موقع المجلس:
في ایران تحت حکم الفاشیة الدینیة الحاکمة في ایران هنك وحوش تنفذ أوامر الاستبداد، وسُجلت أسماؤهم في الذاكرة التاريخية للأمة كرموز للجريمة والعنف. هؤلاء، الذين كان من المفترض أن يكونوا حماة للقانون والعدالة. لذلك سمی هؤلاء ب “قضاة الموت” من جانب الشعب الایرانی. لذلك إن “قضاة الموت” ليس مجرد لقب، بل هو عنوان دقيق وصم به الشعب الإيراني تلك الوجوه السوداء في جهازه القضائي، التي شاركت بشكل مباشر في تعذيب السجناء السياسيين وسجناء الرأي، وأصدرت آلاف أحكام الإعدام والسجن المشدد.
ففي أحلك عقود تاريخ إيران المعاصر، لم تكن السلطة القضائية ملاذاً للمظلومين أو أداة لتحقيق العدالة، بل تحولت إلى واحدة من أعتى أذرع القمع للنظام الديني الاستبدادي. إن السلطة القضائية، التي كان يجب أن تكون ضامنة للعدالة والحرية والكرامة الإنسانية، أصبحت على مدى أكثر من أربعة عقود ساحة لغياب القانون والعنف الممنهج؛ مكان لم يعد فيه القاضي ممثلاً للقانون، بل مجرد منفذ أعمى لأوامر الولي الفقيه. هؤلاء القضاة لم يلتزموا بضمير أو شرف مهني، ولا حتى بنصوص القوانين الداخلية والدولية. فمن عقد الثمانينيات الدموي، إلى محاكم اليوم الصورية؛ ومن خلخالي ولاجوردي إلى رئيسي وصلواتي، نُسج سجل حافل بالدم والكراهية في نسيج هذا النظام القضائي.
إن صادق خلخالي يتصدر قائمة قضاة الموت. فبعد ثورة 1979، أصدر أحكام إعدام بحق العشرات والمئات في جميع أنحاء إيران دون محاكمة عادلة أو محامٍ وفي غضون دقائق معدودة. وبعد سنوات، جلس القاضي صلواتي، الوريث المباشر لنفس هذا التقليد القضائي العنيف، على منصة القضاء وأدار قضايا ثقيلة ضد الطلاب والصحفيين والمحتجين السياسيين؛ قضايا لم تسفر في كثير من الأحيان إلا عن أحكام سجن طويلة الأمد أو إعدام.
وفي عقد الثمانينيات، ارتبطت أسماء العديد من قضاة الموت بذبح شباب هذا الوطن. أسماء مثل أسد الله لاجوردي، المعروف بـ”جلاد إيفين”، ومحمدي گيلاني، حاكم الشرع ومدعي عام الثورة، أصبحت رموزاً للعنف والقمع. كان لاجوردي يعذب السجناء بيديه، ويجبرهم على اعترافات قسرية، ويسوق الكثيرين مباشرة إلى الإعدام. أما گيلاني، فلم يرحم حتى أبناءه الذين أُعدموا بسبب نشاطهم السياسي.
إن مجزرة السجناء السياسيين في صيف عام 1988، هي واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ إيران المعاصر. وقد نُفذت هذه المجزرة بأمر من الخميني وعلى يد عدد من قضاة الموت. حيث حُكم بالإعدام على آلاف السجناء، الذين كان الكثير منهم قد أنهى فترة محكوميته، لمجرد إصرارهم على معتقداتهم، وذلك على يد “لجان الموت” التي ضمت حسين علي نيري، وإبراهيم رئيسي، ومصطفى بورمحمدي، ومرتضى إشراقي، في محاكمات لم تستغرق سوى دقائق معدودة.
واستمر هذا النهج في العقود اللاحقة مع ظهور وجوه جديدة من قضاة الموت. شخصيات مثل سعيد مرتضوي، المعروف بـ”جزار الصحافة”، دمرت حرية التعبير بإغلاق الصحف وقمع الصحفيين. كما أن دوره في فظائع معتقل كهريزك ليس خافياً على أحد. والقاضي حسن مقيسه، الذي أصدر أحكاماً قاسية ضد محتجي عام 2009. وعلي رازيني، الذي كان أحد العوامل الرئيسية في استمرار أجواء الرعب بإصدار أحكام إعدام سريعة في محاكمات فورية.
إن السلطة القضائية في إيران لم تكن يوماً “مستقلة” أو “محورها العدالة”. ففي هذا النظام، تحولت مؤسسة القضاء منذ البداية إلى ذراع تنفيذي للقمع الحكومي بدلاً من أن تكون سنداً للمظلومين. لقد تم التضحية بمبدأ استقلال القضاء لصالح مبدأ “ولاية الفقيه”؛ وهو المبدأ الذي يجعل من رأي ونظر المرشد الأعلى فوق أي قانون. هذا الهيكل يُعرّف القاضي ليس كحكم محايد، بل كمنفذ للأوامر الأمنية والدينية للحكم. وقد أدى ذلك إلى تشكيل محاكم صورية، وأحكام محددة سلفاً، وإجراءات لا يملك فيها المتهمون فرصة للدفاع أو الوصول إلى محامٍ مستقل.
ورغم أن بعض قضاة الموت قد لقوا حتفهم، مثل إبراهيم رئيسي الذي قُتل في حادث تحطم مروحية، أو لاجوردي ورازيني ومقيسه الذين قُتلوا، فإن هذا قد يمثل جزءاً من العدالة التاريخية، لكن بالنسبة للشعب الإيراني، ستبقى الجراح مفتوحة طالما أن بقية مرتكبي الجرائم لا يزالون في السلطة.
إن التاريخ لا ينسى ولا يغفر. وعلى الرغم من أن جهاز العدالة في إيران قد تحول لعقود إلى أداة للقمع، وأن مرتكبي الجرائم تمت ترقيتهم إلى مناصب رئيسية بدلاً من محاكمتهم، إلا أن هذا الوضع لن يدوم. إن الشعب الإيراني وعائلات ضحايا جرائم العقود الماضية يطالبون بمحاكمة علنية ودولية لجميع أولئك الذين، بصفتهم قضاة أو محققين أو مديري سجون، أصبحوا أدوات للقتل والتعذيب بدلاً من تطبيق القانون. وهذا المطلب ليس انتقاماً، بل هو إحقاق للحق وتطبيق للعدالة التي هي أساس أي مجتمع إنساني حر وسليم. وفي مستقبل ليس ببعيد، سيفتح نظام قضائي شفاف وشعبي ومستقل ملف جرائم قضاة الموت هؤلاء. وفي ذلك اليوم، لن يفلت أي قاضٍ أو جلاد من المساءلة.