صورة لمختطفین من کادر السفارة الامریکیة في طهران-آرشیف-
صوت العراق – محمد حسين المياحي:
طوال الفترات السابقة، کانت تقارير الاخبار الواردة من داخل إيران والمتعلقة بالنظام القائم هناك، تنقل معلومات مختلفة عن الصراع الدائر في داخل النظام بين الجناحين الرئيسيين فيه، أي الجناح الذي يزعم الاصلاح والاعتدال والجناح المتشدد المٶيد للمرشد الاعلى للنظام، هذا الصراع لم يکن يضر النظام کما قد يتصور البعض بل وحتى کان يستخدمه من أجل کسب ود الدول الغربية من أجل تخفيف الضغط المسلط عليه وإستمرار سياسة الاسترضاء التي کان يستغلها لصالحه.
غير إن الاحداث والتطورات التي جرت بصورة ممتابعة منذ هجمة 7 أکتوبر 2023، وما نجم عنها ولاسيما من حيث تحجيم دور النظام الايراني في المنطقة وحرب الايام ال12 وتفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات الدولية، قد أربکت الاوضاع في طهران بصورة غير مسبوقة وحتى لم يتوقعها أو ينتظرها النظام إطلاقا، قد أثرت على الصراعات الداخلية في النظام بحيث لم تعد تقتصر على الصراع بين ما هو معروف بالجناح الاصلاحي وبين الجناح المتشدد التابع لخامنئي، بل إنه قد تطور وإمتد الى داخل الجناح المتشدد ذاته، وهو تطور غير مسبوق يمکن إعتباره يٶسس لمرحلة سيشهد فيها العالم تآکل هذا النظام.
الصراع داخل جناح خامنئي، والذي کان دائما محافظا على رعايته للخطوط الاساسية للنظام فإن علي أكبر ناطق نوري، إحدى الشخصيات الوازنة في التيار المتشدد والرئيس الأسبق للبرلمان والذي تم ترشيحه من قبل خامنئي نفسه للرئاسة في مواجهة محمد خاتمي في التسعينيات، أدلى بتصريحات غير مسبوقة خلال مقابلة حديثة معه حيث إنتقد إحتلال السفارة الاميرکية وإعتبرها خطأ استراتيجيا فادحا عندما قال:” بعض الأخطاء ارتكبت منذ البداية. على سبيل المثال، من وجهة نظري، كان الاستيلاء على السفارة الأمريكية باعتبارها وكرا للتجسس خطأ كبيرا؛ ويبدو أن العديد من مشاكلنا بدأت من تلك النقطة. ألا يوجد في السفارات الأخرى في العالم أقسام للشؤون الاستخباراتية والتجسس؟ لقد احتلوا السفارة هناك، وردت أمريكا بالمثل واستولت على سفارتنا وجمدت أموالنا. ومنذ ذلك الحين، استمرت سلسلة من المشاكل وردود الفعل التي أعتقد أنها نابعة من تلك القرارات الأولية”!
وبهذه التصريحات، تجاوز ناطق نوري أحد الخطوط الحمراء الأيديولوجية للنظام، والتي طالما قدست حادثة السفارة باعتبارها “ثورة ثانية”. ويمكن تفسير هذا الموقف، في ظل العقوبات الاقتصادية الخانقة التي يواجهها النظام، بأنه محاولة لتبرير الحاجة الماسة إلى التفاوض وتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة.
غير إن الرد على ناطق نوري قد جاء سريعا وقاسيا من جانب أحمد علم الهدى، إمام جمعة مشهد وممثل خامنئي في محافظة خراسان، والذي يمثل الجناح الأكثر تطرفا في النظام. اتهم علم الهدى ناطق نوري بـ”الانقطاع” عن مبادئ الثورة، ووصف احتلال السفارة بأنه “الثورة الثانية” وصفعة قوية لأمريكا.
لکن وفي موقف مدافع عن ناطق نوري ومهاجم ضد علم الهدى والمنتقدين الآخرين، صرح غلام حسين كرباسجي، الأمين العام الأسبق لحزب “کارکزاران” وشخصية مقربة من الجناح الاصلاحي، وفي إشارة واضحة الى علم الهدى:” بعض هؤلاء الذين يهاجمون الآن مواقف السيد ناطق بشأن احتلال السفارة، عندما تنظر إلى تاريخهم، لا تجد لهم سجلا في الثورة ولم يكونوا من أهل النضال قبلها، والآن حصلوا على منبر ويتفوهون بهذه الكلمات”، ومن دون أدنى شك فإن هذا الصراع غير المسبوق إن دل على شئ فإنه يٶسس لمرحلة سيشهد العالم فيه تآکل النظام وسيره بإتجاه نهايته.








