موقع المجلس:
يُحيي العالم في 10 أكتوبر من كل عام اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وهو مناسبة أُطلقت عام 2003 بمبادرة من التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، بدعم من عشرات المنظمات الحقوقية حول العالم. ويهدف هذا اليوم إلى توعية الرأي العام بمخاطر هذه العقوبة على كرامة الإنسان والدعوة إلى إلغائها على الصعيد الدولي.

ورغم أن أكثر من ثلثي دول العالم قد ألغت عقوبة الإعدام أو جمّدت تنفيذها، لا تزال السلطات الإيرانية تستخدمها كسلاح للترهيب والسيطرة. وفي عام 2025، تصدّرت إيران مجددًا قائمة الدول المنفذة لأكبر عدد من الإعدامات، حيث أكدت تقارير دولية، من بينها تقارير منظمة العفو الدولية، أن حصيلة الإعدامات في البلاد تجاوزت الألف حالة مع نهاية سبتمبر.

أرقام صادمة لعام 2025
تشير الإحصاءات الموثقة إلى تصاعد حاد في وتيرة تنفيذ الإعدامات شهراً بعد شهر، إذ بلغ عددها حتى نهاية سبتمبر ما لا يقل عن 1176 عملية إعدام. وبمتوسط يتجاوز 120 إعدامًا شهريًا، احتلت إيران المرتبة الأولى عالميًا بفارق شاسع عن غيرها.
وتُظهر البيانات أن أكثر من نصف الإعدامات نُفذت على خلفية قضايا مخدرات، في حين تعود نسبة أخرى كبيرة إلى جرائم القتل (القصاص) أو التهم ذات الطابع السياسي والأمني.

الضحايا: الفقراء والنساء والمعارضون السياسيون في دائرة الخطر
تحليل هوية من طالتهم أحكام الإعدام في 2025 يكشف نمطًا تمييزيًا ممنهجًا، إذ تستهدف العقوبة بالدرجة الأولى الفئات الأضعف في المجتمع.

النساء: أُعدمت ما لا يقل عن 39 امرأة هذا العام، كثيرات منهن من أسر فقيرة أو ضحايا للعنف الأسري. وغالبًا ما تجاهلت المحاكم أدلة الدفاع عن النفس أو الظروف المخففة المرتبطة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.
السجناء السياسيون: لا يزال إعدام المعارضين السياسيين من أكثر جوانب هذه الأزمة إثارة للقلق. فقد تم في 2025 إعدام ثلاثة سجناء سياسيين – بهروز إحساني، مهدي حسني، ومهران بهراميان – بتهم فضفاضة مثل “المحاربة” و”البغي”. كما ينتظر ما لا يقل عن 17 سجينًا سياسيًا آخر تنفيذ الحكم، معظمهم متهمون بدعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI).
الأقليات القومية: يعاني أبناء الأقليات – من أكراد وبلوش وعرب ولور – من استهداف مضاعف، إذ تشير البيانات إلى أنهم يشكلون أكثر من ثلث المعدومين في 2025، ما يعكس تمييزًا هيكليًا متجذرًا في النظام القضائي الإيراني.
الإعدامات كسياسة دولة
تُنفذ عمليات الإعدام في مختلف أنحاء إيران، غير أن ثلاثة سجون رئيسية تُعد مراكزها الأساسية: قزل حصار (كرج)، وكيل آباد (مشهد)، وعادل آباد (شيراز).
وتشير المؤشرات إلى أن عقوبة الإعدام لم تعد مجرّد إجراء قضائي، بل تحولت إلى أداة رسمية لبث الخوف وترسيخ السيطرة.
وتتعامل السلطات مع الإعدامات باعتبارها “قضايا أمنية”، فتُخفي معظم المعلومات المتعلقة بها، إذ لا يُعلن رسميًا سوى عن نحو 5% فقط من الحالات. وفي كثير من الأحيان لا تُبلغ عائلات الضحايا إلا بعد تنفيذ الحكم وتسليم الجثث، في انتهاك صارخ لمبادئ العدالة والشفافية.
إدانات دولية واسعة
أثارت موجة الإعدامات في إيران استنكارًا واسعًا من جانب شخصيات وهيئات أممية ودولية:
فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وصفها بأنها “أداة لإرهاب الدولة”، مؤكدًا أن “عقوبة الإعدام لا تجلب الأمن ولا تحقق العدالة، بل تسلب الإنسان كرامته”.
ماي ساتو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ذكرت في تقريرها الصادر في سبتمبر 2025 أن “أكثر من ألف شخص أُعدموا في أقل من تسعة أشهر – وهو رقم غير مسبوق في التاريخ الحديث لإيران”.
منظمة العفو الدولية حذّرت من أن ما يحدث يمثل “اعتداءً صارخًا على الحق في الحياة”، مطالبة بوقف فوري لجميع الإعدامات.
دعوة عاجلة للتحرك
تحولت الإعدامات في إيران عام 2025 إلى أداة قمع ممنهجة تخدم أهداف النظام في السيطرة على المجتمع. ويُعد هذا العام الأكثر دموية منذ ثلاثة عقود.
وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وانسجامًا مع دعوات الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، يُطالب المجتمع الدولي بما يلي:
الوقف الفوري لجميع الإعدامات.
إلغاء أحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين وسجناء الرأي.
إنهاء الإعدامات المرتبطة بجرائم المخدرات.
ضمان المحاكمات العادلة والشفافية القضائية.
وضع حد للتمييز ضد النساء والأقليات القومية.
إن الصمت أمام هذه الجرائم يعد تواطؤًا في انتهاك أقدس حقوق الإنسان – الحق في الحياة. وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك الآن قبل فوات الأوان.








