو 1988 من الإطلاع على عدد المعدومين كلهم في كافة المحافظات الإيرانية. لذا تتعلق الأعداد المذكورة بسجن إيفين [1] فقط ولا حتى بسجن كوهردشت لأن موجة الإعدامات التعسفية في سجن كوهردشت قد بدأت منذ 30تموز/يوليو 1988.
وتابع منتظري قائلا:
«…بعد مضي أيام، جاءني أحد قضاة محافظة خوزستان اسمه حجة الإسلام السيد محمد حسين أحمدي نجل آية الله الشيخ علي اصغر أحمدي شاهرودي. وكان هذا الشخص مستاء جدا وقال: ”في محافظتنا، يعدمون الأشخاص بشكل سريع ويختلقون آراء الأكثرية. لا يستطيعون التشخيص بصورة صحيحة. إنهم مجروحون من عمليات عسكرية يشنها المنافقون لذلك يأخذون الثأر من السجناء“.»…
ثم وجه منتظري في 4آب/أغسطس 1988 رسالته الثانية إلى الخميني معترضا من خلالها على مسار نهج الإعدامات. وأشار منتظري في جانب من ذكرياته إلى رساته الثانية وكتب بشأنها يقول:
«… هذه كانت رسالتي الثانية بشأن هذا الموضوع. في ذلك الحين شعرت بأنهم يواصلون أعمالهم. ووصلنا إلى اليوم الأول من شهر محرم. واستدعيت السيد نيري قاضي شرع سجن إيفين والسيد إشراقي المدعي العام والسيد رئيسي مساعد المدعي العام والسيد بورمحمدي ممثل وزارة المخابرات. وقلت لهم: نحن في شهر محرم أوقفوا الإعدامات في شهر محرم على الأقل »…
وحسب ما صرح به منتظري أن إبادة السجناء السياسيين قد استمرت حتى أول شهر محرم المصادف بـ14 آب/أغسطس على وتيرة الأيام الأولى من عملية الإبادة.
وأضاف قائلا: «… بحثت معهم رؤوس مواضيع سجلتها عندي وثم قدمت لهم نسخة منها وأقرأها لكم»… و«تاريخ هذه المذكرة في 15آب/أغسطس 1988 مخاطبة كل من السادة نيري قاضي الشرع و اشراقي المدعي العام و رئيسي مساعد المدعي العام و بورمحمدي ممثل وزارة المخابرات في إيفين لتنفيذ أحكام أصدرها الإمام»…
وبعد نقل هذه الرسالة، كرر منتظري في غاية الاستغراب:«وحسب تقارير أوردتني آنذاك، تم إعدام حوالي 2800 أو 3800شخص»…
وكيف يمكن أنه وفي الوقت الذي كان يبلغ فيه عدد السجناء المعدومين في الأيام الأولى لموجة الإعدامات (ما أشار إليه في الرسالة الأولى لمنتظري في 31تموز/يوليو 1988) 3800 شخص لكن هذا العدد لم يتغير بعد حتى 15آب/أغسطس 1988؟ ولا داعي للقول إن الرسالة التي بعثها منتظري إلى الخميني في 15آب/أغسطس 1988 تظهر بوضوح أن الإبادة الجماعية بحق السجناء قد استمرت حتى فترة ما بعد إرسال هذه الرسالة بوتيرة أسرع.
وتابع منتظري قائلا:
«… ومؤخرا، مضت هذه المسألة. وبعد فترة منها استلمت رسالة أخرى من الإمام حول السجناء العلمانيين. وفي ذلك الوقت كان يقبع حوالي 500شخصا من العلمانيين والشيوعيين في السجن. وكان الغرض لهذه الرسالة هو التخلص من هؤلاء الأفراد والقضاء عليهم…»
وكما يفيد نص تصريحات أدلى بها منتظري أنه لم يمض وقت سوى بضعة أسابيع من رسالة منتظري بتأريخ 15آب/أغسطس حتى بعث الخميني رسالته الجديدة لإبادة سجناء لم يكونوا ينتمون إلى مجاهدي خلق.
وأظهرت عملية تحقيق أجرتها منظمة مجاهدي خلق في نفس الفترة أن الخميني قد أصدر الحكم بحق السجناء غير المنتمين إلى مجاهدي خلق حوالي 6أيلول/سبتمبر 1988 أي ما يعادل 3أسابيع بعد يوم 15آب/أغسطس 1988.
وبذلك يمكن القول إن الإبادة الجماعية بحق السجناء من أعضاء مجاهدي خلق قد استغرقت 40يوما أي بعد اليوم الـ6 من أيلول/سبتمبر 1988 لكن منتظري بات يدعي بأن عدد المعدومين يبلغ 3800شخص!
ومع الأسف الشديد لم يكشف منتظري في هذا الكتاب عن مدن وأقضية طالتها هذه الإبادة الجماعية مما أدى إلى قتل العديد من السجناء لكن السؤال الذي وجهه موسوي أردبيلي إلى الخميني، يبين بوضوح أن الإبادة الجماعية قد جرت ليس في مراكز المحافظات فحسب وإنما في العديد من المدن الإيرانية.
وفضلا عن طهران، تظهر عملية تحقيق أجرتها وحدة الاستقصاء التابعة لمجاهدي خلق أن الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين في عام 1988 قد جرت في مختلف المدن الإيرانية.
في كل من كرمانشاه وزنجان ومشهد وأراك وهمدان وأروميه وسمنان ورودسر وأهواز وقم وساري وقائمشهر وشهركرد وخرمآباد وزاهدان وكرج وتبريز وسبزوار ورشت ومسجدسليمان وشيراز وإصفهان وسنندج وبابل ولاهيجان وبندرانزلي وتشالوس وبروجرد وكاشان ومنجيل وكرمسار وفسا وانديمشك وبهبهان وكلاجاي وكجساران وكرمان وصومعهسرا وابهر وشاهينشهر ودزفول واسلامآباد وكرند وايلام وبرازجان وتويسركان وبلدختر واردبيل وشاهرود وكركان وكنبد و شهرضا ولنكرود وآمل واليكودرز وقوجان وماكو وقزوين وبيرجند وبندرعباس ومراغه وبندرماهشهر وبوشهر وخوي وكازرون وسلماس وكلبايكان واصطهبانات وعليآباد في شيراز بحيث أن العديد من هذه المدن لم يخرج فيها حتى شخص واحد من موجة الإعدامات حيا.
وعلى الرغم من أن النظام الإيراني قد ركز على تنفيذ أحكام الإعدام في شهري تموز/يوليو وآب/سبتمبر لكن هناك تقارير تفيد أن الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين قد استمرت بأساليب مختلفة حتى نهاية آذار/مارس 1989 في أرجاء إيران.
وجانب آخر لكتاب مذكرات منتظري، يشير إلى رد الخميني على رسالة منتظري. ويظهر هذا الرد أن الخميني قد تحمل شخصيا مسؤولية إصدار الأوامر بإجراء هذه الإبادة الجماعية. وعن طريق نجله أحمد الذي كان يعتبر كاتبا لما قاله الخميني، أرسل رسالة في 6آب/أغسطس 1988 إلى منتظري وصرح فيها قائلا:
«… أنت تعرف أنني لا أود الظلم بحق شخص بريء لكني لا أشاطرك في الرأي بشأن معارضي الثورة ولاسيما المنافقين. إني أتحمل مسؤولية شرعية عن الفتوى المذكورة لذلك أنت لاتقلق. ليقضي الله على المنافقين حتى يتخلص منهم الجميع»…
وتجدر الإشارة إلى أن منتظري كان واقفا على مسؤولية الخميني وأوامره بإبادة جماعية بحق أعضاء منظمة مجاهدي خلق لا في فترة الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين فحسب وإنما حتى قبل بدء الكفاح المسلح في غداة 20حزيران/يونيو عام 1981 لذلك أنه لامبرر لمحاولاته للتستر على هذه الحقيقة.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة «اطلاعات» في 30أيار/مايو 1990 أكد الملا محمد يزدي رئيس السلطة القضائية للنظام الإيراني في حينه بشأن الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين قائلا:
«… قال الإمام إن الحكم القضائي بشأن المنافقين يؤكد على أنه قد حكم على كل المنظمة وتنظيمها ولا على أفرادها لذلك لا تترددوا لتحديد عنوان محارب الله والمفسد في الأرض…». (صحيفة اطلاعات التابعة للنظام الإيراني- 30أيار/مايو 1990) [2]
نعم، الحقيقة هي أن الخميني قد أصدر فتوى الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين لا في عام 1988 وإنما كان قد أوعز تلك الفتوى لكافة المتورطين في هذه الجريمة بالسنوات الأولى للثورة المضادة للملكية.
وإذا تأخر الأمر حتى عام 1988 فإنه كان بسبب أن الخميني لم يكن يمكنه دفع الثمن أكثر من ذلك بسبب الظروف السياسية التي كان البلد يمر بها آنذاك لكنه وعقب تجرعه كأس سم وقف إطلاق النار الذي وضع حدا للحرب المدمرة للوطن، اضطر الخميني إلى ارتكاب هذه المجزرة بحق 30ألف سجين مجاهد ومناضل للحيلولة دون غليان السخط الشعبي وللاحتفاظ بنظامه…!
[1] وفق دراسات وحدة تحقيق الشهداء عن الإبادة الجماعية بحق السجناء السياسيين في عام 1988، بدأت الموجة الأولى للإعدامات في بعض المدن منها طهران وإيلام و… بعد يوم فقط من قبول الخميني القرار الـ598 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي أي الـ18 من تموز/يوليو 1988.
ولافت للنظر أنه لم تبدأ موجة الإعدامات بشكل متزامن في كافة المدن الإيرانية بحيث أنها قد بدأت في سجن كوهردشت في 30تموز/يوليو 1988.
لذلك ما أشار إليه منتظري حول 3800 معدوم في رسالته الأولى الموجهة إلى الخميني في 31تموز/يوليو 1988، يختص بسجن إيفين فقط ولا حتى بسجن كوهردشت.
[2] صحيفة اطلاعات التابعة للنظام الإيراني- 30أيار/مايو 1990