اشتباکات بالایدي في البرلمان الایراني-آرشیف-
موقع المجلس:
بلغ الصراع بين أركان نظام الملالي مرحلة لم يعد فيها إقصاء الخصوم أو تصفيتهم مجرد خطوة تكتيكية، بل تحوّل إلى وسيلة أساسية للبقاء الفئوي. فما يجري اليوم داخل هرم السلطة لا يمكن وصفه بالتنافس السياسي، بل هو حالة من «الاختلال المزمن» في بنية الحكم، ناتجة عن أزمة شرعية عميقة، وعجز واضح في اتخاذ القرار، وانهيار التوازنات الداخلية.

ورغم أن الولي الفقيه لطالما دعا إلى «توحيد الصف» في مواجهة الأعداء، فإن الواقع يشير إلى أن توجيهاته لم تعد تلقى أي صدى بين التيارات المتصارعة. فبينما أدّى تفعيل «آلية الزناد» وعودة العقوبات إلى وضع النظام في حالة طوارئ، تتصاعد في الوقت ذاته نيران الصراع الداخلي بين الفصائل. والمفارقة أن الشخصيات التي ترفع شعارات «الوحدة الوطنية» عبر الإعلام الرسمي، هي ذاتها التي تقود في البرلمان حملات استجواب ضد أربعة أو خمسة وزراء من حكومة بزشكيان، لا بدافع المحاسبة، بل سعياً لتثبيت مواقعها في السلطة والحصول على المزيد من الامتيازات.

لندن تعلن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة «اعتماد» بتاريخ 8 أكتوبر عن هذه الازدواجية بقولها إن «محاولات التيار المتشدد لاستجواب وزراء الحكومة تأتي ضمن مساعيه لتحقيق مكاسب سياسية وفئوية في ظل التوتر الذي أعقب تفعيل آلية الزناد وازدياد العقوبات».
تحدٍ مبطن للولي الفقيه
اللافت أن بعض وسائل الإعلام المحسوبة على النظام بدأت تتخذ مواقف غير مباشرة تمس رأس السلطة نفسه. فصحيفة «اعتماد»، التي تميل إلى التيار الإصلاحي، طالبت بمنح الرئيس بزشكيان «صلاحيات استثنائية» لتجاوز الأزمة، مؤكدة أن «الحكومة يجب أن تكون صاحبة القرار النهائي». وهي عبارة تحمل في لغة النظام دلالة واضحة على تحدي مبدأ «الولاية المطلقة للفقيه»، وإقرار ضمني بعجزه عن إدارة المرحلة الراهنة.
لقد بلغ الانقسام في قمة السلطة مستوى لم يعد حتى الإعلام الموالي قادراً على التغطية عليه. فالحكومة تحاول استعادة شرعيتها عبر المطالبة بصلاحيات أوسع، في حين تعمل المؤسسات التابعة لمكتب الولي الفقيه على تعطيلها وإضعافها من الداخل.
هذه المعطيات تشير بوضوح إلى أن نظام ولاية الفقيه يعيش مرحلته الأخيرة، إذ لم يعد قادراً على إصلاح نفسه أو استعادة توازنه الداخلي. فالصراع الدائر اليوم داخل أجنحة النظام أشبه بـ«زلزال دائم» ينخر في أساسات البنية الحاكمة.
وفي النهاية، سواء تم عبر استجواب الوزراء أو منح الحكومة صلاحيات طارئة، فإن النظام لن يتمكن من تفادي مصيره. فالأزمة التي يواجهها لم تعد أزمة حكومة بعينها، بل أزمة «تفكك بنيوي» تطال النظام بأكمله، ليجد نفسه محاصراً من جميع الاتجاهات بالعقوبات والضغوط، داخلياً وخارجياً، اجتماعياً ودولياً.








