المستقبل العربي – سعاد عزيز : مع توقيع الاتفاق الاطار في لوزان بين مجموعة 1+5، وإيران، تباينت و تنوعت الافکار و الطروحات و وجهات النظر بشأن الخطوات اللاحقة التي ستعقب ذلك و تأثيرات و إنعکاسات ذلك على مستقبل نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و المشروع السياسي الذي تعمل عليه منذ أکثر من ثلاثة عقود.
ليس هنالك من خلاف او إختلاف بين معظم المحللين و المراقبين السياسيين من أن طهران قد وجدت نفسها مضطرة و مجبرة في الذهاب الى طاولة المفاوضات و التوقيع على إتفاق جنيف المرحلي في عام 2013، وإتفاق لوزان يوم الخميس الماضي، حيث أن تأثيرات و تداعيات العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب من برنامجها النووي، قد ظهرت جلية على مختلف الاصعدة ولاسيما من حيث تأثيراتها على الحياة المعيشية الى الحد الذي صار الفقر و المجاعة من الظواهر المألوفة في إيران وهذا مادفع الى تزايد غير مسبوق في الظواهر الاجتماعية السلبية نظير التفکك الاسري و الجريمة و الادمان على المخدرات ومايشابهها.
البرنامج النووي الايراني باشرت به طهران اساسا لأسباب سياسية ـ عسکرية بحتة لها إرتباط قوي بمشروعها السياسي في المنطقة و الذي تطمح من خلاله لبناء دولة دينية مترامية الاطراف تخضع معظم بلدان المنطقة لهيمنتها و نفوذها، وقد تصاعد إهتمامها بهذا البرنامج بعد أن وسعت من دائرة تدخلاتها في دول المنطقة و صارت تهيمن بنفوذها على أربعة منها، ومن الواضح أن التواجد الايراني في هذه الدول، ليس کأي تواجد آخر يخضع لمجموعة ظروف و إعتبارات ينتهي بإننتهائها، ذلك انها ومن خلال نشرها لأفکار و مفاهيم تقوم من خلالها بعملية غسل دماغ لشرائح واسعة من شعوب هذه البلدان، تقوم بتهيئة أرضية خصبة ليس لتواجدها فقط وانما لجعلها أمرا واقعا في هذه البلدان کما نرى في العراق و سوريا و لبنان و اليمن بصورة خاصة، ولذلك فإن التصور بإنحسار النفوذ و الهيمنة الايرانية على هذه الدول او عدم التفکير بتوسيعه ليشمل دول أخرى، إنما هو تصور في غير محله و أبعد مايکون عن الواقع.
البرنامج النووي لإيران، وبحسب تقديرات خبراء إيرانيين، قد کلف إيران لحد الان أکثر من کلفة ثمان أعوام من الحرب ضد العراق، وبسبب منه يعاني الشعب الايراني من ظروف و أوضاع بالغة الوخامة أوصلت الاقتصاد الايراني الى الحضيض، وان تخلي طهران عن البرنامج النووي أمر صعب جدا و يتسم بالتعقيد لأنه سينعکس بالضرورة على إيران نفسها ومن مختلف النواحي، وان الهدف الغربي في النهاية يهدف الى دفع طهران للتخلي عن الجانب العسکري من البرنامج والذي يعني نزع فتيل الخطر من المنطقة، وان طهران تعلم من جانبها هذه الحقيقة و تدرك بأن تخليها عن طموحها النووي يعني القضاء على هيبتها و جبروتها أمام بلدان المنطقة و العالم الى جانب ان مشروعها السياسي سوف يصاب بالشلل و قد يحکم عليه بالفشل، ولذلك فإن الاعتقاد بأن إيران ستتخلى عن الجانب العسکري من مشروعها هو إعتقاد أبعد مايکون عن الحقيقة و الصواب.
البرنامج النووي الايراني وکما تصفه السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية، بأنه أکبر تحد للسياسة الداخلية و الدولية للنظام القائم، ولذلك فإنها تٶکد بأنه”إذا تخلى عن تصنيع السلاح النووي، فيضع بذلك قطار النظام برمته على سكة مختلفة تقوده إلى انهيار الدكتاتورية الدينية وإثارة الانتقاضة الشعبية العارمة.” وتستطرد مٶکدة بأنه” اذا أصر على الاستمرار بتصنيع القنبلة، فانه سيؤدى إلى عملية جراحية ستجرى في قمة النظام وسيدخله في المواجهة مع الشعب الإيراني والمجتمع الدولي.”، وفي کل الاحوال، فإنه من السابق جدا لأوانه التصور بأن کل شئ سيتغير في إيران بين عشية و ضحاها و يتلاشى المشروع السياسي و تصبح إيران دولة مسالمة کبقية دول المنطقة.