
زيارة روحاني لنيويورك، وذلك الاتصال الهاتفي الذي حصل بينه و بين اوباما، والذي تقوم حاليا وسائل الاعلام الايرانية بالتطبيل و التزمير لها و تصورها وکأنها فتحا مبينا و إنتصارا سياسيا کبيرا، يأتي في وقت يکاد النظام الايراني أن يمر فيه من خلال عنق الزجاجة و يثقل کاهله الازمات و المشاکل المستعصية مع حالة سخط و غليان شعبي من وخامة الاوضاع المعيشية و وصولها الى حد لايمکن أن يطاق، ولذا فإن ماتفعله وسائل الاعلام في طهران يصب اساسا في إتجاه ترضية الشعب و دفعه للتفاؤل بقرب الانفراج و تغيير الاحوال، لکن، هذا النظام الذي أکد و طوال 34 عاما من عمره و على لسان مؤسسه خميني بأن کل مصائب إيران هي من تحت رأس أمريکا، وکذلك قوله أن اليد التي تمتد من إيران لمصافحة أمريکا ستقطع، هذه الخطاب السياسي يبدو أن النظام يعود بنفسه اليوم ليدحض و يفند نفسه و يؤکد بأن کل الخير و الطمأنينة و الانفراج سيأتي من أمريکا، رغم أن النظام و وسائل إعلامه کدأبهم دائما يسعون لتزييف الحقائق و تحويرها، نظير الزعم بأن الامريکيون هم الذين يتهافتون على روحاني او تکذيب تصريحات روحاني للصحفية الامريکية من أصل إيراني کريستيان أمان بور بشأن الهولوکوست و التي أکدتها بور و کذبت وسائل الاعلام الايرانية و روحاني نفسه.
هاشمي رفسنجاني، وفي خضم کل هذه التطورات، يعلم بأن کل هذا ليس إلا خطوة في الطريق الطويل نحو طهران، وهو يعتقد بأن مرشد النظام و التيار التابع له ليس بإمکانهم أبدا مواجهة تبعات و تداعيات تلك التطورات، ومن أجل ذلك فإن الذي يلفت الانتباه کثيرا هو الخطاب الاخير رفسنجاني حيث رحب فيه بزيارة روحاني و أشاد بها مظهرا إياها وکأنها خطوة على طريق تحقيق النصر کما و رکز فيه أيضا الى جانب ذلك على علاقته القوية التي کانت تربطه بخميني و دوره الحيوي و الحساس أثناء فترة الحرب العراقية ـ الايرانية و انه هو الذي قام بإقناع خميني بقبول قرار وقف إطلاق النار الصادر من قبل مجلس الامن الدولي، بل وانه أدلى بکلام غير مسبوق عندما قال بأن خميني الذي وصف موافقة إيران على قرار 598، الخاص بوقف إطلاق النار بية إيران و العراق، بکأس السم الذي إجترعه، عاد ليقول له بعد مدة بأن مرارة السم قد صارت شهدا و حسنا فعلوا بأن وافقوا على ذلك القرار! طبعا ان هذا الکلام و في هذا الوقت يحمل الکثير من الدلالات و المعاني، وکأنه يطالب ضمنا خامنئي بالاقدام على خطوة مماثلة لتلك التي قام بها خميني بأن يجترع کأس سم المشروع النووي و يحسم الموقف مع الولايات المتحدة نهائيا، لکن من الواضح أن هکذا خطوة سياسية إستثنائية و مصيرية ستکلفه الکثير بل وحتى يمکن أن تطيح به لأنه ليس بمکانة و قوة خميني خصوصا وان هيبته قد إنکسرت بعد إنتفاضة 2009، حيث رفع الشعب المنتفض شعار الموت لخامنئي احرقوا و مزقوا صوره.