موقع المجلس:
لجأت السلطة القضائية في ایران والتي تخضع لأمر الولي الفقيه، فجأة إلى فكرة “إعادة تعريف التجسس”، بهدف خلق أقصى درجات الرعب والقمع في المجتمع. حیث یأتي هذا بعد انتهاء الحرب، و بدأ الخوف الحقيقي لنظام الملالي من الطاقة الكامنة في غضب الشعب الإيراني ورغبته في الإطاحة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: في أي مكان في العالم وفي أي قانون، تمارس السلطة القضائية حكماً سياسياً بهذه الطريقة؟
لقد أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية مؤخراً أن “التعريف الحالي للتجسس في القوانين عام جداً ولا يشمل العديد من مصاديق الأحداث الحالية”، وأن القضاء يواجه “قيوداً” في محاكمة المعتقلين. ولهذا السبب، تم اقتراح خطة جديدة لـ “فتح أيدي السلطة القضائية والأجهزة الأمنية للتعامل مع المتسللين والجواسيس”. إن المضمون الحقيقي والمعنى الخفي لهذه التصريحات هو أن العدو الأكبر لنظام الملالي ليس إسرائيل أو أمريكا، بل هو الشعب الإيراني نفسه.
إن اللجوء إلى هذه الحيلة في الظروف الاستثنائية الحالية يهدف إلى منح السلطات يداً مطلقة في توجيه الاتهامات وتلفيق القضايا والأدلة ضد المواطنين والسجناء، لتحويل القانون إلى أداة للترهيب والانتقام والجريمة. يريد جهاز قضاء الجلادين، من خلال هذا التعريف الجديد للتجسس، أن يلفق تهماً جديدة للسجناء السابقين لتحقيق أهدافه المعادية للإنسانية. وقد تم بالفعل تطبيق هذا النهج، حيث تم إعدام عتال كردي (كولبر) كان قد اعتُقل في الماضي، بعد أن تم شموله بأثر رجعي بتعريف قانون التجسس الجديد.
إن اختلاق قانون جديد كأداة للترهيب والجريمة في الظروف الحالية ليس مجرد استعراض فارغ للقوة، بل هو في جوهره يعكس خوف ورعب النظام من مجتمع يتربص بالفرصة لإسقاط الولي الفقيه والإطاحة بالعصابة التي تحتل إيران. ويجب الانتباه إلى الخصائص التي اتسم بها المجتمع الإيراني خلال حرب الأيام الاثني عشر وبعد وقف إطلاق النار، والتي دفعت بالنظام إلى هذا المستوى من الهستيريا في القمع والانتقام. هذه الخصائص تشمل: عدم دعم أغلبية الشعب الإيراني للنظام بسبب كراهيتهم له، وتطلعهم ورغبتهم في تحقيق إسقاط النظام، وضعف النظام بشكل لا يقارن بما كان عليه قبل الحرب.
إن لجوء النظام إلى خلق أقصى درجات الرعب عبر أقصى درجات الجريمة – كما حدث في حالات مماثلة على مدى أكثر من أربعة عقود – لن يؤدي إلا إلى تفاقم الكراهية والبغضاء الاجتماعية تجاهه، وسيدفع المجتمع نحو تسريع ضرورة الإطاحة به. والمبدأ الهام في الظروف الحالية هو أن النظام أصبح في طريق مسدود سياسياً واجتماعياً في مواجهة الشعب الإيراني؛ فهو يخشاه، وفي نفس الوقت، فإن لجوءه إلى “إعادة تعريف التجسس” كذريعة للإجرام، يهيئ المجتمع للانتفاضة والثورة. ولهذا، فإن آثار تشديد القمع والترهيب ستنعكس حتماً على داخل النظام نفسه، وستسرع من انهيار بنيته الداخلية أكثر من أي وقت مضى. لقد أدرك الولي الفقيه وغرف تفكير النظام جيداً أن المجتمع قد خرج بتجربة واحدة، وهي ضرورة التنظيم لضمان تحقيق الإسقاط.