موقع المجلس:
مقال رأي نشر في موقع “لاليبر” البلجيكي، يسلط الضوء على التصعيد المروع لعمليات الإعدام في إيران، بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في 10 أكتوبر. يكشف المقال، الذي يستند إلى بيانات منظمات حقوقية وخبراء أمميين، كيف شهد شهر سبتمبر 2025 وحده إعدام 200 شخص، وهو أعلى رقم شهري منذ 36 عامًا. ويربط المقال هذه الموجة غير المسبوقة من القتل بأزمة النظام العميقة ومحاولاته اليائسة لإثارة الرعب ومنع انتفاضة شعبية.

تصاعد الإعدامات في إيران
مع إحياء العالم لليوم الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام، تواجه إيران واقعًا قاتمًا، حيث وصلت عمليات الإعدام إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ عقود. فوفقًا لبيانات جمعها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، تم تنفيذ 1200 عملية إعدام في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، وهو رقم يتجاوز بالفعل إجمالي إعدامات عام 2024 بأكمله والذي بلغ 1001 حالة.
وقد أعرب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن قلقهم العميق إزاء هذا التصعيد. ووصفت ماي ساتو، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران، الوضع بأنه “مروع”. وفي بيان مشترك صدر في أواخر سبتمبر، أشار خبراء الأمم المتحدة إلى أن الإعدامات تجاوزت 1000 حالة في أقل من تسعة أشهر، بمعدل يصل إلى تسع عمليات شنق يوميًا في الأسابيع الأخيرة، مما دفع ساتو إلى القول إن إيران تستخدم عقوبة الإعدام “على نطاق صناعي”، معتبرة إياه انتهاكًا خطيرًا للحق في الحياة.
السجناء السياسيون في صلب الاستهداف
لا تقتصر وحشية النظام على المشانق، بل تمتد إلى سياسة القتل البطيء داخل السجون. ففي 25 سبتمبر، توفيت السجينة السياسية سمية رشيدي، البالغة من العمر 42 عامًا وهي أم، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد في سجن قرجك. كانت رشيدي قد اعتُقلت في أبريل لكتابة شعارات مناهضة للنظام، ورغم معاناتها من نوبات صرع متكررة، حُرمت بشكل ممنهج من الرعاية الطبية، ولم تُنقل إلى المستشفى إلا بعد دخولها في غيبوبة، حيث فارقت الحياة بعد عشرة أيام. يؤكد المدافعون عن حقوق الإنسان أن وفاة رشيدي تجسد سياسة النظام المعروفة بـ “التعذيب عبر الإهمال”.
وفي مواجهة هذا القمع، انطلقت حركة عصيان مدني متنامية داخل السجون، حيث أطلق السجناء في 52 سجنًا حملة “لا لإعدامات الثلاثاء” التي دخلت أسبوعها الثامن والثمانين، مع إضراب عن الطعام احتجاجًا على آلة القتل ووفاة سمية رشيدي.
محو الجرائم وتدمير الأدلة
في موازاة ذلك، أفادت تقارير بأن النظام قام بتجريف قبور في القطعة 41 بمقبرة “بهشت الزهراء” في طهران، وهي منطقة تضم رفات العديد من ضحايا المجازر السابقة، بما في ذلك ضحايا الإعدام الجماعي لـ 30 ألف سجين سياسي في مجزرة صیف عام 1988. ويرى المراقبون أن حملة التدمير هذه تهدف إلى محو أدلة الجرائم ضد الإنسانية قبل أن تتمكن آليات المساءلة الدولية من التحرك.
نظام يتغذى على الخوف والدم
يرى المحللون أن الوتيرة غير المسبوقة للإعدامات تعكس نظامًا يعيش أزمة وجودية. ففي ظل الانهيار الاقتصادي والاضطرابات الشعبية وإعادة تفعيل العقوبات الدولية، تسعى المؤسسة الدينية للحفاظ على سيطرتها من خلال بث الرعب.
وفي هذا السياق، كتبت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، على منصة “إكس”: “من خلال إشاعة جو من الرعب، يسعى الاستبداد الديني إلى منع انتفاضة شعبية. لكن إراقة الدماء هذه لا تؤدي إلا إلى تقوية عزيمة الشباب المنتفض من أجل تغيير النظام. يجب على المجتمع الدولي أن يرفض هذه الديكتاتورية الدينية. يجب تقديم خامنئي وقادة النظام الآخرين إلى العدالة عن 46 عامًا من الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية”.
وحذرت المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بموقع حقوق الإنسان في إيران ماي ساتو من أن “العالم لا يمكن أن يبقى صامتًا” أمام هذه الانتهاكات الممنهجة. ودعت إلى طرد النظام الإيراني من الهيئات الدولية وتقديم قادته إلى العدالة.
إن الموجة القياسية من الإعدامات لا تعكس قوة النظام، بل يأسه. ويواجه العالم اليوم خيارًا: إما اتخاذ إجراءات حاسمة، أو مشاهدة التاريخ يكرر نفسه في مأساة مستمرة.








