رئيس نظام الملالي مسعود بزشكيان
موقع المجلس:
يبدو أن حكومة مسعود بزشكيان قد انتهجت سياسة جديدة في مواجهة الأزمات: الهروب إلى الأمام عبر إلقاء اللوم على المواطنين. فبدلًا من الاعتراف بالفشل والبدء بإصلاح الهياكل الإدارية المتهالكة، يلجأ الرئيس وبعض وزرائه إلى لغة التجريح واتهام المواطنين بالإسراف، وهي سياسة لا تحل المشاكل بقدر ما تهدف إلى التغطية على العجز الحكومي.
قلب الحقائق: من أزمة الطاقة إلى قوت المواطنين
المقلق في هذا التوجّه هو أنه أصبح استراتيجية ممنهجة لأعلى أركان السلطة التنفيذية. فقد كرّر الرئيس مسعود بزشكيان شخصيًا في الأسابيع الماضية أن “الإيرانيين يستهلكون الغاز والكهرباء بمعدلات تفوق المتوسط العالمي بأضعاف”. هذا التصريح، وإن كان قد يحمل جانبًا من الدقة الإحصائية، إلا أنه يمثل قلبًا فاضحًا لحقيقة المشكلة. فواجب الحكومة ليس توبيخ الناس، بل إدارة الموارد وتحديث البنية التحتية المتهالكة لتحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك. يسعى بزشكيان من خلال ذلك إلى إخفاء فشل فريقه الاقتصادي والفني في إدارة أزمة الطاقة، وتحويل انتباه الرأي العام عن المطالب الحقيقية.
ولا يقتصر هذا النهج على الرئيس، فقد ادعى وزير الجهاد الزراعي في تصريح مماثل أن “استهلاك السكر والزيت النباتي في إيران يفوق المتوسط العالمي بمرة ونصف”. لكنه لم يوضح لماذا لم تتمكن وزارته، التي توصف بأنها “من أكثر المؤسسات الحكومية ترهلًا”، من معالجة أزمات وجودية مثل أزمة المياه، وتآكل التربة، وتدهور الإنتاجية الزراعية. فبدلًا من إصلاح منظومة الزراعة والثروة الحيوانية، اختارت الوزارة الطريق الأسهل: اتهام الشعب.
جيش من المديرين الفاشلين وإهانة الشعب
هذه الحلقة المفرغة لا تتوقف عند وزيرين، فالهيكل الإداري للحكومة أصبح أزمة بحد ذاته. على سبيل المثال، “تضم وزارة الاقتصاد وحدها 2600 مدير”، وهؤلاء المديرون لم تكن نتيجة عملهم تحسين الوضع الاقتصادي، بل “تصدير الأزمة إلى موائد المواطنين وحياتهم”. هؤلاء المسؤولون، الذين يشكلون عبئًا ماليًا ثقيلًا على المجتمع، هم أنفسهم من يدعون الناس بوقاحة إلى “الصبر والقناعة”، ويصفون أي مطالبة بحياة كريمة بأنها “بذخ وتبذير”.
أما الكارثة الحقيقية فتكمن في أن ضحايا سياسة الإذلال والخداع هذه ليسوا الطبقات المترفة أو أصحاب الامتيازات، بل الشرائح الفقيرة والأكثر هشاشة في المجتمع. هؤلاء المواطنون الذين يعانون من ارتفاع الأسعار وانقطاع الخدمات الأساسية، عليهم أيضًا أن يتحملوا “لغة التجريح من مسؤولين” لا يعرفون معنى الألم ولا يسعون لعلاجه. في هذا الهيكل المقلوب، “المواطنون لا يحملون عبء الأزمات على ظهورهم فحسب، بل يتم تصويرهم على أنهم المتهم الرئيسي فيها”.
تعميق الفجوة بين السلطة والشعب
إن ما شهدناه من حكومة بزشكيان حتى الآن لا يحمل أي مؤشر على إرادة حقيقية للإصلاح، بل هو مجرد إعادة إنتاج لسياسة “الإنكار والتحريف” البالية. عندما يجلس المديرون الفاشلون على كرسي القضاء ليحاكموا الشعب، لن يكون هناك أمل في أي تحسن سياسي أو اقتصادي، بل ستزداد “الفجوة العميقة بين السلطة والشعب” اتساعًا يومًا بعد يوم. وهي فجوة تتجسد في الشارع وفي قلب المجتمع الإيراني، ويبدو أن النظام برمته عاجز عن منع تعمّقها.