موقع المجلس:
تُعد الديكتاتورية الدينية، تحت قيادة علي خامنئي، نموذجًا كلاسيكيًا لهيكل الذي يستخدم القضاء وقوات الأمن لتصفية المعارضين بتهم مثل “الانفصالية” أو “الارتباط بإسرائيل”.. کما في المجتمعات الاستبدادية، حيث يتم الحفاظ على السلطة السياسية من خلال أدوات القمع والدعاية، غالبًا ما تظهر المقاومة الشعبية في شكل حركات سرية وعمليات رمزية.
إن إعدام عدد من المواطنين العرب في الأهواز بعد سنوات طويلة من السجن، ومواطن كردي في سنندج بعد أكثر من عقد من الاعتقال، والذي تم بذريعة الانتقام لمقتل رجل الدين ماموستا شيخ الإسلام، يمثل رمزًا لهذا العنف الهيكلي. هذه الإجراءات ليست مجرد انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بل هي جزء من استراتيجية النظام لخلق جو من الرعب العام.
ردًا على هذه الوحشية، قام شباب الانتفاضة بتنفيذ عمليات هادفة غيرت المشهد السياسي. هذه الأعمال، التي تتجاوز ردود الفعل الفورية، تعمل كمحفز للتحولات الهيكلية.
ويمكن تحليل الإعدامات الأخيرة في إطار “العنف الهيكلي” ليوهان غالتونغ، الذي يرى أن النظام يستخدم، من خلال مؤسساته القضائية، العنف كأداة للحفاظ على نظامه القمعي.
في المقابل، قدم شباب الانتفاضة ردًا مباشرًا على هذا العنف الهيكلي بتنفيذ عمليات نارية عديدة في فترة زمنية قصيرة. شملت هذه العمليات تفجيرًا في مركز قيادة قوى الأمن الداخلي في فارسان، وإضرام النار في مقرات دينية في طهران، أصفهان، إسلام آباد غرب، أزنا، قم، كرمانشاه وسنندج، وتدمير قواعد للباسيج وملصقات دعائية لقادة النظام في مدن مثل مشهد، شيراز، بوشهر ونيشابور.
وتمثل هذه الإجراءات رمزًا “للمقاومة اليومية” التي ناقشها جيمس سكوت، حيث تتشكل هذه المقاومة على أساس تحدي الأفراد العاديين لنظام استبدادي من خلال أعمال صغيرة ولكنها فعالة. هذه العمليات لا تستنزف القدرات القمعية للنظام فحسب، بل تشغل طاقة قوات الأمن أيضًا. ومن خلال خلق جو ثوري، توجه هذه الوحدات الاحتجاجات الاجتماعية من حالة التشتت نحو تنظيم فعال. على سبيل المثال، إحراق قواعد الباسيج – التي تعمل كأذرع قمعية للنظام – يرسل رسالة واضحة للمجتمع: هيمنة النظام، القائمة على الدعاية الإعلامية، يمكن كسرها. ومع تزايد وتيرة الاحتجاجات، تجذب هذه الإجراءات المزيد من القوى إلى صفوف المقاومة، مما يخلق دورة من التعبئة الاجتماعية.
يعمل شباب الانتفاضة، بوصفهم قلب الانتفاضة النابض، في ارتباط وثيق مع البديل الديمقراطي. هذا الارتباط يحولهم من مجموعات متفرقة إلى شبكة مرنة وقوية. فهم يمهدون الطريق للاحتجاجات الاجتماعية من خلال عمليات كسر القمع ويضحون الأمل في المجتمع. في النظرية الاجتماعية، يمكن مقارنة مثل هذه الحركات بمفهوم “الفضاء العام” ليورغن هابرماس، الذي يرى أن الأفعال الرمزية تخرج الخطاب العام من حالة الجمود وتوجهه نحو التغيير.
بالإضافة إلى ذلك، يتحدى شباب الانتفاضة الأيديولوجية الحاكمة من خلال استهداف رموز النظام – مثل لافتات وملصقات خميني وخامنئي وسليماني وبزشكيان. هذه الأعمال، التي غالبًا ما تُنفذ في المدن الكبيرة والصغيرة، تُظهر الامتداد الجغرافي للمقاومة. يسعى النظام، من خلال مؤسساته القمعية المتنوعة، إلى بسط قبضته الخانقة، لكن شباب الانتفاضة يزعزعون أسس الديكتاتورية بتحطيم هذه الرموز.
في حقيقة الأمر، تمهد عملياتهم الطريق لانتفاضة الشعب العارمة وإسقاط الحكم الملالي؛ ذلك الحكم الذي يظن أنه قادر على مواصلة حياته المشينة من خلال الإعدام والقمع.








