الخميس, 13 نوفمبر 2025

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

أحدث الاخبارالشرعية السياسية ومصير نظام ولاية الفقيه في إيران

الشرعية السياسية ومصير نظام ولاية الفقيه في إيران

موقع کوالیس الیوم- د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي:

تواجه إيران اليوم لحظة فارقة في تاريخها السياسي والاجتماعي.. لحظة تتقاطع فيها تداعيات الأزمة الاقتصادية مع شرخ متصاعد في الشرعية السياسية لنظام ولاية الفقيه؛ فالنظام الذي تأسس بعد الثورة الوطنية في عام 1979 مدعيًا أنه يمثل إرادة الشعب ومفوضًا من الدين ليقود البلاد يجد نفسه اليوم أمام اختبار أصعب من أي وقت مضى: اختبار شرعيته بين أبناء شعبه، وبين التاريخ الذي يسجل بدقة أفعال كل فئة وقفت في وجه الطغيان أو اكتفت بالمشاهدة الصامتة.
الشرعية السياسية كما يعرفها الفكر السياسي الحديث ليست مجرد امتياز مؤسساتي أو دستور مكتوب بل هي قدرة النظام على اكتساب رضى الشعب واحترامه، وتحقيق العدالة والحماية لمصالح الأمة، وفي حالة إيران فإن السؤال عن الشرعية يمتد ليشمل سنوات طويلة من التجارب السياسية المتعاقبة: حقبة الشاه التي شهدت استبدادًا وسيطرة أمنية، وحقبة الملالي التي حملت شعار الثورة الإسلامية المزيفة، ولكن سرعان ما استبدت بالسلطة وحولت السلطة إلى أداة لقمع المعارضين.. هنا يبرز سؤال محوري: هل يمكن أن تكون الشرعية السياسية لنظام يستمد قوته من شعار الدين فقط؛ شعار الدين المجرد من الحقيقة وفي ظل غياب أي مصداقية اجتماعية دينية مذهبية أو اقتصادية؟
الإجابة تتطلب النظر إلى من قدموا أنفسهم على طريق الدفاع عن وطنهم وكرامة شعبهم.. فمقاومة النظام الاستبدادي في إيران لم تبدأ مع الثورة بل تمتد إلى جذور عميقة في الحركة الوطنية والمعارضة الديمقراطية.. منظمة مجاهدي خلق الإيرانية على سبيل المثال لم تكتفِ بالكلام أو بالوعود بل اختارت منذ بداياتها وصبى أعضائها حتى الشيخوخة وجيلا بعد جيل أن تواجه طغيان الشاه ومن ثم قمع الملالي في رحلةٍ كفاحيةٍ مستمرة امتدت لعقود محمولة بروح وطنية خالصة وتضحيات جسيمة، وهؤلاء الرجال والنساء الذين أمضوا حياتهم في مواجهة الاستبداد إنما يمثلون المعنى الحقيقي للشرعية الشعبية: الشرعية التي تُكتسب بالانتماء الصادق والعمل والنضال لا بالوراثة أو الادعاءات الدينية أو المناصب المنتزعة بالقوة.
على النقيض نجد الفلول الذين لم يقدموا شيئًا للشعب خلال حقبة الشاه، والذين يرمون اليوم بظلالهم على المشهد السياسي الحالي متوهمين أن حضورهم أو تأييدهم يمكن أن يساوي مناضلي الأمس.. هؤلاء يفتقدون إلأى البعد الأخلاقي والتاريخي للشرعية، فهم لم يختبروا القهر ولم يضحوا، ولم يواجهوا خطر السجن أو الموت.. لذا من الناحية العملية والفكرية لا يستوي من واجه الطغيان دفاعًا عن كرامة وطنه مع من اكتفى بمشاهدة المعاناة.. الشرعية التي تُكتسب بالوقوف في وجه الاستبداد والمجازفة من أجل الشعب، ولا يمكن أن تُستعار أو تُقارن بالشرعية الشكلية أو المصطنعة التي يقدمها الانتهازيون أو الفلول.
النظام الحالي المتمثل في ولاية الفقيه يعتمد على سلطة الادعاء الديني لشرعنته متجاهلًا تمامًا عناصر الشرعية الأساسية: الحرية، العدالة، الكفاءة، واحترام حقوق الإنسان، وفي السنوات الأخيرة ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية تكشفت هشاشة هذا النوع من الشرعية.. فالشعب الإيراني لا سيما الشباب والطبقات الفقيرة والمعدمة لم يعودوا يقبلوا بالتمثيل الديني المدعي الذي يُخاطب مصالحه بالوعود والمظاهر والخداع.. بل يطالبوا بالحقوق الحقيقية التي تعكس إرادة الأمة ومصالحها، وهذا ما يفسر تنامي الحركة الشعبية المعارضة بما في ذلك نشاطات مجاهدي خلق التي تمثل صوتًا حيًا للشرعية المستندة إلى التاريخ والنضال الفعلي.
من زاوية أخرى يمكن النظر إلى مسألة الشرعية السياسية من منظور دولي.. النظام الذي يفتقر إلى شرعية داخلية حقيقية لا يستطيع أن يحظى بمصداقية في العلاقات الدولية.. فالدول التي تراهن على استقرار إيران السياسي تواجه خطر الانفجار الاجتماعي والاحتجاجات الشعبية ذلك لأن الشرعية المفقودة داخليًا تعني ضعف القدرة على اتخاذ قرارات مستقرة أو تنفيذ سياسات بعيدة المدى، وهنا يبرز مصير النظام بوضوح: فكلما فشل في بناء الثقة الشعبية كلما تقلصت فرصه في البقاء على المدى الطويل مهما بلغت إمكانياته الأمنية أو نفوذه الخارجي.
إن التاريخ السياسي الإيراني مليء بالأمثلة على أن الأنظمة التي تستمد قوتها فقط من القهر والخوف، وتغفل عن بناء قاعدة شرعية حقيقية لا تصمد أمام اختبار الزمن، وتجارب الشاه قبل الثورة، وتجارب الملالي بعد الثورة تؤكد أن القمع وحده لا يكفي للحفاظ على السلطة وأن الشرعية الحقيقية تأتي من تضحيات الأفراد الذين يضحون بأنفسهم من أجل الحرية والكرامة، ومن القدرة على تلبية تطلعات الشعب في الأمن والعدالة والكرامة.
في ضوء ذلك يمكن القول إن مصير نظام ولاية الفقيه في إيران ليس مضمونًا بل هو مرهون بمدى قدرته على بناء شرعية حقيقية تعتمد على العمل السياسي النزيه، واحترام حقوق الإنسان، والانفتاح على المجتمع والتخلي عن أدوات القمع المفرطة، الشرعية التي تُبنى على التضحية والنضال كما فعل مناضلو منظمة مجاهدي خلق هي وحدها القادرة على منح الدولة أساسًا مستدامًا للبقاء.. أما الشرعية المزيفة المبنية على الخوف والمظاهر الدينية فقط فهي شرعية هشة قابلة للانهيار أمام أي حركة شعبية واعية وفاعلة.
في الختام.. يظل السؤال المطروح على كل مواطن إيراني وكل مراقب للوضع في إيران: هل ستستمر الدولة في الاعتماد على سلطة القهر أم ستعيد الاعتبار للشرعية الحقيقية التي تعكس إرادة شعبها وتضحيات مناضليها؟ التاريخ وحده كفيل بالإجابة؛ لكن المؤشرات الحالية التي تتجلى في الاحتجاجات الشعبية ونشاط المعارضة المستمرة تشير إلى أن الشرعية السياسية لنظام ولاية الفقيه تتآكل تدريجيًا، وأن مستقبل إيران واستقرار المنطقة مرهون بإسقاط نظام الملالي وتحقيق العدالة والحرية، وبالاعتراف بالذين واجهوا الاستبداد لأجل وطنهم وشعبهم.. وبالمقابل كان هناك من لم يحرك ساكنًا طوال العقود الماضية وقد يأتي يوماً ليتسلق فيه كما تسلق الملالي وأشباههم على الثورة الوطنية الإيرانية.
د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.