وزير طاقة النظام الإيراني و محاولة في تأمين الكهرباء!
موقع ا لمجلس:
اضحت سیاست اللجوء للعلاج بالاکاذیب من الاسالیب المتداولة بین رموز نظام الملالی لتبریرفشلهم في حل الازمات المستعصیة في البلاد.
لقد نشر موقع “عصر إيران التابع للنظام، في الرابع من يونيو/حزيران 2025 ، ادعاءً غريباً لوزير الطاقة في فريق بزشكيان، عباس علي آبادي، خلال اجتماع مديري العلاقات العامة لشركات قطاع الماء والكهرباء في البلاد. إن زعم الوزير بأن “رخص أسعار الكهرباء أدى إلى تشغيل مكيف هواء في كل غرفة من غرف المنازل تقريباً” لا يبدو في ظل الأوضاع الإيرانية الراهنة مجرد طرح غير واقعي ومضلل فحسب، بل يمثل محاولة لتبرير إخفاقات نظام خامنئي في إدارة أزمة الطاقة والتغطية على المشاكل الهيكلية التي يعاني منها اقتصاد البلاد. هذه الادعاءات، في سياق من السخط الشعبي العام والانهيار الاقتصادي، تتجاوز كونها زلة لسان، لتصبح مؤشراً على استراتيجية “العلاج بالأكاذيب” التي تنتهجها سلطة مفلسة للهروب من مسؤولياتها تجاه تحديات أعمق.
التحليل الإحصائي يفضح زعم “مكيف في كل غرفة”
بزعمه أن رخص الكهرباء أدى إلى تركيب مكيف في كل غرفة، قدم وزير طاقة بزشكيان صورةً مشوهة للواقع المعيشي للشعب. تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن متوسط استهلاك الكهرباء المنزلي في الصيف يبلغ حوالي 300 كيلوواط/ساعة شهرياً. بينما يمكن لمكيف هواء واحد قياسي (24000 وحدة حرارية بريطانية BTU) أن يستهلك بمفرده ما بين 600 إلى 800 كيلوواط/ساعة شهرياً. إذا افترضنا أن كل منزل يحتوي على ثلاث غرف في المتوسط، وفي كل غرفة مكيف يعمل، فإن استهلاك الكهرباء الشهري يجب أن يصل إلى ما بين 1800 و 2400 كيلوواط/ساعة. هذا الرقم يعادل 6 إلى 8 أضعاف متوسط الاستهلاك الفعلي. هذا التناقض الصارخ لا يظهر عدم تطابق ادعاء الوزير مع الواقع فحسب، بل يكشف عن طرحه المتعمد لتضليل الرأي العام.
علاوة على ذلك، فإن تعرفة الكهرباء في إيران، خاصة للمشتركين ذوي الاستهلاك المرتفع في المناطق الحارة، ليست رخيصة على الإطلاق. فمع تطبيق نظام الشرائح التصاعدية للغرامات، تصل تكلفة الكهرباء على الأسر ذات الاستهلاك المرتفع إلى 600 تومان لكل كيلوواط/ساعة وأكثر. هذه التعريفات تجعل استخدام أجهزة التبريد تحدياً اقتصادياً للعديد من الأسر، لا سيما في المناطق المحرومة. ويأتي ادعاء “رخص الكهرباء” في وقت تُظهر فيه التقارير الميدانية أن العديد من الأسر تتجنب حتى تشغيل مكيف واحد في ظل الحر القائظ.
الواقع الاقتصادي: مكيف الهواء حلم بعيد المنال
يتراوح سعر مكيف الهواء في السوق الإيرانية بين 30 إلى 80 مليون تومان، بينما يبلغ الحد الأدنى لأجور العمال في عام 2025 حوالي 8 ملايين تومان. بالنسبة للعامل، أو حتى لأسرة متوسطة الدخل، فإن شراء مكيف واحد يعني إنفاق راتب عدة أشهر. فكيف يمكن للأسر الإيرانية، التي يعيش جزء كبير منها تحت خط الفقر، أن تتمكن من تركيب مكيف في “كل غرفة”؟ إن ادعاء وزير طاقة بزشكيان ليس غير واقعي فحسب، بل هو إهانة سافرة للواقع المعيشي للشعب الذي يكابد التضخم الجامح، وتدهور القوة الشرائية، والفقر المتزايد.
الأبعاد السياسية: “العلاج بالأكاذيب” الوزاري والهروب من المسؤولية
لا يمكن اعتبار ادعاءات وزير طاقة بزشكيان مجرد هفوة إعلامية. فهذا الادعاء يندرج ضمن استراتيجية “العلاج بالأكاذيب” التي تتبعها السلطة المفلسة، والتي تحاول من خلال قلب الحقائق إلقاء اللوم في إخفاقاتها على عاتق الشعب. في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتعددة التي يواجهها النظام، يمكن لمثل هذه الادعاءات أن تخدم هدفين رئيسيين:
أولاً، تحميل الشعب المسؤولية: من خلال الادعاء بأن “رخص الكهرباء” أدى إلى استهلاك مفرط، تسعى السلطة لتبرير رفع أسعار الكهرباء وتشديد الضغط الاقتصادي على الناس. وذلك على الرغم من أن الانقطاعات المتكررة للتيار، وتهالك البنية التحتية للطاقة، وسوء إدارة الموارد، هي الأسباب الرئيسية لأزمة الكهرباء في البلاد.
ثانياً، صرف انتباه الرأي العام: في مرحلة بلغ فيها السخط الشعبي على أداء النظام ذروته، تأتي مثل هذه الادعاءات الواهية كمحاولة لتحويل انتباه الناس عن المشاكل الجذرية، كالفساد الهيكلي والعقوبات وسوء الإدارة، إلى قضايا هامشية.
أزمة الشرعية ومنحدر السقوط
تمر الحكومة بمرحلة انعدمت فيها ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة. الادعاءات غير الواقعية، كتلك التي أطلقها وزير طاقة بزشكيان، لا تساعد في حل الأزمة، بل تفضح إفلاس نظام خامنئي. يبدو أن النظام، الذي يرزح تحت ضائقة اقتصادية وسياسية، قد لجأ إلى “العلاج بالأكاذيب” ليكسب الوقت عبر تشويه الواقع. لكن هذا النهج، في وقت استنفدت فيه الموارد المالية وبلغت الشرعية السياسية الحضيض، لن يؤدي إلا إلى تسريع وتيرة السقوط. فالشعب الذي يعاني من الحر القاتل والفقر وفواتير الكهرباء الباهظة، لم يعد يحتمل هذه الأكاذيب المفضوحة.
فضيحة أخلاقية وسياسية
إن ادعاءات وزير طاقة بزشكيان بشأن “مكيف في كل غرفة” ليست مجرد كذبة صارخة من الناحية الإحصائية والاقتصادية، بل هي دليل على جهل وتجاهل قادة النظام لمعاناة الشعب. هذه المزاعم، إلى جانب الاستخفاف بمعيشة الناس، هي محاولة لتهيئة الرأي العام لسياسات اقتصادية أشد قسوة، كرفع تعرفة الكهرباء. ولكن في ظل مواجهة نظام خامنئي لأزمة شرعية وسخط واسع النطاق، لن تؤدي مثل هذه الأكاذيب إلا إلى إذكاء نار الغضب الشعبي. فالسلطة التي تلجأ إلى تحريف الواقع وتحميل الشعب المسؤولية بدلاً من حل المشكلات، إنما تسير على منحدر سقوط لا يمكن لـ”العلاج بالكذب” أن يوقفه.