مؤامرات نظام الملالي ضد دول المنطقة
موقع المجلس:
شهدت المنطقة، يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025، لحظة وُصفت بالتاريخية، حين أُعلن وقف إطلاق النار بعد حربٍ استمرت عامين، وتزامن ذلك مع إطلاق سراح 20 رهينة إسرائيلية و1966 أسيرًا فلسطينيًا. هذا الحدث، الذي عمّت أجواء الفرح بسببه مختلف أنحاء الشرق الأوسط والعالم، ترك النظام الإيراني وحيدًا في عزلة غير مسبوقة، تجلت أصداؤها في المشهدين الإقليمي والدولي.
ففي ذلك اليوم، احتضنت مدينة شرم الشيخ المصرية مؤتمر السلام الدولي، بحضور قادة وممثلين رفيعي المستوى من عشرات الدول، برئاسة الرئيسين دونالد ترامب وعبدالفتاح السيسي. وفي طريقه إلى المؤتمر، قال ترامب:
“بالأمس واليوم، شهدنا فرحًا مشتركًا بين شعوب المنطقة، وهو أمر نادر الحدوث؛ فالجميع سعداء في وقت واحد — العرب، المسلمون، والإسرائيليون — وهذا لم يحدث من قبل.”
كانت كلماته تعبيرًا عن مشهد سياسي جديد بدأ يتشكل في الشرق الأوسط، عنوانه التقارب والتهدئة، بينما بقيت طهران خارج هذا الإجماع، غارقة في عزلة دبلوماسية خانقة.
النظام الإيراني في مرمى النقد الإقليمي
بعد يوم واحد من القمة، نشرت صحيفة “البيان” المصرية في عددها الصادر بتاريخ 14 أكتوبر تقريرًا بعنوان: “العدو الحقيقي للسلام هو النظام الإيراني نفسه”.
وجاء فيه:
“لقد كشف مؤتمر شرم الشيخ للعالم من هو الطرف الوحيد الذي يرفض السلام ويستثمر في الدمار والفوضى: إنّه نظام ولاية الفقيه في طهران، بقيادة علي خامنئي، الذي يرى في أي تقارب أو استقرار إقليمي تهديدًا مباشرًا لمشروعه التوسعي.”
وأوضحت الصحيفة أن طهران، في الوقت الذي تتجه فيه المنطقة نحو تسوية تاريخية قد تُنهي أحد أطول النزاعات في العصر الحديث، تواصل إشعال الأزمات ودعم الميليشيات المسلحة من غزة إلى لبنان واليمن والعراق، مؤكدة أن “الخلاص من هذا الخطر لن يتحقق إلا بتغيير جذري للنظام في طهران وإحلال بديل ديمقراطي يمثل إرادة الشعب الإيراني”.
انعكاسات العزلة على الساحة الدولية
أما صحيفة “ناشيونال بوست” الكندية، فقد خصصت في عددها الصادر بتاريخ 15 أكتوبر تقريرًا مطولًا بعنوان “إيران على حافة الهاوية”، تناولت فيه أصداء العزلة الدولية التي يعيشها النظام بعد قمة شرم الشيخ، منتقدة بشدة تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، واصفة إياه بأنه “بدا وكأنه طفل سُلبت منه آخر قطعة حلوى”.
وأضافت الصحيفة:
“بينما اجتمع 20 زعيمًا عالميًا في مصر لإعادة بناء الشرق الأوسط، لم يكن لإيران أي مقعد على الطاولة. العقوبات والعزلة تدفع النظام نحو الهاوية.”
وحذّرت “ناشيونال بوست” من أن الضغوط الاقتصادية المتزايدة قد تشعل احتجاجات جديدة داخل إيران، مذكّرةً بانتفاضة نوفمبر 2019 التي اندلعت إثر رفع أسعار الوقود بنسبة 50%.
وختمت تقريرها بالقول:
“النظام الإيراني اليوم في أضعف حالاته منذ قيامه. لا وجود لمعتدلين يمكن التفاوض معهم، ولا مجال لإصلاح هذا النظام. على المجتمع الدولي أن يدعم الشعب الإيراني في مساعيه لإسقاطه.”
من مشروع الحرب إلى مأزق العزلة
منذ عامين فقط، حاول علي خامنئي توظيف الحرب في غزة كوسيلة لتثبيت هيمنته الإقليمية وإجهاض موجة الغضب الشعبي في الداخل الإيراني. لكن الأحداث الأخيرة أظهرت عكس ما كان يسعى إليه، إذ انقلبت رهاناته إلى عزلة خانقة ومحاصرة سياسية.
وفي هذا السياق، اعترفت صحيفة “ستاره صبح” الحكومية الإيرانية في عددها الصادر بتاريخ 11 أكتوبر بما سمّته “الخيارات الصعبة” أمام النظام، قائلة:
“إيران اليوم أمام مفترق طرق: إما الاستمرار في النهج العقائدي المكلف، أو القبول بخطة السلام وحل الدولتين، والدخول في تسوية مع الطرف الرئيسي، أي الولايات المتحدة.”
خاتمة: عزلة تكشف المأزق البنيوي للنظام
تُظهر تداعيات قمة شرم الشيخ أن النظام الإيراني يمرّ بأزمة عميقة تتجاوز الجانب الدبلوماسي إلى البنية الأيديولوجية نفسها. فبينما تتجه المنطقة نحو السلام وإعادة الإعمار، تقف طهران وحيدة، مثقلة بالعقوبات، محاطة بالانتقادات، وفاقدة لأي حليف مؤثر في الإقليم.
لقد تحوّلت الحرب التي كانت وسيلة لبسط النفوذ إلى عبء ثقيل كشف حدود قدرة النظام على المناورة، وأظهر أن مشروعه القائم على “تصدير الثورة” لم يعد يجد صدى لا في الداخل الإيراني ولا خارجه.
العزلة الحالية ليست مؤقتة، بل هي انعكاس لتآكل شرعية النظام داخليًا، وتآكل نفوذه خارجيًا — وهي إشارات إلى مرحلة جديدة قد تكون مقدمة لتحولات جوهرية في مستقبل إيران والمنطقة.








