موقع المجلس:
عكست الصحف الحكومية الإيرانية الصادرة يوم السبت 11 أكتوبر 2025 ملامح انقسام حاد داخل دوائر النظام، إذ انقسمت وسائل الإعلام بين خطين دعائيين متضادين: أحدهما يروّج لخطاب التهدئة والحلول الدبلوماسية، والآخر يغذّي نبرة الصدام ويحذر من انهيار اقتصادي وشيك. هذا التباين الإعلامي كشف عمق الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالنظام الإيراني، في ظل تصاعد الأزمات الداخلية والخارجية.
محور الحرب والدبلوماسية: تباين في الخطاب وتبادل للاتهامات
على صعيد السياسة الخارجية، برزت صحيفة “شرق” كصوتٍ أكثر حذرًا، مركّزة على الحديث عن الوساطة الروسية المحتملة بين إيران وإسرائيل، مع توصيف عملية “الوعد الصادق” بأنها “خطأ تكتيكي”. هذا الطرح عكس مخاوف من تجدد المواجهة العسكرية، وتناقضًا في الموقف الرسمي بين التهدئة والتصعيد.
في المقابل، تبنّت صحيفة “كيهان” المقرّبة من مكتب المرشد الأعلى لهجة هجومية حادة ضد وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، متهمة إياه بـ“الهزيمة في الاتفاق النووي”، وساخرة من شعاره السابق “الصواريخ أم الشعب”. جاءت هذه الحملة كدفاع صريح عن نهج العسكرة الذي يفضّله جناح خامنئي، في محاولة لإلقاء تبعات الإخفاقات على التيار الإصلاحي.
الاقتصاد في قلب العاصفة: تبادل اتهامات وهروب الثروة
على المستوى الاقتصادي، تواصلت حالة الفوضى وتبادل الاتهامات بين الصحف الحكومية. فقد كشفت صحيفة “ابتكار” عن هروب واسع لرؤوس الأموال وتحويل مليارات الدولارات إلى الإمارات، معتبرة ذلك مؤشرًا على أزمة ثقة حادة في السوق المحلية. كما تناولت صحف أخرى قضية 95 مليار دولار من عائدات التصدير التي لم تُعاد إلى البلاد، في حين حاولت صحيفة “فرهيختكان” الموالية للحكومة التقليل من أهمية الأرقام والدفاع عن أداء حكومة بزشكيان.
أما صحيفة “جهان صنعت” فقد وجّهت اتهامات صريحة للحكومة بالعجز عن مواجهة أصحاب النفوذ والشركات شبه الحكومية (المعروفة بـ”الخصولتيها”)، مشيرة إلى أن الفساد المتجذر يعيق أي إصلاح اقتصادي حقيقي. بدورها، حذّرت “آرمان امروز” من أن العقوبات الجديدة ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تهدد بانهيار الهيكل الاقتصادي الإيراني برمّته.
مأزق نظام منقسم على ذاته
تكشف هذه التغطيات الإعلامية المتضاربة عن نظام مأزوم يتصارع داخليًا على تفسير الفشل وتوزيع المسؤوليات. فالصراع بين خطاب الحرب وخطاب الاقتصاد لا يعكس مجرد تباين في وجهات النظر، بل يعبّر عن انقسام استراتيجي عميق بين أجنحة السلطة. وفي ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يبدو أن الدعاية الرسمية لم تعد قادرة على إخفاء واقع التآكل الداخلي الذي يهدد تماسك النظام ذاته.








