موقع المجلس:
في ظلّ تجدد العقوبات الدولية والانهيار الاقتصادي المتسارع، تغرق إيران أكثر في دوامة الفقر والجوع. فمع سياسات النظام التي تفضّل تمويل الحروب والمشاريع النووية على تلبية احتياجات المواطنين، باتت حتى الفاصوليا – رمز الوجبة البسيطة – سلعة بعيدة المنال للملايين.

وجبة الفقراء تتحول إلى حلم
ما كان في الماضي بديلاً متواضعاً للحوم أصبح اليوم رفاهية لا يقدر عليها كثير من الإيرانيين. ففي طهران، ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من الفاصوليا المرقطة إلى نحو 660 ألف تومان. وبحسب التقديرات، فإن أسرة مكوّنة من أربعة أفراد تحتاج إلى أكثر من 19 مليون تومان شهرياً لتناول وجبة يومية من الفاصوليا فقط، وهو مبلغ يتجاوز الدخل الشهري الكامل للعديد من العمال.
لقد تحوّل المطبخ الإيراني إلى مرآة تعكس الانهيار الاقتصادي العميق: أمة بات فيها سعر الفاصوليا دليلاً على مدى اتساع الفقر وانهيار القدرة الشرائية.

تضخم يلتهم كل شيء
قفزت أسعار المواد الغذائية بوتيرة مذهلة خلال الأشهر الأخيرة. ففي يونيو 2024، لم يكن سعر كيلو الفاصوليا يتجاوز 150 ألف تومان، لكنه وصل في فبراير 2025 إلى نحو 280 ألف تومان، ثم ارتفع إلى 660 ألف تومان في سبتمبر 2025، أي بزيادة تفوق أربعة أضعاف خلال 15 شهراً فقط.

والمشهد ذاته يتكرر في بقية السلع الأساسية:
اللحم الأحمر: بين 1.2 و1.5 مليون تومان للكيلوغرام.
العدس: 200 ألف تومان.
الأرز: 300 ألف تومان.
الحليب: 52 ألف تومان للزجاجة.
الزبدة (100 غرام): 60 ألف تومان.
وبات كثير من الإيرانيين يستغنون كلياً عن اللحوم ومنتجات الألبان، بعد أن كانت الفاصوليا بديلهم الأول، لتصبح الآن هي الأخرى بعيدة المنال.
العقوبات تعود والنظام يواصل الإنفاق العسكري
تزامنت هذه الطفرة في الأسعار مع عودة العقوبات الأممية متعددة الأطراف بعد تفعيل “آلية الزناد”، ما أدى إلى انهيار العملة المحلية. فقد تجاوز سعر الدولار في سوق طهران 118 ألف تومان، وهو مستوى غير مسبوق.
ومع انهيار الريال، ارتفعت أسعار السلع الأساسية والأدوية بشكل جنوني، في حين يواصل النظام إنفاق مليارات الدولارات على المشاريع النووية والميليشيات الإقليمية، متجاهلاً أزمات المواطن اليومية.
الأجور لا تكفي للبقاء
تتراوح الأجور الشهرية الرسمية للعمال والموظفين بين 12 و17 مليون تومان، بينما يقدّر النشطاء أن خط الفقر لأسرة مكوّنة من ثلاثة أفراد تجاوز 56 مليون تومان. أي أن دخل الأسرة لا يغطي حتى حاجتها من الأرز والفاصوليا، فضلاً عن الإيجار أو الدواء أو المواصلات.
وجه إنساني لأزمة اقتصادية
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 80% من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر. وقد اختفت من موائدهم أطباق تقليدية مثل آش رشته (الحساء الإيراني الشهير)، وأصبحت العائلات تشتري اللحوم بالتقسيط، فيما يترك الطلاب مدارسهم بسبب تكاليف التعليم المتصاعدة.
كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية بأكثر من 100% خلال عام واحد، وقفزت تكاليف المستلزمات المدرسية بنسبة 30%، وأجبر الفقر أكثر من مليون طفل على الانسحاب من الدراسة.
اقتصاد الحرب والفساد
يرى محللون أن ما تشهده إيران اليوم ليس نتيجة العقوبات وحدها، بل ثمرة نظام اقتصادي يقوم على الحرب والفساد. فبينما تُنفق الحكومة مليارات الدولارات خارج حدودها، يُترك المواطنون لمواجهة الجوع والعوز داخلها.
ومع عودة العقوبات وتراجع صادرات النفط وتفاقم العزلة المالية، يتجه الاقتصاد الإيراني نحو مرحلة جديدة من الانهيار، حيث تتسع الهوة بين الحد الأدنى للأجور وخط الفقر لتبتلع الملايين من الأسر في دوامة الجوع واليأس.








