الجديدة – عزيز الحاج: مرارا وتكرارا، ومنذ سقوط النظام البعثي، وحكام إيران يقدمون لساسة العراق نصائح وتوصيات لوجه الله ولمصلحة شعب العراق!
عند كتابة الدستور طلب خامنئي أن يكون دستورا “إسلاميا”، فكان تقريبا. وفي مقدمة النصائح البريئة المجانية الإلحاح على مغادرة القوات الأميركية بعد أقل من عام على الحرب. ونعرف كيف استدعى خامنئي ومستشاروه وفود الأحزاب الشيعية بعد الانتخابات الأخيرة لتخرج إيران لعبتها المسماة بالأكثرية البرلمانية لغرض فرض الولاية الثانية للسيد المالكي. وما بين زيارة وزيارة لمسؤول إيراني ونحن نسمع من أفواههم “نصائح” لحكام العراق وكأنهم تلاميذ في معهد الولي الفقيه.
هذا ما يرد على البال فورا عندما نقرأ تصريحات مبعوث خامنئي ورجل المخابرات العتيد حيدر مصلحي وهو يقول “لدينا تجربة على مدى 35 عاما في مكافحة الإرهاب.. نضعها في خدمة أعزائنا في العراق.” .. و”إيران ستنقل خبرتها لدعم الأمن المستدام وارتقائه في العراق”. وهذا ما أعلنه منبهرا وكيل وزارة الأمن العراقية السيد الفياض حين قال إنه تم البحث مع مصلحي “في جوانب التكامل في العلاقة الأمنية ين البلدين”- لاحظوا كلمة ” التكامل” هذه.
35 عاما من “مكافحة الإرهاب!!!!” بدأت بعملية إرهاب الدولة، أي خطف وحجز أعضاء طاقم السفارة الأميركية لمدة 444 يوما، ولم ينقذهم غير تهديد المرشح ريغان الذي توعد بالعقاب الصارم إن لم يطلق سراح الرهائن. فرضخ الخمينيون أمام العصا المرفوعة في وجوههم.
إيران هي التي تنشر الرعب والموت في العراق والمنطقة، مستخدمة القاعدة، ومليشياتها العراقية، وحزب الله، وبالتواطؤ مع سوريا الأسد، [الذي انقلبت عليه القاعدة هذه الأيام!] وآخر تقرير أميركي رسمي يتحدث عن وجود الآلاف من أعضاء التخريب والمخابرات الإيرانية في العالم من الأرجنتين، وحتى لبنان والعراق والخليج واليمن وأفريقيا. وتقول تقارير متواترة أن لإيران الدور الأول في عمليات التفجير والاغتيال السياسي الجارية في العراق يوميا، والتي غالبا ما تنسب للقاعدة، التي كانت إيران تستخدمها في العراق، من الزرقاوي وسواه. وقد تعمدت ماكينة الدعاية المالكية التعتيم على تصريحات وزير الدفاع السابق على أثر جرائم يوم الأربعاء الدامي، وحيث أكد أن الأسلحة المستخدمة كانت إيرانية الصنع.
حقا إنها لتجارب “مفيدة” للقائد الأعلى لقواتنا المسلحة في مطاردة خصومه السياسيين، ومساعي تفتيت صفوفهم، وكسب هذا وذاك ممن كان حتى الأمس القريب في حرب معهم كالسيد صالح المطلك وأمثاله.
ومما له صلة مباشرة بمهمة الرجل، وهو لم يخفه في تصريحاته موضوع اللاجئين العزل من أعضاء مجاهدي خلق المحجوزين قرب بغداد. وقد نسب تصريح للمالكي بأنه يسعى خلال فترة قصيرة لإخراج هؤلاء من العراق بشكل كامل- ولعله يقصد حملات مسلحة جديدة ضدهم كحملتيه الدمويتين السابقتين، وتسليم بعضهم للسلطات الإيرانية حيث ينتظرهم التعذيب والموت.
إيران تتقدم بخدماتها في مكافحة الإرهاب، وهو نفس الإرهاب الذي ما فتئت تشجعه وتسلحه على نطاق المنطقة، وبكل السبل المتوفرة لها. وكما كتبنا في مقال سابق، فإن إيران تمارس في موضوع الإرهاب دور حاميها حراميها، ودور القاتل الذي يسير في جنازة القتيل. وليست هذه الممارسات بغريبة عن نظام يتحدى المجتمع الدولي ويتضامن مع حاكم كوريا الشمالية حين يهدد بحر ب نووية. فالنظامان لا يأبهان بالقانون الدولي ولا بمجلس الأمن ولا بمصلحة الأمن والسلام العالميين، ولهما مطامع توسعية.
أما النقطة الأخرى في زيارة مصلحي، فهي التصريحات المتبادلة عن تطابق الموقفين الإيراني والعراقي في دعم بشار الأسد، وهو تطابق فرضته إيران على العراق ضد الشعب السوري، وهو ليس لمصلحة شعبي العراق وإيران. وكان الأحرى بالمالكي اتخاذ الحياد على الأقل مع مساعدة جيوش اللاجئين المنكوبين….