بقلم – موسى أفشار:
إن الفاشية الدينية الحاكمة في إيران اليوم لا تمثل فقط تهديداً للشعب الإيراني، بل هي أحد أخطر التهديدات للسلام والأمن العالميين، وخاصة في الشرق الأوسط. فهذا النظام، من خلال أنشطته العسكرية المدمرة، وقمعه الداخلي، وانتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان، وإشعاله للحروب، وسعيه لامتلاك السلاح النووي، لم يبقِ الشعب الإيراني في فقر وبطالة وقمع فحسب، بل عرض استقرار المنطقة والعالم للخطر.
وفي مواجهة هذه الفاشية الدينية، تقف مقاومة منظمة وشاملة، تعود جذورها إلى الثورة الدستورية قبل أكثر من قرن، والتي كانت أول ثورة ديمقراطية في آسيا. وقد تطورت هذه التطلعات الديمقراطية عبر تاريخ نضالي طويل، وتجسدت في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي تأسست قبل ستة عقود. هذه المنظمة، بتفسيرها التقدمي والمتسامح للإسلام والتزامها بفصل الدين عن الدولة، تناضل من أجل حرية واستقلال وسيادة الشعب الإيراني. لقد وقفت في وجه ديكتاتورية الشاه، وبعد وصول خميني إلى السلطة، تحولت إلى القوة الرئيسية للمقاومة ضد الفاشية الدينية. وإن التضحيات التي قدمتها هذه المنظمة، من إعدام مؤسسيها على يد نظام الشاه إلى مجزرة أعضائها على يد نظام الخميني، هي شهادة على التزامها بقضية الحرية.
لقد حققت المقاومة الإيرانية إنجازات كبيرة في نضالها ضد النظام. ومن أهم هذه الإنجازات، كشف المشاريع النووية والمواقع السرية للنظام، مما حال دون حصوله على القنبلة الذرية. كما كانت هذه المقاومة رائدة في الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، والدفاع عن حقوق القوميات المضطهدة، والمساواة بين المرأة والرجل. فمنذ أكثر من ثلاثة عقود، تولت النساء مسؤوليات قيادية في هذه الحركة، وألهمن النضال من أجل الحرية في إيران والمنطقة.
وعلى الصعيد السياسي، يُعد تشكيل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كتحالف ديمقراطي، أكبر إنجاز لهذه الحركة. فهذا المجلس، الذي يضم في عضويته شخصيات من مختلف التوجهات السياسية وأكثر من نصف أعضائه من النساء، يقدم برنامجاً تقدمياً لمستقبل إيران. تشمل هذه الخطة الحريات الأساسية، والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل، والحكم الذاتي للقوميات، وفصل الدين عن الدولة، وإلغاء عقوبة الإعدام، والالتزام بإيران غير نووية ومسالمة. إن المجلس الوطني للمقاومة لا يقدم فقط بديلاً ديمقراطياً للديكتاتورية، بل هو أيضاً ضمانة للوحدة الوطنية ومنع الفوضى بعد إسقاط النظام.
وقد لعبت المقاومة الإيرانية دوراً محورياً في الانتفاضات الشعبية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. وقد اعترف رئيس برلمان النظام الحالي بهذا الدور، قائلاً إن هذه المقاومة هي التي تتولى تنظيم الاحتجاجات. إن الانتفاضات المتتالية تُظهر الغضب والسخط العميقين لدى الشعب الإيراني وعزمه على إسقاط النظام. وإن النظام، الذي يجد نفسه محاصراً بهذا السخط، يعتبر المقاومة أكبر تهديد لوجوده.
لقد كان ثمن هذه المقاومة باهظاً. فالنظام لم يتوانَ عن استخدام أي وسيلة لقمع هذه الحركة، من المجازر وحملات الشيطنة إلى القمع الوحشي. وقد أعلن خميني وخامنئي أن أعضاء هذه الحركة مهدور الدم، ويعتبرون حتى المشاركة في مظاهرات مجاهدي خلق في الخارج جريمة. وحالياً، يقبع العديد من أعضاء وحدات الانتفاضة في السجون، وبعضهم تحت أحكام الإعدام.
إن الحل لمواجهة تهديد النظام الإيراني هو إسقاطه على يد الشعب والمقاومة المنظمة. وتتضمن هذه العملية تشكيل حكومة انتقالية لمدة أقصاها ستة أشهر، ثم إجراء انتخابات لمجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد. إن المجلس الوطني للمقاومة لا يسعى للاستيلاء على السلطة، بل لنقلها إلى الشعب الإيراني. نعم، إن هذه المقاومة، بكوادرها الفدائية التي تم اختبارها، ووحدات الانتفاضة المنتشرة في جميع أنحاء إيران، وبامتلاكها لبديل ذي مصداقية يحظى باعتراف ودعم عالميين، وبرنامج من عشر نقاط لإيران الغد، هي كنز الشعب الإيراني لتحقيق جمهورية ديمقراطية. وهذه الجمهورية ستقوم بلا شك على أنقاض الفاشية الدينية بانتخابات حرة يشارك فيها الشعب الإيراني.