منشأ نووي ایراني
الحوار المتمدن-سعاد عزيزکاتبة مختصة بالشأن الايراني:
أعوام طويلة أمضتها البلدان الغرربية في التفاوض ووالتواصل مع نظام الملالي وخلالها إتبعت سياسة الاسترضاء والمسايرة معه معتقدة بأنه من الممکن إحتواء هذا النظام وجعله يستجيب للشروط والمطالب الدولية ويصبح نظاما يمکن التعايش معه، لکن وفي النتيجة أتضح بأن کل الجهود ذهبت هباءا وإن نظام الملالي ليس قد إستجاب لبعض من المطالب الدولية بل وحتى إنه قد تمادى وأثبت بأنه نظام شرير عدواني لا يمکن أبدا التعايش معه.
طوال کل تلك الاعوام عمل نظام الملالي على إنتهاج اسلوب مبني على الکذب والخداع والمراوغة والمماطلة والتسويف من حيث التعامل مع البلدان الغربية ولاسيما في مجال الملف النووي وتدخلاته في بلدان المنطقة، وکان الواضح جدا هو إنه يسعى من أجل کسب الوقت وتخفيف العقوبات أو رفعها أو إرجائها، وهذا ما قد حذرت منه المقاومة الايرانية على الدوام مٶکدة بأن خيار التفاوض مع هذا النظام والسعي من أجل إسترضائه هو خيار فاشل ويصب في صالح النظام فقط والاخطر من ذلك إنه يٶثر سلبا على النضال الذي يخوضه الشعب والمقاومة الايرانية من أجل الحرية وإسقاط النظام.
بسياق يتفق تماما مع ما قد سردنا ذکره، وفي مقال تحليلي نشرته صحيفة “ديلي إكسبرس” البريطانية، دعت مجموعة من كبار المسؤولين والسياسيين الأوروبيين السابقين، من بينهم رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفشتات، ووزراء ألمان وبريطانيون سابقون، إلى تغيير جذري في سياسة الغرب تجاه إيران. يؤكد المقال، الذي يستند إلى ورقة عمل سياسية أعدها هؤلاء المسؤولون، أن استراتيجية “احتواء” النظام الإيراني قد فشلت، وأن اللحظة حاسمة للتحول من محاولة استرضاء النظام إلى ممارسة أقصى درجات الضغط عليه ودعم المعارضة الديمقراطية الإيرانية بشكل فعال.
ووفقا للمقال، حافظ نظام الملالي على قبضته على السلطة لأكثر من أربعة عقود عبر استراتيجية مزدوجة: القمع الداخلي الوحشي والتوسع الإقليمي العدواني. ويشير الكاتبون إلى أن إيران تتصدر دول العالم في عدد الإعدامات نسبة لعدد السكان، وهي الدولة الوحيدة التي تعدم القاصرين بشكل قانوني. وبحسب المقال، فقد تم إعدام أكثر من 1300 شخص منذ تولي مسعود بزشكيان الرئاسة، من بينهم أكثر من 30 امرأة وعدد من الأحداث. يرى المقال أن هذه الأرقام ليست مجرد تجاوزات، بل استراتيجية متعمدة لإخماد أي صوت معارض، خاصة النشطاء السياسيين المرتبطين بالمعارضة المنظمة.
أما على الصعيد الخارجي، فإن المقال يٶکس أن النظام يعتمد على تصدير أيديولوجيته وتأمين عمق استراتيجي عبر الميليشيات الوكيلة، من حزب الله في لبنان إلى الجماعات المسلحة في العراق وسوريا واليمن. كما يسلط الضوء على أن إرهاب النظام لم يعد محصورا في الشرق الأوسط، بل امتد إلى العواصم الأوروبية عبر محاولات اغتيال وهجمات ضد المعارضين، مثل محاولة اغتيال النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي، أليخو فيدال كوادراس، الداعم البارز للمعارضة الإيرانية.
وترفض الصحيفة بشدة الفكرة التي روج لها النظام لعقود بأنه “لا يوجد بديل قابل للتطبيق”، وتصفها بأنها “معلومات مضللة” خدمت سياسة الاسترضاء. ويؤكد المقال على أن هناك قوة سياسية منظمة ومنضبطة داخل إيران، تتمثل في “وحدات الانتفاضة” التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية ، والتي نجحت في استدامة موجة الاحتجاجات في جميع محافظات إيران الـ 31 منذ انتفاضة سبتمبر 2022.