لا يشكل انتخاب رفسنجاني ـ الرئيس الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس الاسبق ـ رئيسا لمجلس الخبراء وان كان يعد انتصارا لتيار المحافظين المعتدل وخلطا للاوراق السياسية، الا انه لا يعد تحولا للكيان الفارسي عن غطرسته وصلفه واطماعه الاقليمية وطموحاته النووية وسعيه الحثيث لاحياء امجاد
الامبراطورية الفارسية المندثرة وبعثها من جديد، فقد بادر رفسنجاني الى الادلاء بتصريح تحدى فيه الاجماع العالمي واصر على استمرار طهران في اطماعها النووية التي تهدد الامن والسلم الدوليين، وتدعم الارهاب العالمي في كل مكان.
يتمتع مجلس الخبراء بصلاحيات دستورية واسعة من بينها اختيار وعزل المرشد الاعلى للثورة ومراقبة ادائه، وتشكل عودة رفسنجاني الى السلطة من جديد تعزيزا اكثر من سلطته في المشهد السياسي الفارسي، ويدور صراع عنيف على السلطة في الكيان الفارسي بعد الانقسام الحاد والواضح في السياسة بين تيارين متشدد و»معتدل!«
وكان رفسنجاني قد تولى الرئاسة في طهران لولايتين عقب الانتخابات التي اجريت عامي 1989 و1997 بعد ان قضى 9 سنوات كرئيس للبرلمان في عهد الخميني، وكان يميل الى ادخال اصلاحات اقتصادية وعارض تطبيق الاحكام المتشددة للشريعة الدينية.
يعتبر رفسنجاني شخصية برغماتية لها وجودها في السياسة الفارسية منذ الثمانينات من القرن الماضي فهو جزء من المؤسسة الدينية لكنه يتقبل عددا كبيرا من وجهات النظر، وقد ولد رفسنجاني عام 1934 لاسرة من المزارعين، ودرس في مدينة قم مع الخميني واصبح احد انصاره المقربين، وحكم على رفسنجاني بالسجن عدة مرات في فترة حكم الشاه، وقد سعى الى تحويل بلاد فارس الى قوة اقتصادية، الا انه أخفق في ذلك كما أخفق في تحقيق عدالة اجتماعية، ولكنه نجح في جمع ثروة طائلة بفضل علاقاته السياسية والمالية.
وبالرغم من ان اختيار رفسنجاني رئيسا لمجلس الخبراء يعتبر ضربة موجهة للسياسات الفارسية المتشددة ورغم تصنيف رفسنجاني على انه من الاصوات المعتدلة ذات التوجهات العلمية، بالرغم من ذلك كله فلا يجب ان نغرق كثيرا في التفاؤل او نفرح بهذا الليل الذي طاب اوله، فالقيادات او السياسات الفارسية بشكل عام وان اختلفت في كثير من الرؤى والتصورات والتوجهات والاجتهادات السياسية والاقتصادية والدينية والعسكرية، الا انها تجتمع وتلتف وتلتقي حول حقيقة واحدة وتوجه مشترك هو السعي الفارسي المحموم لامتلاك اسلحة نووية وترسانة اسلحة تقليدية تتمكن بواسطتها من تحقيق طموحاته التوسعية ونزعتها التسلطية والاستبدادية الرامية الى فرض هيمنتها وسيطرتها الاقليمية والعالمية ودعم المنظمات الارهابية والميليشيات المسلحة في جميع اجزاء العالم.
عبدالله الهدلق