موقع المجلس:
يُظهر التصعيد الحالي في البرلمان الإيراني بوضوح تآكل سيطرة الولي الفقيه علي خامنئي، مع اندلاع صراع مفتوح على السلطة داخل صفوف النظام. لم يعد التوتر محصورًا في الاجتماعات السرية، بل تحول إلى مواجهة علنية في قاعة البرلمان، حيث قاد الجناح المتشدد حملة هجومية شرسة ومنظمة ضد الرئيس السابق حسن روحاني والرئيس الحالي مسعود بزشكيان. هذا ليس خلافًا سياسيًا عابرًا، بل صراع حاسم لتسوية الحسابات، يكشف عن نظام ينهار تحت ثقل انقساماته الجذرية، كما أفادت تقارير إعلامية حكومية في أواخر أكتوبر 2025.

روحاني تحت الضربة: “أضرارك تفوق الغزو المغولي”
شهدت الجلسة البرلمانية الأخيرة مشهدًا دراميًا من الهجمات اللاذعة، بقيادة النائب المتشدد “ميبدي”، الذي وصف أضرار إدارة روحاني بالبلاد بأنها “أشد وطأة من الغزو المغولي”. وفي رد فوري على انتقادات روحاني لشرعية البرلمان، صاح ميبدي: “تتحدث عن رفض الشعب لقراراتنا، فهل كانت إدارتك لجائحة كورونا – التي أودت بحياة 700 شخص يوميًا – تلبي إرادة الشعب؟ هل كانت مذبحة نوفمبر 2019، التي ارتكبتها حكومتك، تعكس رأي الشعب؟”.
لم يقف الأمر عند روحاني، بل امتد الهجوم إلى حكومة بزشكيان. وجه ميبدي تحديًا مباشرًا للرئيس قائلًا: “دكتور بزشكيان، ما هو برنامجك الفعلي؟ لا نرى أي خطة واضحة”، متهمًا الفريق الحاكم بالفشل في مكافحة التضخم ومنع انهيار الأسواق. وفي خطوة أكثر خطورة، دافع نائب آخر يُدعى “سراج” عن محاكمة روحاني، بالإضافة إلى محمد خاتمي وبيجن زنكنه، مما يعكس رغبة في تصفية كاملة للمعسكر الإصلاحي.
تصعيد “حرب الذئاب” في قمة السلطة ودعوات لمحاكمة وسجن روحاني
في الأيام الأخيرة من أكتوبر 2025، أبرزت وسائل الإعلام الرسمية تصاعدًا غير مسبوق للتوتر بين فصائل النظام، حيث خرج الصدام من الخفاء إلى الجلسات البرلمانية العلنية. هذه المواجهة ليست مجرد خلاف شخصي بين روحاني والبرلمان، بل رمز للمرحلة النهائية من الصراع على السلطة، ودليل على تراجع نفوذ خامنئي، خاصة بعد فشل الالتزامات المالية الدولية مثل FATF، الذي أدى إلى إبقاء إيران على القائمة السوداء.
رد معسكر بزشكيان: محاولات يائسة للتهدئة
أثار الهجوم موجة من الارتباك في صفوف بزشكيان، مع ردود دفاعية تبدو مترددة ومستسلمة جزئيًا.
حاول محمد رضا عارف، نائب الرئيس الأول، تلطيف الجو قائلًا: “لا حاجة لأن يناقش المسؤولون خلافاتهم على المنابر العامة”، معبرًا عن اللوم على “تحليلات خارجية مشوهة وشيطانية”، في تقليد قديم لنقل الأزمة إلى الخارج.
كشف طباطبائي، مساعد بزشكيان، عن القلق المتزايد لدى الرئيس بقوله: “قبل عشرة أيام، أكد الرئيس أنه سيحل المشكلات الخارجية، لكنه يخشى الخلافات الداخلية”.
أما المعاون التنفيذي محمد جعفر قائم بناه، فقد توسل إلى المنتقدين بالتوقف عن الهجوم قائلًا: “لا تنتقدوا الآن، الظروف حربية! العقوبات تضيق، وآلية السناب باك مفعلة”. هذا الاعتراف يعكس عجز الحكومة عن تقديم حلول، معتمدة على “ظروف الحرب” كذريعة للصمت.
الإعلام الرسمي يعترف: الصراع يهدد ما تبقى
لم يتمالك الإعلام الحكومي إنكار حجم الشقاق الداخلي.
حذرت صحيفة “سازندكي” من تحويل السياسة الخارجية إلى ميدان لتصفية الحسابات، محذرة من اتهام المعارضين بـ”إلحاق الضرر بالعلاقات مع روسيا”، مما يقضي على أي فرصة لنقاش بناء.
هاجم موقع “عصر إيران” رئيس البرلمان قاليباف بقوة، مذكرًا إياه بأن برلمانه “يعتمد على 6% فقط من أصوات الشعب”، وأن هجومه على روحاني ينبع من “عطشه الأبدي للرئاسة”.
ما يحدث في طهران اليوم يتجاوز “حرب الذئاب”؛ إنه عرض مباشر لآلية الانهيار الذاتي لنظام في أزمته النهائية. الهجمات المنسقة على الرؤساء السابقين والحاليين، والدعوات العلانية لمحاكمتهم، والردود المتلعثمة التي تتوسل الهدوء بحجة “الحرب”، كلها علامات على فشل خامنئي في ضبط فصائله المتناحرة. انهارت قواعد اللعبة، ودخل النظام مرحلة الافتراس الذاتي أمام العالم، في صراع بقاء لا يُحتَمَل أن يفوز فيه أحد سوى الفوضى والسقوط.








