صورة للاحتجاجات في ایران- آرشیف
موقع المجلس:
جاءت التصريحات الأخيرة. أحمد علم الهدى، إمام جمعة مشهد وممثل خامنئي، بهشاشة نظام ولاية الفقيه وأزمته الهيكلية. حیث تأتي هذه التصریحات لتشكل اعترافاً غير مسبوق.
هذه الجملة، التي تبدو في ظاهرها تحذيراً لمؤيدي النظام، هي في جوهرها إقرار بأزمة الشرعية والضعف البنيوي الذي يعتري سلطة ولاية الفقيه في مواجهة وحدات الانتفاضة والاحتجاجات الاجتماعية.
الأساس الواهي: الربط العضوي بين “إيمان الشعب” و”إيمان القيادة”
يشترط علم الهدى، كغيره من قادة النظام، بقاء النظام بمبدأ ولاية الفقيه المعادي لإيران. ففي الأنظمة الحديثة، تُبنى الشرعية السياسية على المؤسسات المنتخبة والمساءلة والكفاءة، لا على رابط إيماني مع قائد ديني. لكن علم الهدى يصرح بوضوح أنه إذا ضعف إيمان الناس بخامنئي، فإن “الثورة [أي الفاشية الدينية] ستسقط في ساعة واحدة”. هذا القول ليس مجرد فرضية، بل هو اعتراف بإفلاس أيديولوجي متزايد، ويعكس انهياراً عقائدياً في أوساط شرائح المجتمع المختلفة.
خوفٌ عارٍ من كراهية المجتمع لولاية الفقيه
تفيض خطبة علم الهدى بالخوف والقلق من تصاعد الكراهية الشعبية تجاه خامنئي ونظام ولاية الفقيه. فهو يحذر من أن “العدو” يسعى إلى “سلب الإيمان من الناس”، لأنه في حال حدوث هذا الانفصال، فإن النظام سينهار “بسهولة”. هذه التحذيرات تنبع من الواقع الاجتماعي في إيران اليوم. فقد أثبتت الانتفاضات الواسعة في ديسمبر 2017، ونوفمبر 2019، والانتفاضة الوطنية عام 2022، أن “الإيمان” الذي يدعيه علم الهدى يفتقر إلى أي قاعدة اجتماعية، خاصة بين الشباب والنساء الذين شكلوا طليعة الاحتجاجات، والذين لا يرون في النظام مجرد كيان فاقد للشرعية، بل عائقاً أمام الحرية والديمقراطية والكرامة والتقدم.
الاعتراف بنقطة الضعف الهيكلية
يضيف علم الهدى: “إذا حُلّت هذه العقدة… سيصبح من السهل جداً إسقاط هذا النظام”. هذا الاعتراف يظهر بوضوح أن أسس نظام ولاية الفقيه لم تُبنَ على الاختيار الحر للشعب أو المؤسسات المستقرة، بل على فرض وإجبار عقائد رجعية. وهذه الآلية القسرية آخذة في التفكك الآن. في الواقع، لم يعد بقاء النظام يعتمد على الرضا الشعبي أو الكفاءة في الحكم، بل أصبح ممكناً فقط من خلال اللجوء إلى القمع والرقابة والسيطرة النفسية على الجماهير. وبمجرد أن يتحطم هذا الوهم، كما يتنبأ علم الهدى، سيبدأ انهيار النظام بشكل متسلسل كانهيار أحجار الدومينو.
المقاومة المنظمة وآفاق السقوط
في الوقت الذي يختزل فيه نظام ولاية الفقيه بقاءه كله في “عقدة إيمانية” وهمية، تمكنت المقاومة المنظمة من استهداف نقطة الضعف هذه على وجه التحديد. فخلال الانتفاضات الأخيرة، كانت شعارات مثل “الموت لخامنئي”، “الموت لمبدأ ولاية الفقيه”، و”هذه هي الرسالة الأخيرة، الهدف هو النظام بأكمله” تعبيراً عن استهداف الشعب الإيراني لكيان النظام برمته. لقد نجحت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ووحدات الانتفاضة، بالتركيز على المقاومة والتنظيم والتمهيد للانتفاضة، في تحريك محرك الوعي العام والثقة بالنفس الاجتماعية نحو رفض الفاشية الدينية بالكامل.
إن تصريحات علم الهدى، شأنها شأن تصريحات مسؤولي النظام الآخرين، ليست مجرد تحذير، بل هي كشف فاضح عن الهلع العميق داخل هيكل ولاية الفقيه؛ خوف لم يعد من الممكن إخفاؤه بالخداع واختلاق الأعداء. حقيقة المجتمع الإيراني اليوم هي أن نظام ولاية الفقيه يتراجع وينهزم في مواجهة مجتمع حيوي وواعٍ ومنظم يسير وفق استراتيجية وحدات الانتفاضة. إن “العقدة” التي يتحدث عنها علم الهدى قد حُلّت منذ زمن بعيد في عقول الناس. والمسألة الوحيدة المتبقية هي تحديد اليوم والساعة الموعودة لعبور المنعطف التاريخي الذي سيسقط النظام “في ساعة واحدة”، على حد تعبيره.