تقرير ميداني من طهران يكشف انهيار القوة الشرائية وتفاقم انعدام الأمن الغذائي
موقع المجلس:
أظهر تقرير ميداني حديث لصحيفة “هم ميهن” الإيرانية صورة قاتمة للوضع المعيشي في العاصمة طهران، حيث تتراجع القدرة الشرائية إلى مستويات غير مسبوقة، وتتزايد معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي بشكل حاد.
ففي مسح شمل ثماني مناطق من العاصمة – بينها المناطق 6، 10، 11، 12، 16، 17، 18 و19 – كشفت الصحيفة أن الأسر الإيرانية تقلص استهلاكها من اللحوم، ومنتجات الألبان، والبقوليات، وحتى البيض، فيما أغلقت بعض محلات الجزارة أبوابها لغياب الزبائن.

من لحم البقر إلى أذناب الدجاج
بحسب التقرير، أدى الارتفاع الكبير في الأسعار إلى تغيّر جذري في أنماط الاستهلاك. ومع تجاوز سعر كيلوغرام لحم البقر 900 ألف تومان في أوائل أكتوبر، انخفضت المبيعات بنسبة 30 إلى 40 بالمائة.
وبات كثير من الإيرانيين يشترون أذناب الدجاج أو نصف صدر دجاجة أو حتى قطعة صغيرة من الفخذ لتغطية احتياجاتهم الغذائية بأقل تكلفة ممكنة.
وقال أحد الجزارين في المنطقة 11: “الزبائن الذين يملكون كوبونات تموينية يفضلون شراء الأرز والزيت بدلاً من اللحوم، لأن حتى كمية صغيرة من اللحم تستنزف كامل الكوبون”.
وأضاف أن بعض الزبائن “يخلطون اللحم مع الدهن لتقليل التكلفة، بينما توقف آخرون عن شرائه نهائياً”.
البيض والبقوليات: شراء بالوحدة والنصف كيلو
لم تسلم المواد الغذائية الأخرى من الغلاء، إذ وصل سعر كرتونة البيض إلى 200 ألف تومان، مما دفع كثيرين إلى شراء البيض بالوحدة بدلاً من الكرتونة.
وقال أحد أصحاب المتاجر للصحيفة: “الزبون الذي كان يشتري ثلاث كراتين أصبح يأخذ خمس بيضات فقط، ومن بين كل عشرين زبوناً ربما واحد فقط يشتري كرتونة كاملة”.
الأمر ذاته ينطبق على البقوليات التي ارتفعت أسعارها إلى مستويات قياسية؛ فقد بلغ سعر الفاصوليا المرقطة 700 ألف تومان للكيلوغرام، وأصبحت الحمص الخيار الأرخص.
وقال أحد البقالين إن “الزبائن الذين كانوا يشترون 100 كيلوغرام من الأرز باتوا يكتفون بكيس واحد فقط”.
تراجع استهلاك الألبان… والخبز يملأ الفراغ
أما منتجات الألبان فقد أصبحت بعيدة المنال لغالبية الأسر.
يقول بائع ألبان: “الزبون الذي كان يشتري ثلاثة كيلوغرامات من جبن ليقوان، أصبح يأخذ ما قيمته 40 ألف تومان من جبن منخفض الجودة. الحليب لا يُشترى إلا نادراً، والزبدة تُباع بالغرام”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطلب على القشطة والحليب تراجع بشدة، حتى أن كثيراً من المنتجات تبقى في الثلاجات حتى انتهاء صلاحيتها.
في المقابل، ارتفع استهلاك الخبز ليصبح المصدر الرئيسي للسعرات الحرارية، وهو ما وصفه التقرير بأنه “طعام لملء المعدة، لا للتغذية”.
من طبقة متوسطة إلى مجتمع على حافة الجوع
تخلص “هم ميهن” إلى أن إيران، التي كانت تُعد مجتمعاً متوسط الدخل، تواجه اليوم أزمة غذائية عميقة جعلت “التغذية نفسها امتيازاً”.
فمع التضخم المتصاعد، وجمود الأجور، وسوء الإدارة الاقتصادية، يجد ملايين الإيرانيين أنفسهم عاجزين عن تأمين أبسط احتياجاتهم الغذائية.
وباتت موائدهم الخالية من البروتين والفاكهة رمزاً ملموساً لمدى انهيار الاقتصاد الإيراني وانعكاساته القاسية على الحياة اليومية.








